رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

فلنتعلم من أردوغان السيئ


الاستغراق في النوم على مقاعد الثقة والاطمئنان والإرتكان إلى القوة بمعناها المادى ينتهى دوما بفزع مفاجئ كارثى النزعة، ولقد شهدنا هذا الأسبوع مواقف خارجية وأحداثا جلل، قد يستفد منه النظام المصرى ويتعلم دروسا عظيمة إن قام بتحليلها بدقة وعلم وتبصر وقليل من الموضوعية بعيدا عن إعلام الست بمبة الغجرية سيدة جيرانها أو مشاهديها، وبعيدا أيضا عن السادة الخبراء المعتادين الذين يتفنون في إلحاق الضرر بالنظام بتصويره كأفضل نظام في الدنيا وبرسم صورة مثالية خيالية عن الحياة في مصر.. بينما الدنيا والحياة تشير بالحقيقة المرة والتي يعرفها الجميع !


بالطبع الحدث الخارجى كان انقلاب تركيا قصير المدة والذي استغرق ست ساعات فقط.. نعم كان هناك انقلاب، حتى وإن كان أردوغان يتمناه، لكنه حدث ضده وقوى شوكته وخلق منه بطلا (قوميا) على عكس ما يعلنه من توجهه الإسلامى البعيد عن القومية والشعوبية والشوفونية العرقية.. لكنه حدث أن قام بعض جنرالات الجيش التركى بمحاولة انقلاب فاشلة اعتاد عليها هذا الجيش بعد أربع محاولات رسمية ناجحة من قبل!

تناول الإعلام المصرى الرسمى غير المسموع وشبه المجهول بشيء من التسفيه من خبر الانقلاب، بينما كانت الفضيحة الكبرى من الإعلام شبه الرسمى والذي تجلى في كوارث إعلامية قميئة!.. مثلا هناك من خرج ليقول إن هذا الانقلاب هو جزاء وعقاب رادع من الله سبحانه وتعالى لتركيا لأن (اللي يجيى على مصر ما بيكسبش! )... يا دى الفضايح ! هل هذا إعلام أم جلسة ستات عواجيز بلهاء يكايدن ويشمتن في جارتهن التي ابتليت بمصيبة ينتظرنها منذ زمن لسوء علاقات الجيرة بينهن !

نموذج آخر شديد الحماقة خرج ليؤكد أن ما حدث ليس بانقلاب انقلاب.. ولكنه ثورة قام بها الجيش مستنكرا كلمة انقلاب التي استخدمها اليمين الدينى وبخاصة الإخوان عند وصف أحداث 30 يونيو 2013... وهل هناك جيش يثور أيها الإعلامى اللوذعي! ثم تأتى أم الفضائح من بعض الجهلاء الذين كادوا أن يورطوا النظام المصرى في أحداث ليس لهم بها دخل مطلقا عندما لمحوا إلى عظمة مصر في التأثير على غيرها ولو من بعيد.. تلميح سمج وغبى ومتجاوز ولا يجب أن يقال حتى وإن كان فيه مقدار ذرة من الحقيقة!

ثم سبحان الله انقلب الحال في اليوم الثانى عندما شاهدوا بأعينهم عظمة الشعب التركى وهو يسقط الانقلاب فإذا بهم يصفون ما حدث بأنه تمثيلية.. نفس الفكر الذي اعتاد عليه كل مبرر أجوف في إصباغ نكهة المؤامرة حتى على شىء لا يخصه مصحوبا بشىء كبير من الهذيان والحماقة والتدنى والجهل.. فقط مكايدة وانحدار لمستوى شخصية (خالتى فرنسا) التي يستأجرها البعض لتجريس وسب من يرغبون..بالقطع أردوغان قام باستثارة جنرالات وقادة وحدات وضباط وصف جنود وجنود لكى ينقلبوا عليه فيقوم هو بقتلهم وسحلهم مع ما تيسر من ميليشياته ومن يرغب من الشعب !

ببساطة شديدة، سقط الانقلاب يا سادة لأن الشعب الذي جرب عقودا من الفشل مع نظام يقمع الديمقراطية، قارن بين أردوغان (السيئ) في مجال الحريات مع الأسوأ الذي لا يقبل بأى حرية سوى حرية الخلاعة في تركيا المسلمة.. سقط الانقلاب لانحياز الناس لحياتهم وللاقتصاد الذي انتعش على يد حكومة عبد الله جول وأردوغان ثم على بن يلدريم حتى تضاعف دخل المواطن التركى بنسب تتراوح ما بين 350 إلى 500 %... هذا هو ما أسقط الانقلاب !

أسقط الانقلاب الحياة المرفهة التي يحياها المواطن التركى الذي أصبحت بلاده رسميا من أقوى 20 اقتصادا يدير المال والعمال في العالم.. أسقط الانقلاب التعليم الذي ينفق عليه 111 مليار دولار أمريكى سنويا والذي يعد 5 أضعاف ميزانية التسليح في تركيا!

للأسف ما زال أمامنا الكثير جدا حتى ندرك أن التعليم والصحة والحريات العامة هي الأمن والأمان الحقيقى للحاكم قبل المحكوم وأن من ينافق السلطة وينبرى في إيهامها بأشياء غير موجودة، فإنه ينقلب عليها ويثير الفتنة ضدها ولكن من زاوية انقلاب الست بمبة وخالتى فرنسا..أفيقوا يرحمنا ويرحمكم الله وتعلموا من أردوغان السيئ والمعادى للنظام المصرى.
fotuheng@gmail.com
Advertisements
الجريدة الرسمية