رئيس التحرير
عصام كامل

الحرب مع إسرائيل قادمة لا محالة!!


لقد اعتقد الكثيرون ومازالوا أن حرب أكتوبر 1973 هي آخر الحروب التي ستخوضها مصر مع العدو الصهيونى، وبالطبع كان المروج الأول لهذه النظرية هو الرئيس أنور السادات الذي كان مبهورا بالثقافة الغربية عموما والأمريكية بصفة خاصة، ويعتقد أن كل أوراق اللعبة في يد الأمريكان لذلك أطلق مقولته الشهيرة في وجه من يرى في أمريكا وثقافتها أنها معادية لنا ولمجتمعاتنا، أن 99 % من أوراق اللعبة في يد الأمريكان، لذلك حين تولى الحكم كانت مصر تجهز لحرب تحرير شاملة في مواجهة الكيان الصهيونى وكانت خطة الحرب جاهزة وهى ما عرفت بـ(جرانيت 1)، لكن السادات قام بتغيير الخطة لتتحول إلى (جرانيت 2 ) والتي بموجبها تصبح الحرب حرب تحريك فقط.


لذلك حين أمرت أمريكا بوقف إطلاق النار وافق السادات على الفور حتى دون الرجوع لشركائه في الحرب على الجبهة السورية، ففى الوقت الذي لم تستمر فيه الحرب على الجبهة المصرية غير 17 يوما فقط استمرت على الجبهة السورية 237 يوما، وبعدها سار السادات في المسار الذي حددته أمريكا والذي انتهى بمعاهدة كامب ديفيد معتقدا بذلك أن مصر قد خرجت وبشكل كامل من الصراع العربي – الصهيونى، وبدأ يروج لنظريته التي تعتبر إسرائيل صديقا وليس عدوا ولن نخوض معها حروبا أخرى.

وجاء من بعد السادات تلميذه الوفى حسنى مبارك والذي آمن بنظرية السادات أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب مع إسرائيل، ولذلك ظل يحافظ على كامب ديفيد رغم مئات الخروقات التي ارتكبها العدو الصهيونى للمعاهدة على مدى ثلاثة عقود كاملة، واكتسبت نظرية السادات مؤيدين سواء على المستوى الرسمي حيث هرول الملك حسين لعقد اتفاقية وادى عربة مع العدو الصهيونى ثم تبعه ياسر عرفات الذي عقد اتفاقية أسلوا هذا بخلاف العلاقات الممتدة بين معظم الحكومات العربية والعدو الصهيونى سواء كانت معلنة أو خفية.

أما على المستوى غير الرسمى فقد قام بعض المثقفين بالترويج للنظرية عبر التشجيع على التطبيع مع العدو الصهيونى على المستوى الشعبي بعد أن أصبح التطبيع أمرا واقعا على المستوى الرسمى، لكن وعلى الرغم من كل هذه المحاولات التي تمت على المستويين الرسمى وغير الرسمى لتغيير المزاج الشعبي تجاه العدو الصهيونى ومحاولة تعميم نظرية إنهاء الصراع واعتبار حرب أكتوبر هي آخر الحروب معه ظل العقل والضمير الجمعى الشعبى على موقفه الذي يعتبر العدو الصهيونى عدونا الأول وأننا سندخل معه حروبا أخرى لتحرير كامل التراب العربي المحتل والمغتصب بواسطة العدو الصهيونى، ومازال هذا العقل والضمير الجمعى يردد مقولات الزعيم الخالد جمال عبد الناصر " لا صلح لا تفاوض لا اعتراف "، " وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ".

وفى الوقت الذي ما زال أنصار نظرية انتهاء الصراع العربي – الإسرائيلي يتخندقون ويدافعون عن نظريتهم ويتمسكون باتفاقيتهم الوهمية مع العدو الصهيونى، فإن ذلك العدو ما زال متمسكا بحلمه القديم والذي يتجسد في مقولة مكتوبة فوق باب الكنيست وهى "دولتك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات" وهذا الحلم لم يعد حلما بل سعي العدو الصهيونى لتحويله إلى حقيقة، فمؤخرا قام العدو الصهيونى بنشر الفتن الطائفية والعرقية والمذهبية داخل مجتمعاتنا ليشعل النيران ويؤججها من الداخل، ثم أطلق الربيع العربي المزعوم الذي هو ربيع عبرى بامتياز، وقام بدعم الجماعات التكفيرية الإرهابية المسلحة داخل مجتمعاتنا ليشغل جيوشنا عن التفكير في مواجهته، وفى هذه الأثناء يظهر دوره في دعم دول حوض النيل خاصة إثيوبيا فيقوم بتحريضها وتمويلها لبناء سد النهضة الذي أصبح أمرا واقعا، والأسبوع الماضي يذهب رئيس وزراء العدو الصهيونى لزيارة أربع دول أفريقية من دول حوض النيل ويطالبهم بانضمام الكيان للاتحاد الأفريقي باعتباره مراقب.

وبالطبع ما زال أصحاب نظرية انتهاء الصراع والحروب لا يعتبرون كل ما قام به العدو الصهيونى عداء ومازالوا يحاولون أن يتفاهموا معه ويذهبون إليه، وبالطبع هذا عبث وخداع للنفس على أقل تقدير، فدعم العدو الصهيونى للإرهاب في سيناء هو بمثابة إعلان حرب على مصر، ودعم داعش على الحدود المصرية الليبية والمصرية السودانية هو أيضا بمثابة إعلان حرب على مصر، واللعب في دول حوض النيل وبناء السدود للتأثير على حصة مصر بمياه النيل شريان حياة المصريين هو بمثابة إعلان حرب على مصر، لذلك يجب أن يفيق العقل والضمير الجمعى وينتفض في وجه أنصار نظرية انتهاء الصراع والحروب، ويجب أن نستعد جيدا لمواجهة وحرب قادمة لا محالة مع العدو الصهيونى، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية