رئيس التحرير
عصام كامل

تحولات تركية !


ازدادت كثافة الرسائل والإشارات السياسية الواردة من العاصمة التركية، إلى عواصم سوريا، والعراق ومصر، تسعى مترددة إلى إصلاح العلاقات !

يلفت النظر، ويلوى العنق، الإشارات التي وجهها يليدريم رئيس وزراء تركيا الجديد إلى سوريا، وإلى رئيسها بشار الأسد.

من المعروف أن سوريا والسعودية وتركيا وقطر وأمريكا والغرب كله، ظل يصحو صباحا وينام مساءً، وهـو لا يمهد ولا يكل ولا يمـل من ترديـد أغنية إزاحة بشار عن حكم سوريا لكي يمكــن دحر الإرهاب، وتمكيـــن المعارضة المعتدلة من الحكم، مع التغيير العسكري على الأرض، ودخـول روسيــا بقواتها وقوتهـا لمواجهـة التحــدي الغربـي في سوريا ردا على الاختراق الغربي لأوكرانيا، ومع توالي انتصارات الجيش العربـي الســوري على جيـش الخونــة من المعارضة المعتدلة، وجيش الدواعـش، ومع نكوص إدارة أوبامــا، وترددها، تحول ميـزان القـوة لصالح الدولة السوريــة، وأثبت الجيش العربي الوطني السـوري قدرتــه على التضحيـة والصمود لست سنوات قاسيـات، كان الهــــدف الأول فيهـا تدميــر سوريا وجيشها.

لم يتزحزح موقف مصر قيد أنملة عن ضرورة الحفاظ على وحـــدة الأراضي الســورية ومؤسسات الدولة، وأن التركيز على الإطاحــة بالرئيس السوري بشار الأسد يعني شيــوع الفوضى، وتفتت الجيش، وسقوط مستودعات السلاح في يـد القوى المتصارعة هنـاك: العملاء المعتدلون، أول مرة نرى عمالة وخيانة معتدلة، ثم الدواعش، ثم القاعــدة وممثلتها جبهة النصــــرة، ثم الأكراد المتحالفون مع الحكومة السوريــة، تحت ضغط الظرف، سعيًا لحكم ذاتي على الشريــط السوري المجاور لتركيا.. والمتغيــر الأخيــر هو المحــرك الرئيسي لرسائـل الود والتقارب مع نظام بشار !

خصوصًا أن أمريكا والإنجليز يشجعون قوات البشمركــة، الجيش الكردي، بل يدربونها ويسلحونها، لشجاعتـها، وانتصاراتها على الدواعش.

لم يطلب يليدريــم في رسالتـــه الأخيـــــرة إزاحــة بشــار، ولا عاد عادل الجبير، وزيـر خارجية السعودية، يردد تلك الدعوة الملولة، حتى لأشعر أنه نفســه استطعم مللها على لسانــه، لكن يليدريم طالب بشــار بإجراء تغييرات داخلية.

قال يليدريـم: على بشــار أن يحدث تغييرات، ليرى إجراءات اقتراب من سوريـا !

سبحان مغير الأحوال والأحوال، وكفت أمريكـا وفرنسا وبريطانيا وتركيا عن نشيـدهم الائتلافى الداعي إلى خـروج بشار بالذوق وإلا أخرجوه بالقوة، اليـوم تركيــا تريــده أن يصلح بلده بنفســه، بل تردد صحـف محلية سوريــة وتركيــة روايــات صحفية عن اتصالات جارية بين دمشق بشار وأنقرة أردوغان، تركيــا التي فتحت حدودهــا للإرهابيين إلى سوريا، وسرقــت البتــرول الســوري، تعود لتعلــن رغبتها في مصالحة مع العراق وسوريا ومصر ودول المنطقة، والسبب ؟!

مكافحة "داعش" وهزيمتها !

و"داعش" صناعة تركية قطريـة أمريكية !!

ونحن في مصر نتابع بعين الريبـة، الإشــارات المتواترة عن تقارب ومصالحة مع القاهرة، لأنه لـم يتم حتى الآن اتخاذ إجراء واحد يطمئـن مصر على صدق التوجه التركى، وتخليـه عن دعم الإرهاب الإخواني من داخل تركيا وخارجها.

السؤال المنطقي جدًا هنا: لماذا ؟ لماذا؟

هل الأسباب التي سردتهـا أعلاه كافيـة بذاتها لهذا

الانقلاب السياسي في الموقف العثمانى ؟

هناك عامل أقــوى:

الأول الصلـح الروســي مع تركيــا ومن مقتضياته بالضــرورة أن ترفع أنقــرة يدها عن الشأن السوري ويرتبط بالقبــول التركي لشــرط التصــالح الروسي وقبول الاعتــذار التركي عن إسقــاط الطائرة العسكرية الروسية، إدراك تركيا أن الغرب، وأوباما على وجه الخصوص، منافـق، ولا يعتمد عليه، إذا جد الجد في مواجهة مع الروس! فضلا عن ٦٠ مليار دولار حجم المصالح الاقتصادية بين موسكو وأنقرة.

يبقى سؤال محير أكثر: هل لإسرائيل دور في تغيير الموقف التركي من بقاء بشار رئيسا لسوريا؟! وما مصلحتها ؟! مصلحتها يمكن فهمها لكن دور تل أبيب هو الغامـض.

الإجابة الفورية سذاجـة.. وقــت قصيــر وتتكشــف التدابيـــر غير المعلنــة، يحدث ذلك، ومصــر في مكانهــا رافعــة رأسهــا شامخــة معتـــزة بجيشها ورئيسهــا والتفاف الشعب حول جيشــه البطل.
الجريدة الرسمية