ثورة العيد الصغير!
العبد لله من ضمن الفريق الذي يؤمن بأهمية ثورة 25 يناير، ويُصدِّق أنها كانت علامة فارقة في تاريخنا، رغم ما أفرزته تلك الثورة من قرف وأشكال ضالة، وما زال ـ ذلك القرف ـ قائمًا ومُتفشيًا حتى اليوم، ولا تزال أشكاله الضالة تلك قادرة حتى اللحظة على فرض وجودها علينا كنوع من النكد الاجتماعى أو العكننة السياسية بالطريقة المعروفة بضجيج بلا طحين، أو بالأحرى جعجعة بلا طحين؛ إذ يغضب هؤلاء بشدة ويثورون بحماقة (لا بحداءة زى ما قال الكتالوج إياه) لو قررت الدولة مثلًا الاحتفال بعيد الفطر وكُل عام وأنتم بخير، أما لو اتخذت الدولة قرارًا بإلغاء احتفالات العيد فسيكون ذلك مدعاة لغضبهم وإثارتهم أكثر!
يتعامل إخواننا من الثورجية الذين يُعانى الواحد منهم من حالة تثوُّر لا إرادى لا ينفع معها القسطرة أو بالونة إياها ولا البامبرز بطريقة خالف دائمًا تُعرَف دائمًا برضه، لو قولنا دى بقرة يقولوا لأ ده تور، ولو اعترفنا إنه تور يقولوا احلبوه!
وكان من الطبيعى أن تندلع الثورة بمُناسبة وبدون مُناسبة، وبما أن هُناك مُناسبة فعلًا في هذه الأيام، فالأحرى بالثورجية المُحترفين إنهم يفضفضوا شوية ويفكُّوا ثورة علشان يريَّحوا بطنهم وأمعاءهم، يعنى على سبيل المثال دعت جماعة ستة إبريل لمليونية رافضة عيد الفطر بسبب ارتفاع أسعار الكعك في المحال الشهيرة ذات ماركات الكعك العالمية نايكى وبيير كاردان ومرسيدس!
ونجحت المليونية في جذب عدد مُناسب من المُتظاهرين لها، وتم التظاهُر بالفعل في المكان المُحدد وهو الميدان الذي يقع فيه مقر محل الحلوانى الشهير أبو أسعار غالية، وبعد أن انتهت فعاليات الثورة الأبريلية قام المتظاهرون باستيقاف سيارة تاكسى من البيضا وركبوا كُلُّهم في الكنبة الورَّانية بسبب انشغال المقعد الأمامى براكب آخر رايح نفس المشوار، وأهُم يقسموا الأُجرة سوا لحد ما ويسترن يونيون يفتح بعد إجازة العيد!
أما الدكتور (البرادعى) فقد شارك في الثورة عبر Twitter شاجبًا رافضًا مُنفعلًا بسبب الأسلوب الذي تُدار به أشهُر السنة في مصر ومؤكدًا أن العيد لا ينبغى أن يعقب رمضان مُباشرةً، وأن الدول الأوروبية والآسيوية والأمريكية المُتقدمة لا تقع في ذلك الفخ الذي يُسقطنا فيه الحُكم الحالى، وطالب بإيقاف تلك المهزلة فورًا واللجوء للديمقراطية التي تمنح الشعوب حق تقرير مصير اختيار مواعيد أعيادها وعدد ساعات صيامها دون إكراه ولا فرض!
والتقطت اليمنية المُحترفة (توكل كرمان) الرسالة وهى تجوب العالم في رحلة شوبنج استمرت طويلًا بعيدًا عن بلدها التعيس المُمزَّق الفقير الذي يسقُط القتلى أبرياء ومُجرمين على أرضه بالعشرات في كُل ساعة بسببها هي وغيرها، وقالت في تصريح لإحدى وكالات الأنباء أن الجيش المصرى هو المسئول عن تعاسة شعب المحروسة الغلبان بعد أن قرر تحديد عدد أيام عيد الفطر بثلاثة أيام فقط بدل ما يخليهم عشرة أو عشرين علشان الناس تفرح!
وقام (حمدين صباحى) المُرشَّح الدائم للأى حاجة بالاعتصام داخل مقر حزبه مُطالبًا بضرورة إجراء انتخابات رئاسية مُبكرة بعد العيد مُباشرةً، بينما انضم (خالد علي) لإضراب عُمال المناجم في نيكاراجوا، والذي بدأ قبل أيام للمُطالبة بزيادة نسبة العُمال في بدلات الهباب عند استخراج الفحم، وتم حمل الرجُل على الأعناق وهو يُطالب بحقه الأصيل في الهباب الذي يعشقه!
وكان من الطبيعى أن يُكرر الدكتور (أبو الفتوح) كلامه أن 30 يونيو كانت ثورة شعبيــة لكن 3 يوليــو كانت انقلابًا نتج عنه ـ ذلك الانقلاب ـ إن العيد الصغير أصبح بييجى قبل العيد الكبير، مع إن عيب الصغير يسبق الكبير، وفى الماضى ـ كما أكد (فتوح) ـ كان العيد الكبير بييجى بعد رمضان على طول الأول، وبعدين الصغيــر يستأذن ويدخُل حسب الأصول، منه لله الانقلاب هو السبب!
ولقد حرصت الحاجة (أم خالد سعيد) على توجيه التعازى مُجددًا للسيدة والدة (ريجينى) الإيطالى، مؤكدة لها أن ابنها ينعم الآن في الآخرة بدلًا من أن يتعذَّب في الدُنيا وهو عايش في بلد زى مصر بييجى فيها رمضان والصيام في عِز الحَر والصهد والشمس دون مُراعاة لأحاسيس البشر وآلامهم، وتدخَّل الدكتور (سعد الدين إبراهيم) لتأكيد صدقها كاشفًا عن طلب حمله بنفسه من الولايات المُتحدة ليضعه هنا للحكومة، ومفاد الطلب أن الصيام ينبغى أن يبدأ المغربية وينتهى الفجرية علشان يبقى في الطراوة، مش في عِز البهدلة والفرهضة كدة، وحتى لا يدخُل الناس على العيد وهُم خلصانين ومُصابين بالجفاف والتهاب اللوزتين وأشياء أخرى سيكشف عنها تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان!
ومن تركيا انطلق أصوات الهاربين هناك عبر قنواتهم ومواقعهم ومعها صراخ الأغا التركى (أردوغان) المُنبطح مُنذ فترة تحت الدب الروسى ـ وأخيرًا طلع له صوت ـ وهُم يؤكدون أن (مرسي) راجع بعد العيد؛ لأن قدوم العيد بعد رمضان على طول لهو أكبر دليل على إن الانقلاب يترنَّح بجد المرَّة دى!
والغريب أنه في ثانى أيام العيد تم حرق محل الكعك الشهير، ولقد اعترف أحد المُناضلين إياهم على الهواء مُباشرةً وعروق رقبته بتفُط من زوره مترين بأنه كان مع زملائه بيخطفوا الحلوانجية والفرانين ويعذبوهم ويساوموا عليهم، وأنه مع زملائه استخدموا المولوتوف لحرق المحل والكعك والبسكويت والغُريبة والبيتى فور والزباين معًا، وعندما تم الحُكم عليه ودخل السجن، خرج كُل المذكورين بأعلاه ـ ومعهم آخرون ـ للمُطالبة بالعفو عنه كونه شابًا نقيًا «كيوت»، ومينفعش يدخُل السجن علشان مش بيحب الكعك لكنه من عُشَّاق الباتون ساليه الذي غاب عن المشهد في العيد فتعذَّب لفراقه!