إعلانات الأزهر وتجديد الخطاب الدينى
في عام 2004 تلقى الشعب المصرى صدمة كبيرة للغاية هبطت بمعنوياته من "سابع سما" إلى "سابع أرض" حيث خيم الإحباط والحزن على مصر بعد إعلان الـ«فيفا» عن الدولة الفائزة بتنظيم مونديال العالم 2010 والتي كانت تتنافس عليه مصر مع المغرب وجنوب أفريقيا فبعد تشغيل الأسطوانة المشروخة "لا منافس أمام «تاريخ وحضارة» مصر" وأن الفراعنة أسسسوا حضارة منذ 7 آلاف عام في الوقت الذي كانت فيه باقى الشعوب تلعب في الطين، وأن تنظيم مصر لكأس العالم مكسب لكأس العالم نفسه وليس مكسبا لمصر..
امتلأت الشوارع والحارات ومحال عصير القصب والفول والطعمية والقناة الخامسة والثامنة والصحف بحملات تأييد لمصر، ومع ظهور نتيجة التصويت ظهرت الفضيحة وحصلنا على صفر كبير لم نتعاف منه حتى الآن وأصبحنا مسخرة الأمم بسببه وعندما كان يتحدث البعض عن ضرورة توجيه الخطاب الإعلامي والإعلانى للخارج وليس للداخل فأعضاء الـ«فيفا» لا يشربون عصير القصب ولا يشاهدون القناة الخامسة كان جنرلات المقاهى يردون "إيه فهمك في كأس العالم".
ويبدو أن الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف قرر أن يسترجع الذكريات فقرر أن ينفذ حملة لتجديد الخطاب الدينى على طريقته.. حملة يخرج فيها تجديد الخطاب الدينى من تقليديته المأثورة والمساجد والزوايا الضيقة لرحابة الهواء الطلق وأسطح العمارات والكبارى ليتحدث عن أروقة الأزهر التي تواجه التطرف ودوره الوسطى في مواجهة العنف وتاريخه في خدمة قضايا الدين..
جميل جدا.. فجميع المصريين يعرفون قيمة ومكانة الأزهر ويحفظون شيوخه الأجلاء الراحلين فإعلانات الطرق و"الأوت دور" لن تجدد الخطاب الدينى ومنافسة نجوم رمضان في المساحات الإعلانية لن تجعل الغرب يغير الصورة الخاطئة التي تكونت لديه عن الإسلام عبر السنين، فمع كل حادث إرهابى جديد يقع في دولة أوروبية لا يحتاج الغرب انتظار معرفة هوية الانتحارى فلديهم قناعة كاملة أنه عربى مسلم فالإسلام أصبح مرادفا للإرهاب في قناعتهم.
ونحن كعرب ومسلمين نخسر كثيرا من صورة الإسلام الخاطئة في الغرب، نخسر استثمارات وسياحة وعلاقات جيدة وغيره من الخسائر المباشرة وغير المباشرة.. تجديد الخطاب الدينى ومخاطبة الغرب بطريقة تفكيرهم والذهاب إليهم لتصحيح الصورة ليست ترفا أو مضيعة للوقت، فهى مسئولية الأزهر بشكل كامل وليس مسئولية أي جهة أخرى.
حملة الأزهر الشريف التي شاهد الجميع إعلاناتها في الشوارع وعلى أسطح العمارات وفى الطرق السريعة تكلفت أكثر من 30 مليونا، أعتقد أن سكان العشوائيات والمرضى الذين تمتلئ بهم شاشات التليفزيون كانوا أولى بهذه الأموال عن مخاطبتهم بدور الأزهر وأروقته وشيخه الجليل!