قناة ماسبيرو زمان قلبت المواجع!
استطاعت قناة ماسبيرو زمان خلال فترة وجيزة الاستحواذ على اهتمام عدد كبير من المصريين وأنا أحدهم وحينما أشاهدها يمتزج لدى الشعور بالفخر مع الحزن في آن واحد، الفخر لأن ما تبثه القناة يؤكد ويبرهن أننا دولة عريقة في كل شيء فهناك جيل من العمالقة كان يضم طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم وإحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي وأم كلثوم وعبدالوهاب ونجيب محفوظ وحسين السيد ويوسف إدريس ويوسف وهبي والريحاني وغيرهم المئات من نجوم الفن والفكر والثقافة والعلم والسياسة.
كل واحد من هؤلاء يمثل مدرسة في مجاله عاشوا معنا وكانوا خير سفراء لمصر التي كان يجب أن تستمر هكذا، وحينما نشاهد دراما زمان وحوارات زمان وعمالقة زمان ومصر زمان في كل شيء حتى في شوارعها ومبانيها بقدر ما نفخر فإننا نحزن أيضا حينما نقارنها بما نحن فيه الآن والمستوى المتدني الذي وصلنا إليه من التدهور في كل أمور حياتنا وأخطرها التدهور الأخلاقي وتدمير الشخصية المصرية.
الفن زمان كان يساهم في البناء والتنمية وغرس القيم الإيجابية والولاء والانتماء في نفوس المواطنين وكان يعبر بحق عن قضايا الوطن والمواطن وأمته العربية وكان فنانو زمان قدوة طيبة للشباب أما دراما اليوم تدمر وتحرض على العنف والإدمان والانحراف وكل الموبقات وتغرس القيم السلبية في نفوس المواطنين ولا تعبر إطلاقا عن حاضرنا ولا تساهم في بناء مستقبلنا وفنانو اليوم قدوة سيئة يأخذون ولا يعطون.
تلك هي أولى المواجع من قناة ماسبيرو زمان أما الثانية وهي حواراتها مع كبار الخبراء المتخصصين والذين تناولوا مشكلات مصر في التعليم والصحة والاقتصاد وغيرها في كل المجالات وطرحوا أيضا حلولها منذ 50 عاما أو يزيد ومع ذلك مازلنا نتحدث اليوم عن نفس المشكلات ونطرح نفس الحلول ولا جديد، أحد هذه الحوارات الممتعة أجراها الإعلامي القدير الراحل طارق حبيب مع العلامة الدكتور حمدي السيد، أشهر نقيب للأطباء في مصر حول مشكلات الطب والأطباء.
ومؤخرا ومنذ شهور قليلة أجريت حوارا إذاعيا مع د. حمدي السيد، طرح فيه نفس المشكلات والحلول التي قالها مع حبيب منذ نصف قرن وكأنه لا شيء يتغير في مصر، وهذا أمر طبيعي لأننا دولة ليست لديها رؤية وخطة تعمل بها بل تعتمد على الأشخاص الذين يرحلون وتبقى المشكلات بلا حلول، ما نتمناه من الرئيس السيسي حاليا الاستعانة بخبراء يضعون رؤية حقيقية للدولة طويلة المدى في كل المجالات بخطط وتوقيتات محددة يتم مراجعة نتائجها كل ثلاثة أو ستة أشهر طبقا لمعيار أداء (kpi) غير مرتبطة بالأشخاص ولا تتغير بتغييرهم.
قناة ماسبيرو زمان فكرة جيدة تحسب إلى صفاء حجازي رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ولكن يجب أن تكون محفزة للحاضر والمستقبل وألا تكتفي بتقليب المواجع علينا في أننا دولة سوف تظل تحيا على التاريخ وتحلم دائما بالماضي.