أين نتنياهو المصرى؟!
يتحمل المصريون الكثير من ضيق العيش والمعاناة.. يصبرون على التمييز السلبى ضدهم ويؤولونه وفقا لمعطيات الأمر الواقع الذي تحكمه القوة ولا شىء سواها.. يواصلون الحياة بكل همومها وضيقها وسلبياتها مادام النيل يجرى ويصل لكل بيت ويغمر كل شبر من أرضها التي كانت محروسة يوما ما.. لكنهم بكل يقين لن يصبروا إذا جف النيل أو توقف عن جريانه بفعل فاعل أو بحماقة فاجر.. بالقطع لن ترى هؤلاء المسالمين الطيبين السلبيين الخائفون من الحكومة على حالهم المعتادة أبدا !
فينما كانت الحكومة المصرية الموقرة تمرح على شواطئ البحر مستمتعة ومستجمة في إجازة العيد، كان هناك من يعبث بالأمن القومى المصرى وبحياة المصريين جميعا وبالنظام ذاته وأمنه وأمانه ووجوده.. كان ذلك في قلب أفريقيا وفي منابع النيل؛ حيث يلهو ويعبث، وتأمر بحق رئيس وزراء الكيان الصهيونى بنيامين نتنياهو في دول حوض النيل، يخطط ويعد ويتبجح ويتجبر ويتعملق ويقسم مياه النيل وفق مصالحة كيانه الغاصب وضد وجود مصر الذي يرتبط بنهر النيل وفقا لحقائق الجغرافيا والتاريخ والواقع !
أين نتنياهو المصرى !
للأسف مهما كان حنقنا وكراهيتنا لهذا الرجل، والذي يمثل لنا كمواطنين مصريين أو رعايا عرب رمزا لكيان غاصب محتل لأرضنا، إلا أنه يعمل بنجاح وبإخلاص لمصلحة من يمثلهم وينوب عنهم ومن منحوه ثقتهم ليدير شئونهم، فأين من يمثلنا ويتحدث بالنيابة عنا ويدير البلاد وفقا لمصالحنا القومية والوطنية؟ أين رئيس وزراء حكومتنا أو حتى السيد وزير الخارجية الذي كان يستحق أمرا جد خطير ،ووجودى كهذا أن يلقى في وجه كل من يقترب من جذورنا في أفريقيا بكل أوراق الدبلوماسية المصرية وليس فقط ميكروفون قناة فضائية كالجزيرة !
لم نر بيانا مصريا رسميا عاجلا يطمئن المصريين ويتوعد العابثين بأمننا، لم نسمع حتى لتصريح شعبوى من أي مسئول في حكومتنا الموقرة الوطنية يرد بها على ما تقوم به إسرائيل التي كانت وستبقى عدونا الرئيسى في المنطقة مهما حاولت مصر الرسمية على لسان رئيسها الاقتراب منها ودعوتها لسلام دافئ أو توسعة أكبر في اتفاقية كامب ديفيد.. فقط صمت رهيب واحتفال بالعيد.. العيد فرحة طبعا !
لا أدرى كيف سيكون رد فعل النظام المصرى، المطمئن أكثر من اللازم، بكل مسؤوليه عندما يستيقظ المصريون يوما فيجدون مياه النيل قد جفت أو قلت وساد العطش وبارت الأرض ! كيف سيواجهون الشعب وكيف سيبررون وجودهم وتهديد وجود شعب وأرض ليس لهم مصدر سوى نهر النيل !
نتنياهو أخطر من شباب الثورة !
ألا يدرك السادة المسؤولون عندنا أن وقف خطورة الدور العلنى الذي يلعبه نتنياهو مع غيره من حلفائه العلنيين والسريين أيضا من دول شقيقة وصديقة بكل أسف، هو أهم وأجدى وأبقى بكثير من التصدى لثلة من شباب ثاروا يوما مطالبين بحقوق غيرهم قبل حقوقهم في الحرية والعدالة والعيش الكريم ! ألا يدركون أن وجودهم هم قبل وجود الشعب يتقاطع ويتماس بل وينتهى مع انقطاع مياه النيل مهما كانت الأسباب ؟
ألا يستحق هذا العبث وتلك المؤامرات الحقيقية ضد مصر أرضا وشعبا أن توليها الحكومة اهتماما بعيدا عن ترف الحديث العبثى عن حروب الجيل الرابع والفضائى والمؤامرات الكونية من طوب الأرض عدا إسرائيل الطيبة التي لا يرونها تتآمر علينا بكل أريحية وثقة وعلانية، بينما نحن مبتسمون وصامتون ومحتفلون بالعيد !
ألم يأتهم بعد نبأ نتنياهو! ألم يأتهم حديث سيادته ووقفته الشامخة في البرلمان الإثيوبى! ألم يروا علم إسرائيل مرفرفا في عمق أعماق الوجود المصرى في أفريقيا!.. ألم يسمعوا باقتراح وجود الكيان الصهوينى كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي.. متى يسمعون إذن؟!
fotuheng@gmail.com