أمريكا تفقد الإيمان بالدين
هناك علاقة وثيقة بين الثقافة والعبادة، بين المواقف والقيم المشتركة للشعوب، ووجهات نظرهم والممارسات الدينية. وبشكل متزايد تتشكل الثقافة الأمريكية من قبل الرجال والنساء.
وكشفت الدراسة الأخيرة لمركز بيو للأبحاث فى عام 2012 أن تكوين الأمة الدينية لأمريكا لم تعد كما كانت، حيث كانت أغلب هذه الأمة من البروتستانت وانخفضت أعداد البروتستانت بشكل كبير فى الأعوام الأخيرة، ويمثل الكاثوليك بنسبة 22% من الشعب الأمريكى وأن أكثر من نصف الكاثوليك تقل أعمارهم عن الأربعين ما يمثل تحولا عرقيا بشكل كبير.
لقد زاد هؤلاء الأشخاص الذين ليس لديهم أى انتماء دينى والمعروفين باسم "نونيس"، التى تعرف بأنها لا تنتمى لأى مذهب دينى وكان أول ظهورهم فى عام 1950، وكانوا يمثلون 2% من سكان الولايات المتحدة، إلى أن زاد عددهم إلى 7% فى عام 1970، وبالتدريج بلغ عددهم الآن إلى 20%، ويظهر هؤلاء بوضوح فى جنوب أمريكا.
ويضم النونيس العلمانيين الذين يشكلون 30% من تلك المجموعة، و6% منهم ملحدون وبقية نونيس يصفون أنفسهم غير مبالين بتصنيفهم على أساس الدين أو أى شيء على وجه الخصوص، ويبلغ عددهم أربعة وستين فى المئة، ومع ذلك يقولون إنهم يؤمنون بالله أو بالروح العالمية باليقين المطلق لوجود الإله حتى أن 9% من الملحدين الذين يتحدون كل عقيدة مقتنعين بوجود الله تماما، ولكنهم لا يؤمنون بالدين. وأن 19% من الأمريكان لا ينتسبون إلى أى دين و18% يؤمنون بوجود الأشباح وأنهم شهدوهم.
لم تستطع المعتقدات اللاهوتية تصنيف النونيس؛ لأنهم ليس لديهم مؤسسة دينية ينتمون لها ولا يرقى النونيس إلى حركة تبشير، وأن المتحولين من البروتستانت والكاثوليك إلى النونيس يمثلون وتيرة خطيرة، حيث تحول 74% إلى نونيس وابتدعوا من التقاليد الدينية الخاصة بهم، وعلى سبيل المثال فقد البروتستانت 20% من عددهم من المقيدين رسميا أنهم من البروتستانت، و40% من غير المقيدين رسميا اتجهوا إلى نونيس، لقد تخلوا عن دينهم وتمردوا على الدين ما يخلق جيلا جديدا بعيدا عن الإيمان.
لقد نمى النونيس بشكل سريع غير مسبوق ومتزايد، ما يمثل وصمة عار اجتماعيا لأمريكا أن لديها بروتستانت وكاثوليك ملحدون، ما يتسبب فى تراجع دينى شديد، ويحتاج إلى تفسير لأنه فى حد ذاته تطور اجتماعى كبير ولا يوجد تفسير له.
ولننظر نظرة سريعة على تزامن النمو المتسارع للنونيس مع صعود اليمين الدينى فى عام 1990، وظهور المحافظين المتدينين، فقد يكون النمو السريع للنونيس بسبب ظهور التيار المحافظ المتشدد دينيا، حيث فقد العديد من الجمهور الأمريكى الثقة فى الكنيسة والحكومة، ومهما كانت التفسيرات لصعود "النونيس" وانخفاض مستوى الدين المؤسسى وتأثيره الاجتماعى والسياسى، فلا نستعجب أن نرى فى الفترة المقبلة تصاعد "النونيس" فى الحياة السياسية الأمريكية.
نقلا عن واشنطن بوست