رئيس التحرير
عصام كامل

النص الكامل لدعوى إلزام الدولة بوقف بناء سد النهضة الإثيوبي

 سد النهضة الاثيوبى
سد النهضة الاثيوبى

أقام على أيوب المحامى، دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة طالب فيها بإلزام الدولة بوضع حل لأزمة سد النهضة الإثيوبي، وتشكيل لجنة فنية لدراسة الأزمة، ومواجهة قيام إثيوبيا بناء السد ووقفه، بموجب الاتفاقيات الدولية.

واختصمت الدعوى كلًا من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزيري الري والمواد المائية والخارجية.

وطالبت الدعوي بإلزام الجهة الإدارية بإصدار قرار بتشكيل لجنة فنية لدراسة أزمة تغير مجري نهر النيل وبناء السد الإثيوبي على أن تكون في هذه اللجنة، لجنة قانونية على مستوى الخبراء الدوليين في القانون الدولي وفي المفاوضات الدولية لرصد كافة الانتهاكات التي اتبعتها إثيوبيا واتخاذ موقف قانوني دولي لحل هذه الأزمة مع ما يترتب من ذلك من آثار أخصها: " قيام اللجنة القانونية باستخدام الاتفاقيات الدولية لزيادة حصة مصر من مياه النيل حتى لا تتعرض مصر للعطش والمجاعة".

كما طالبت الدعوي مواجهة قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة الذي أعلنت عنه باتفاقية الأمم المتحدة لتنظيم استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية لعام 1997" الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة" أسوة بما حدث في عام 1997 حينما لجأت محكمة العدل الدولية إلى هذه الاتفاقية الإطارية عند نظر قضية نهر الدانوب وكذلك سبق وأن لجأت قطر لاستخدام هذه الاتفاقية في خلافها مع البحرين على بعض جزر الخليج العربي لأن هذه الاتفاقية تضمن لمصر حقوقها التاريخية في مياه النيل.

وأيضَا طالبت الدعوي باللجوء إلى المنظمات الإقليمية، واللجوء للاتحاد الأفريقي وفقًا للمواد الثالثة والرابعة والسادسة من ميثاق الاتحاد، وكذلك عرض الأمر على المحكمة الأفريقية طبقا لنصوص موادها، وأيضا عرض الأمر على مجلس السلم والأمن الأفريقي التابع للاتحاد الأفريقي، واللجوء إلى جامعة الدول العربية كي تتخذ موقفا ايجابيا من ذلك بقرار يمثل ثقلا سياسيا على إثيوبيا يمكن استخدامه في الضغط الدولي عليها لكي تمتنع عن البدء في إنشاء سد النهضة، نظرًا للأضرار التي ستصيب مصر.

كما طالبت الدعوي باللجوء إلى الأمم المتحدة سواء إلى مجلس الأمن طبقا للمادة "24" من ميثاق الأمم المتحدة أو طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية لبيان مدى مشروعية حق إثيوبيا في أشاء سد النهضة أم لا؟ وبيان حقوق مصر المكتسبة في مياه نهر النيل ويطلب ذلك من أجهزة الأمم المتحدة سواء مجلس الأمن أو الجهة العامة أو باقي الأجهزة الست المعروفة في الأمم المتحدة.

وذكرت الدعوي، أن معركة المياه بين مصر وإثيوبيا دخلت معركة " الضرب تحت الحزام"، حيث قامت الحكومة الإثيوبية بتحويل مجري النيل الأزرق تمهيدًا لإقامة سد النهضة بينما وقفت الحكومة المصرية مكتوفة الأيدي تتلقي الطعنات واحدة تلو الأخرى ولم تحرك ساكنًا، لافتا أن الرئيس الأسبق " محمد مرسي" كان هو السبب الأكبر فيما وصلنا إليه من تعقيدات في ملف السد، حيث تلقت مصر صدمة تحويل النيل غداة حضوره مؤتمر القمة الأفريقية بالعاصمة الإثيوبية "أديس أبابا".

وذكرت الدعوي، أن نظام مرسي وحكومته وقتها لم يعط لهذا القضية أي أهمية وانشغل بتثبت دعائم حكمهم داخليا بتعين الكوادر الإخوانية في كل مكان بمصر وتناسي أهم القضايا، على الرغم أن المياه أمن قومي حتى وقعت الواقعة ووجهت له إثيوبيا وقتها ضربة تحويل مجري النيل الأزرق تمهيدًا لإنشاء سد النهضة، والغريب في الأمر أن الحكومة المصرية وقتها وقفت أيضًا مثل الرئيس الأسبق مكتوفة الأيدي أمام هذه الضربة تترنح من هول الصدمة، رغم أنها تمتلك سلاحًا يمكنها من الحصول على حوقها كاملة في مياه النيل، وهذه الحقوق لا تتمثل في حصتها المقدرة بـ 55 مليار متر مكعب فقط، وإنما تزيد على ذلك بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لتنظيم استخدام المجاري المائية في الأغراض غير الملاحية لعام 1997، والتي تضمن الاستغلال المنصف والعادل لمياه الأنهار لكل الدول الواقعة على المجاري المائية، فإذا كانت دول حوض النيل ومنها إثيوبيا تعترض على اتفاقيات تقسيم مياه النيل بحجة أنه تم توقعيها إبان الاحتلال الأجنبي لدولة حوض النيل فإن الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة – التي لم تدخل حيز التنفيذ حتى الآن- يمكن اللجوء إليها أسوة بما حدث عام 1997 حينما لجأت محكمة العدل الدولية إلى هذه الاتفاقية عند نظر قضية نهر الدانوب.

وذكرت الدعوي، أن غياب اتفاقية تضم دول حوض النيل وغياب هيئة دولية دائمة لإدارة النهر وتطوير الانتفاع به، وإعلان بعض دول المنابع كإثيوبيا أحيانا عن تحفظها بالنسبة لما تسميه حقوقها في مياهه، إنما يطرح تساؤلات حول حقوق والتزامات كل دولة من هذه الدول، والقواعد التي تحكم الانتفاع المنصف بمياه النهر، وأولويات هذا الانتفاع عند تعارض الاستخدامات، وأسلوب التنسيق والإدارة المشتركة لهذه المياه، مقارنة بالمعمول به في العديد من الأنهار الدولية الأخرى، وما إذا كانت هناك وسيلة لتطوير الانتفاع بالنهر لتحقيق المنفعة المشتركة للدول المشاطئة دون إضرار بحقوق بعضها بعضا أم لا؟، ولما كانت مصر من بين كل دول حوض النيل، إضافة إلى كونها دولة المصب، تعتمد على النيل كمصدر رئيسي، أو بالأحري كمصدر وحيد للمياه المستخدمة في أغراض الشرب والزراعة، فإن أي اقتطاع للمياه في أعالي النيل،بما يستتبعه من انخفاض في كميات المياه المتاحة لمصر، سيترتب عليه ضرر بليغ بها، وهو ما يتعارض مع مقتضيات مبدأ الانتفاع المنصف.

وذكرت الدعوي عدد من المواثيق والاتفاقيات التي تضم كل دول نهر النيل وتربط دول الحوض مع بعضها بعضا، حيث ذكرت الدعوي البروتوكول الموقع بين بريطانيا وإيطاليا سنة 1891 بشأن تحديد مناطق نفوذ كل منهما في شرق أفريقيا، والذي نصت المادة الثالثة منه على أن إيطاليا صاحبة السيادة على الحبشة آنذاك، تتعهد بألا تقيم على نهر عطبرة أية إنشاءات للري، من شأنها أن تؤثر تأثيرا محسوسا في كمية مياه نهر عطبرة التي تصب في نهر النيل.

وكذلك مجموعة المعاهدات المعقودة بين بريطانيا وإثيوبيا، وبينها وبين إيطاليا وإثيوبيا بشأن الحدود بين السودان المصري - البريطاني وإثيوبيا وإريتريا، والموقعة في أديس أبابا في 15 مايو1902، والتي يتعهد الإمبراطور مينليك الثاني، ملك ملوك الحبشة، بموجبها بألا ينشئ أو يسمح بإنشاء أية أعمال على النيل الأزرق أو بحيرة تانا أو نهر السوباط، يكون من شأنها تعطيل سريان مياهها إلى نهر النيل إلا بالاتفاق مع حكومة بريطانيا وحكومة السودان المصري البريطاني.

كما ذكرت الدعوي الاتفاق المبرم بين بريطانيا وحكومة دولة الكونغو، والموقع في لندن في 9 مايو 1906، والذي تتعهد الكونغو بموجب المادة الثالثة منه بألا تقيم أو تسمح بإقامة أية منشآت قرب أو على نهر سميليكي أو نهر آيسانجو، يكون من شأنها تخفيض كمية المياه التي تصب في بحيرة آلبرت إلا بالاتفاق مع حكومة السودان المصري البريطاني، وكذلك المذكرات المتبادلة بين بريطانيا وإيطاليا في ديسمبر 1925، والتي تعترف فيها الحكومة الإيطالية بالحقوق المائية السابقة (التاريخية)والمكتسبة لمصر والسودان في مياه النيل الأزرق والنيل الأبيض، وتتعهد بألا تنشئ في أقاليم أعالي تلك الأنهار أو فروعها أو روافدها أية منشآت من شأنها تعديل كمية المياه التي تحملها إلى نهر النيل بشكل محسوس.

كما ذكرت اتفاقية مياه النيل بين مصر وبريطانيا بالنيابة عن السودان، وكينيا، وتنزانيا وأوغندا في عام 1929،والتي تقضي بتحريم إقامة أي مشروع من أي نوع على نهر النيل أو روافده أو البحيرات التي تغذيها كلها إلا بموافقة مصر، لاسيما إذا كانت هذه المشروعات ستؤثر في كمية المياه التي كانت تحصل عليها مصر، أو في تواريخ وصول تلك المياه إلى مصر.

كما ذكرت الدعوي اتفاقية لندن المبرمة بين بريطانيا(نيابة عن تنجانيقا) وبلجيكا (نيابة عن رواندا وبوروندي)في 23 نوفمبر 1934، والتي تقضي مادتها الأولى بأن يتعهد الطرفان بأن يعيدا إلى نهر كاجيرا قبل وصوله إلى الحدود المشتركة لكل من تنجانيقا ورواندا وبوروندي أية كميات من المياه، يكون قد تم سحبها منه قبل ذلك لغرض توليد الكهرباء، فالسماح باستغلال مياه النيل لتوليد الطاقة الكهربائية لا يجوز بحال أن يمس، طبقا لهذه المادة، كمية المياه التي تتدفق من منابعه إلى المجري الرئيسي فيه.

وتطرقت الدعوي للمذكرات المتبادلة بين مصر وبريطانيا( نيابة عن أوغندا ) في الفترة ما بين يوليو 1952 ويناير1953، بشأن اشتراك مصر في بناء خزان أوين، الذي أنشئ فعلا عام 1954 لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في أوغندا، والتي اتفق فيها الطرفان على تعلية خزان أوين لرفع منسوب المياه في بحيرة فيكتوريا، كما اتفقا على التعويضات التي تمنح لأهالي أوغندا الذين يصيبهم ضرر جراء ارتفاع منسوب مياه البحيرة، والذي من شأنه زيادة حصة مصر من مياه الري، وتوليد كهرباء تضمن مزيدا من الطاقة لكل من أوغندا وكينيا.

كما ذكرت الدعوي، اتفاقية الانتفاع الكامل بمياه النيل لعام 1959 بين مصر والسودان بشأن إنشاء السد العالي،وتوزيع المنافع الناجمة عنه بينهما، والتي تعد في الواقع مثالا يحتذي في مجال التعاون بين الدول المشاطئة للأنهار الدولية لاستغلال مياهها، حيث سعت إلى تحقيق نفع مشترك لكل من الدولتين دون إجحاف بالحقوق التاريخية لكل منهما، ودون الإضرار بحقوق باقي دول الحوض. فقد أكدت هذه الاتفاقية احترام الحقوق المكتسبة لطرفيها، وحددت هذه الحقوق بدقة حسما لأي نزاع، حيث أقرت في البند "أولا" منها بحقوق تاريخية مكتسبة لمصر، مقدارها ثمانية وأربعون مليار متر مكعب سنويا، وللسودان أربعة مليارات من الأمتار المكعبة سنويا، وفي مجال مشروعات ضبط النهر، وتوزيع فوائد هذه المشروعات، اتفق الطرفان في البند "ثانيا" على إنشاء السد العالي وتقاسم منافعه، وعلى إنشاء السودان سد الروصيرص على النيل الأزرق، وأية مشروعات أخرى تراها السودان لأزمة لاستغلال نصيبها.

كما اتفقا على قيام مصر بدفع التعويضات المالية للسكان السودانيين الذين سيضارون من تكون بحيرة السد العالي، كما اتفق الطرفان في البند "ثالثا" على التعاون في إنشاء مشروعات لاستنقاذ المياه الضائعة في مناطق المستنقعات، لزيادة إيراد النهر من المياه، على أن يكون صافي فائدة هذه المشروعات من نصيب البلدين بالتساوي، وعلى أن يسهم كل منهما بالتساوي في جملة تكاليفها. واتفق الطرفان أيضا على التشاور بشأن أية مشروعات مستقبلية أخرى تخدم أهداف التوسع الزراعي في البلدين، هذا بالإضافة إلى ما قضي به البند "رابعا" من الاتفاقية من إنشاء هيئة فنية دائمة بين البلدين، تعمل على إجراء البحوث والدراسات اللازمة لمشروعات ضبط النهر، وزيادة إيراده ومتابعة الأرصاد المائية على منابعه العليا.

 وتختص هذه الهيئة برسم الخطوط الرئيسية للمشروعات التي تهدف إلى زيادة إيراد النهر، والإشراف على تنفيذ المشروعات التي تقرها الدولتان في هذا الصدد.

وأضافت الدعوي أن مصر وقعت مع أوغندا في مايو1991 اتفاقية في شكل خطابات متبادلة بين وزيري خارجية الدولتين، بعد مفاوضات مكثفة بينهما، بشأن مشروع إنشاء محطة لتوليد الكهرباء على بحيرة فيكتوريا، كانت أوغندا قد تقدمت به إلى البنك الدولي لتمويل عملية إنشائه. وقد تضمن هذا الاتفاق التزام أوغندا بتمرير التصرفات الطبيعية طبقا للمعدلات المعمول بها وقت إبرام الاتفاق، كما تضمن التزامها بما سبق أن اتفقت عليه الدولتان عند إنشاء خزان أوين عام1953 من الحفاظ على مدى التخزين البالغ قدره ثلاثة أمتار لصالح مصر، وقد ورد بالفقرة الثالثة منه أنه يمكن النظر في تعديل هذه المعدلات لصالح أوغندا لتوليد الكهرباء، بناء على اتفاق الطرفين، وبما لا يضر بدول المصب.

وأيضًا وقع الرئيسان المصري والإثيوبي في الأول من يوليو 1993 اتفاق القاهرة، الذي وضع إطارا عاما للتعاون بين الدولتين لتنمية موارد مياه النيل، وتعزيز المصالح المشتركة. وقد حوي هذا الاتفاق في أحد بنوده تعهدا من الطرفين بالامتناع عن أي نشاط يؤدي إلى إلحاق ضرر بمصالح الطرف الآخر فيما يختص بمياه النيل. كما تعهدا بالتشاور والتعاون في المشروعات ذات الفائدة المتبادلة، عملا على زيادة حجم التدفق، وتقليل الفقد من مياه النيل في إطار خطط تنمية شاملة ومتكاملة. كما اتفق الطرفان على إنشاء آلية للتشاور حول الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك مياه النيل، وتعهدا بالعمل على التوصل إلى إطار للتعاون بين دول حوض النيل لتعزيز المصلحة المشترك.

وتابعت الدعوي، أن الحفاظ على الأمن القومي والحفاظ على أرضه شرف وواجب مقدس، ونهر النيل وموارده والمائية ثروة وطنية تلتزم الدولة بالحفاظ عليها وتنميتها ومنع الاعتداء عليها بكل الطرق، لافتًا أن القانون الدولي يلزم كافة المنظمات الدولية والعالمية والإقليمية على فض كافة المنازعات الدولية بالطرق السليمة حفاظًا على السلم والأمن الدوليين.

وأضافت الدعوي أن هناك طرقا ومساعي أخرى عن حميدة عن طريق تشكيل لجنة تحقيق دولية هي اللجنة الفنية الثلاثية الدولية وتضم مصر والسودان وإثيوبيا لتقييم سد النهضة الأثيوب، ولكن إثيوبيا لم تتعامل معها بشكل جدي بل أنها لم تنتظر حتى تضع هذه اللجنة تقريرها بشأن السد بل بادرت باتخاذ خطوات عملية بناء سد النهضة بتحويل مجري النيل الأزرق، ما يدل على أن إثيوبيا لم ولن تلتزم بتقرير اللجنة التي لم تتعاون معها كما ينبغي لذلك فلابد من تصعيد الأمر إلى أكثر من ذلك، حيث اللجوء إلى المنظمات الدولية والأفريقية خاصة أن إنشاء سد النهضة يخالف الاتحاد الأفريقي وأهدافه التي أسس من أجلها.

الجريدة الرسمية