رئيس التحرير
عصام كامل

حان الوقت لمحاكمة المجرم «بوش» وتابعه قفة!


أخيرًا وبعد سبع سنوات، صدر تقرير لجنة التحقيق البريطانية برئاسة السير "جون تشلكوت"، في ٢ مليون و٦٠٠ ألف كلمة، وتخيلوا عدد الصفحات والوقائع والفظائع والفضائح.. يصف البعض حجم التقرير النهائي بأنه ضعف رواية الحرب والسلام للروائى الروسي العظيم ليو تولستوي ثلاث مرات.. التقرير يحمل نتائج وإجابات عن السؤال الرئيسي التالي:


ما هي الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى مشاركة الولايات المتحدة في غزو العراق ؟

سؤال واحد تفرع إلى آلاف الأسئلة، وآلاف الأجوبة، وخرج الرأي العام البريطاني يتظاهر قبيل إعلان نتيجة التحقيق في أسباب غزو بريطانيا دولة مستقلة بلا مبرر، مما أدى إلى مقتل عشرات الجنــود البريطانيين!

من أخطر ما كشف عنه تقرير لجنة تحقيق "تشيلكوت" أن بلير كان يتبع بوش كالأعمى، وأورد التقرير عبارة قالها بلير، رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت، لبوش الإرهابي الأول الطليق في العالم: حيثما ذهبت فإنى معك !

وهكذا ذهبت بريطانيا تابعة للولايات المتحدة لتغزو دون شرعية دولية دولة ذات سيادة وتدمرها تدميرا.. بل كشف التقرير عن أن بريطانيا لم تكن استنفدت كل خيارات السلام وتعجلت الذهاب إلى الحرب تنفيذًا لمشيئة بوش بضرورة إزاحة صدام بالقوة.. وقال التقرير إن التنفيذ كان كارثيًا.

هل حصل الأمريكيون والبريطانيون على قرار من مجلس الأمن الدولي وقتها ؟

قطع التحقيق بأن بريطانيا غزت دولة مستقلة دون أن تحصل على تفويض أممى.. ظهر أيضًا أن أجهزة المخابرات البريطانية لم تمض وراء زميلتها الأمريكية في تلفيق دعاوى أسلحة الدمار الشامل، بل نبهت الحكومة البريطانية وقتها إلى ضعف هذه الدعاوى وتهافتها، وأنها مغلوطة، ومن ثم فلا مبرر استراتيجي للحرب في الشرق الأوسط، ومع ذلك صمم توني بلير على المشاركة في غزو العراق، ولم يستجب لأكبر مليونية تقاطرت إلى لندن في أغسطس ٢٠٠٣، من كل أنحاء الجزيرة البريطانية، تحمل لافتات تطالب بوقف العدوان على العراق، وعدم مشاركة الجيش البريطاني في عملية الغزو المدبرة أمريكيًا.

ووقعت الحرب، واحتل البريطانيون البصرة، وتفكك الجيش العراقي، والأمة العراقية، وتوزعت شيعة وسنة وكردا وعربا وفرسا، وتفشى تنظيم القاعدة وتفرع إلى جبهة النصرة وخرجت منه الدواعش الذين يكفرون القاعدة ذاتها !

وضاعت الثروات العراقية وتشرد العلماء العراقيون، كل هذا تحت دعوى أمريكية واهية، بأن الغرب يبني في الشرق الأوسط نموذجًا فريدًا للديمقراطية.

نشروا الخراب والفوضى وزرعوا الإرهاب، وقدموا نموذجًا عشوائيًا مظلمًا لمستقبل الدول والجيوش العربية، وهو ما تكرر في تونس الواقفة فوق بركان، واليمن وليبيا ثم سوريا التي يحولون بكل أسلحة الشر والشياطيــن تمزيقها، لولا صمود جيشها الوطنى.. لم تكن حرب تدمير العراق إلا البروفة الأولى لحروب تدمير الجيوش العربية، وصولا إلى الجائزة الكبرى، مصر، وتدمير الجيش المصري من الداخل، بتأليب طوائف المجتمع، وتنصيب الإخوان الخونة على رأس الحكم، لا الدولة، لأن ما يجمع الإخوان والأمريكان هو ضرورة زوال الدولة.

لكن ثورة الشعب والجيش في الثلاثين من يونيو كانت الحرب المدنية المضادة للمخطط الأمريكي.

والآن وقد راجعت بريطانيا ضميــرها، وكشفت عن حقارة تابعيتها للمغامرات الأمريكية، هل تنتصر حقًا الأصوات العديدة في لندن، وتلقي بتوني بلير وبوش إلى المحاكمة الدولية لاقترافهما جرائم حرب، يشيب لها الولدان ولا تزال آثارها في خرائب بغداد والموصل والبصرة وكل مكان في العراق.

وهل يأتي يوم تراجع فيه أمريكا ضميرها، وتنتصر لشرفها كأمة متحضرة، وتحقق في جرائم رؤسائها ومغامراتهم في الشرق الأوسط.. ملعبهم المفضل للركل والتفجير.

تقرير لجنة تشيلكوت لا يدين فقط رئيس الحكومة البريطانية تونى بلير لمسايرته الأمريكان وتسخير القدرة العسكرية البريطانية لخدمة حرب بلا مبرر، استفادت منها إيران، وقبلها وبعدها إسرائيل، بل يدين أيضًا المشروع الجاري تنفيذه، وهو تقسيم الدول العربية وتفجيرها من داخلها، كما يلقي بمسئولية انتشار الإرهاب على تلك المغامرة الأمريكية البريطانية المشينة.

المخجل المؤلم ما صرح به المجرمان معًا بعد افتضاح هزلية حربهما ونتائجها الكارثية من أن العالم الآن أفضل حالا بدون صدام حسين، وأن العراق في أفضل أوضاعه!
يرون الخراب حسنًا وبهاءً.. يحتاجان مصحة نفسية، يلحق بهما أوباما.
الجريدة الرسمية