رئيس التحرير
عصام كامل

حسن قطب أم سيد البنا ؟!


عاش تنظيم الإخوان الإرهابي ما يزيد على نص عمره، وليس هنالك بداخله أو بخارجه من يزعم بأن داخل الإخوان تيارين أو أن الإخوان ينقسمون إلى صقور وحمائم أو إلى قطبية وبنائية أو أن هنالك فريق داخل الجماعة والتنظيم هو أكثر تطرفًا، وآخر أقل تطرفًا منه، أو أن هنالك ولو فارق واحد وإن كان بسيطًا بين منهجي "حسن البنا" و"سيد قطب"، لا في حياة "ٍسيد" ولا بعد وفاته فوق مقصلة مشنقة استحقها عن جدارة، جراء أفعاله الإجرامية التي قام بها أو التي كان ينوي فعلها، والتي لولا رحمة الله بنا، وأن سبقته يد الأبطال بخطوة واحدة فقضوا على أحلامه السادية والدموية في تدمير مصر وقتل أهلها، لكان ما لا يحمد عقباه.


مات "سيد قطب" يوم مات مشنوقًا على جرائم كان يستحق عليها ما هو أشد من القتل -لو كان في الدنيا ما هو أشد منه - وكان يستحق أن يُقتل عليها ألف مرة-إن جاز ذلك واقعيًا! - مات يوم مات، وما أحد في الإخوان أو خارجها يدعي أن فارقًا واحدًا يمكن أن يكون بين فكره وفكر "حسن البنا" أو منهجه، بل كان الجميع –خاصةً داخل الجماعة الإرهابية- يعتقد اعتقادًا جازمًا أن "سيد قطب" ما هو سوى مجدد لفكر "حسن البنا" وكاتب لعقيدته، وأكبر مؤصل لفكره وأعظم ناشر لإرهابه، بحيث تستطيع –أيها القارئ المكرم- أن تقول بلا ذرة من تردد إنه لا فارق البتة بين "حسن قطب" أو "سيد البنا" فكلاهما شيء واحد، وكلاهما وجهان لعملة واحدة قبيحة قميئة، تُدْعى: الإرهاب، وأنهما معًا يمثلان في العصر الحديث معدن التطرف والإرهاب وأصله وجذوره التي منها نبت!

ولكن كان أولُ من ابتدع تلك الخرافة والأكذوبة، من ادعاء التفريق بين "البنا وقطب" وبين منهجيهما، وأن بالإخوان منهجين وتيارات وطريقين، أحدهما يميل للعنف والإرهاب والعمالة والآخر سلمي ووطني أو بالأحرى "فصيل وطني معارض!" كما كان يقول زملاؤهم في الخيانة!، أول من ابتدع خرافة التفريق بين "البنا" و"قطب" كان الإخوان أنفسهم، وكان مكتب الإرشاد ذاته، وما ذلك إلا لتضليل الرأي العام وتزييف وعي المصريين وغسل أدمغتهم، ومن ثم السطو على جيوبهم وعقولهم، ثم القفز على كرسي حكمهم!

ولقد كان الأستاذ! "فريد عبد الخالق" حين كان عضوًا في مكتبِ الإرشاد هو من أُوكلت إليه هذه المهمة باختلاق هذه الأكذوبة وترويجها على أوسع نطاق وبطريقة محبوكة، وبحيث لا يستطيع أحد أن يشك في صدقها!

وسبب ذلك أنه حين ظهرت جماعة الجهاد اللا إسلامية! بأفعالها الإجرامية والإرهابية، وانتهاجها للعنف والإرهاب، وكانت الجماعة تعلن على الملأ أنها تستقي أفكارها والتي ينتج عنها أفعالها الإجرامية والإرهابية من كتب "قطب"!

وهو ما أحرج الجماعة الأم- الإخوان الإرهابية- والتي كانت تتسترُ دائمًا برداء السلمية، زاعمة أنها جماعة دعوية لا تعرف الإرهاب أو العنف!

وإذا بجماعة تظهر وتتبع فكر عضو بارزٍ من أعضاء الإخوان وتقوم بأعمال الإرهاب والعنف، فأراد "عبد الخالق" وبتكليف رسمي! أن يدفع عن الجماعة الحرج وأن ينفي عنها التهمة، حتى لا تتحمل الجماعة تبعات أفعال تنظيم الجهاد الإرهابي، ويحسب عليها أفعالهم، أو تنسب الجماعة إلى الإرهاب أو ينسب الإرهاب إليها.

فتفتق حينها ذهن "عبد الخالق" عن فكرة خبيثة يعجز الشيطان الرجيم وإبليس اللعين ذاته عن الوصول إليها، فأصدر بصفته عضوًا في مكتب الإرشاد أمرًا لرجلين من الإخوان أحدهما قطري الجنسية صهيوني الهوى يدعى: "يوسف القرضاوي"، والآخر أردني شبيه بصاحبه يدعى: "يوسف العَظُم" بأن يكتبا –كلًا على حدةٍ- عن التكفير في فكر "سيد قطب" والتحذير منه، وبذا يخرج الإخوان من تبعة أفكار "سيد" حتى لو كانوا يؤمنون بها، فهم وعلى مرأى ومسمع من الناس يتبرأون من فكر قطب وينددون به.

ولم يكن "عبد الخالق" وهو يصدر تلك التعليمات الصريحة بالكذب والغش والنفاق وترويجه، يشعر بأقل القليل من تأنيب الضمير –هذا إن كان هذا المصطلح معروفًا في الإخوان من الأساس!- ذلك لأنه كان في كل ما يسلك متبعًا للمبدأ الخبيث والمعروف بــ: التقية الإخوانية، والذي أسسه" البنا" وهو أن تعلن خلاف ما تبطن حتى لا ينصرف الناس عنك إن عرفوا حقيقتك، وهو تحليل صريح لكل ما حرم الله من الكذب والغش والخداع بل والنفاق الأكبر!

ومستخدمًا في ذلك أيضًا آليات ما يُعرف بــ "الفكرِ الحركي" والذي لا يمانع من الإنكار على شيءٍ تعتقده صحيحًا من أجل خداعِ الناس.

وبالفعل نفذ "اليوسفان"! ما طلب منهما وانطلقت الخرافة انطلاق النار في الهشيم، وصدقها كثير من الناس واعتقدوا صحتها، وراجت عليهم، وهي في حقيقتها محض وهم منمق وخداع مقنن.

والحقيقة الكبرى والتي هي كالشمس في رائعة الضحى هي أنهما واحد لا اثنان وأن جماعة الإخوان تنظيم مغلق لا مجال فيه للاختلاف فضلًا عن الخلاف، إذ لا مجال فيه للتفكير أو العقل من الأساس!

بل لقد كان "قطب" نفسه يعترف بأنه على فكرِ "البنا" وأنه أيقونته ومحيي فكرَه من جديد!

ولم يكن ينكر أبدًا أنه يسير على خطى "البنا"، ولم يكن يزعم أن خلافًا ما بين فكره وفكر "البنا"، بل كان يصرح في كتاباته وكلماته بأن الإسلام توقف من الوجود منذ عهد الخلافة الراشدة وظل العالم بلا إسلام هذه القرون حتى جاء "البنا" فأنشأ جماعته وأنشأ بها الإسلام من العدم!!!

نعم..لقد كان "قطب" يعتبر نفسه أيقونة "البنا" وتلميذه وناشر فكره في الخافقين، وأن كل ما كتبه ما هو إلا تعبير وصياغة لعقيدة "البنا" التي لم يكتبها، بل ويُرْجِع سبب محنة! الجماعة في الخمسينيات والستينيات إلى انحرافها عن فكر "البنا" الذي يمثله هو، وأن الجماعة لن تعود إلى ما كانت عليه إلا إذا تبنت ما يكتبه "قطب" لأنه في الحقيقة ليس إلا ما كان يعتقده "البنا".، وليس إلا صدىً لكلماته.

وعليه فما يردده البعض عن وجود الصقور والحمائم داخل الجماعة أو وجود ما يسمى بــ "التيار الإصلاحي" داخل الجماعة ليس إلا محض خرافة إخوانية يرددها الإخوان أنفسهم لتجميل وجه الجماعة.

ولكن الحقيقة التي لا محيص عنها ولا فرار منها أنهم كلهم قطبيون يا عزيزي! حتى "حسن البنا" نفسه كان قطبي الفكر والهوى –إن جاز التعبير-.
الجريدة الرسمية