رئيس التحرير
عصام كامل

تساؤلات على هامش أزمة حسام حسن!


«أفضل الملوك من بقي بالعدل ذكره، واستملى من أتي بعده بفضائله‏». قالها «أفلاطون» منذ القِدم؛ فـ«إذا لم تحترم الدولة قواعد العدالة؛ فإن العدالة لن تحترم قواعد الدولة»، كما قال «فرانسيس بيكون».


قولًا واحدًا، نحن مع «العدل»، لكن في أحيان كثيرة يتخلى العدل عن البسطاء.. مع «الدستور»، لكن غالبًا ما يُنكر الدستور صلته بالمهمشين.. مع الدولة، لكن نادرًا ما تعترف الدولة بـ«إللي ملوش ضهر».. مع تطبيق «القانون» على الجميع دونما استثناء؛ على الوزير والخفير؛ على الغني الفقير؛ على الرئيس والمرؤوس. لكن هل يُطبق ذلك فعليًا على أرض الواقع؟

في واقعة اعتداء «حسام حسن»- المدير الفني للنادي المصري- على رقيب الشرطة « رضا عبدالمجيد»، المُصور بمديرية أمن الإسماعيلية، عقب انتهاء مباراة فريقه أمام غزل المحلة، انبرى الكثيرون للدفاع عن «دولة القانون»، وضرورة معاقبة «حسام»؛ حتى يكون «عبرة» لغيره. وكان ما كان.

هل الإجراءات التي اتُخذتْ بحق حسام، ومساعده، وإداري الفريق «طبيعية»، أم «استثنائية»؟

المؤيدون لـ«السلطة»، والمدافعون عنها- على طول الخط- يرون أن هذه الإجراءات «طبيعية جدًا»؛ لأنها- حسب اعتقادهم- تحفظ هيبة الدولة، وتثبت أن يد العدالة ستطول كل مَنْ تسول له نفسه الخروج على دولة القانون.

أما المتطرفون في المعارضة، والمتعصبون لحسام، فيرون أن «نجمهم» يتعرض لـ«مؤامرة» للنيل منه، وتصفية الحسابات معه.

لكن قانونيين رأوا أن ما حدث مع «حسام والذين معه»، يتعارض مع القانون، مرتئين أنه لم يكن هناك مبررٌ لـ«الحبس الاحتياطي». فــ«التوصيف القانوني» للواقعة- بحسب قولهم- «مشادة، أو مشاجرة بين مواطنين»، موضحين أنه إذا كان «المصور» رجل أمن متنكر فإن حسام تشاجر معه كـ«مواطن» وليس «شرطيًا». وفي حال كان رجل الأمن يرتدي الزي الرسمي، أو معروفًا بصفته هذه، فنكون بصدد تعدي حسام على موظف عمومي أثناء تأدية عمله.

هنا أيضًا- كما يقول قانونيون- لا يكون هناك داع للحبس الاحتياطي، في حدود الواقعة أو المشاجرة التي جرت. ذلك أن الحبس الاحتياطي يكون خشية هروب المتهم، إذا كان شخصًا مجهولًا، وغير معلوم له محل إقامة محدد، وجريمة الاعتداء على موظف عمومي عقوبتها لا تزيد عن 200 جنيه غرامة، والحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر (مادة 133 عقوبات).

كما أن «الحبس لحين ورود تحريات المباحث بشأن الواقعة»- والكلام لقانونيين- يبدو «مضحكًا»؛ عازين ذلك إلى أن «الواقعة مصورة، ومسجلة ورآها الملايين»، مرتئين أن نقل حسام لسجن مزرعة طرة؛ لتنفيذ الأمر بالحبس أربعة أيام على ذمة التحقيق «سابقة لم تحدث»، مؤكدين أن هذا الإجراء «يُنفذ في ديوان القسم».

ورغم أن ما أقدم عليه حسام «جريمة» لا يمكن تبريرها، إلا أن هناك تساؤلات فرضت نفسها: ماذا لو كان المُعْتدِي هو رجل الشرطة؟ ولماذا لم تتحرك أجهزة الدولة ضد بعض رجال الأمن الذين اعتدوا على الصحفيين أثناء تأدية عملهم في تغطية المظاهرات والوقفات الاحتجاجية؟ لماذا لم نر هذه التحركات ضد الذين اعتدوا على طلاب الثانوية العامة، وحملة الماجستير، والمتظاهرين ضد «سَعْودة» جزيرتي تيران وصنافير؟ ثم- وهذا هو الأهم- لو كان المعتدي على رقيب الشرطة أحد البسطاء، هل كان بعض المسؤولين، والنواب، والرياضيين يسعون لاحتواء الأزمة، وإقرار التصالح بين الطرفين؟

في التاسع من يوليو الحالي، قال همام العادلي، رئيس لجنة الاقترحات والشكاوى بمجلس النواب، إن اللجنة- خلال الفترة الماضية- تلقت «شكاوى بسبب استعمال القوة مع المواطنين من قبل بعض رجال الشرطة»، وأن اللجنة وجهت خطابًا لوزارة الدخلية والجهات المختصة للتعامل معها. فلماذا يتم التكتم على هذه المشكلات؟ ولماذا لم نر تحركات سريعة لحلها؟

هل ما حدث لـ«حسام» كان الغرض منه توصيل رسالة لأطراف بعينها؟ وارد جدًا.. لكن ما نرجوه أن تكون الرسالة موجهة للجميع بأن الدولة سوف تنفذ ذات الإجراءات على الجميع أيًا كانت مناصبهم، أو رتبهم، أو مكانتهم.
الجريدة الرسمية