رئيس التحرير
عصام كامل

«الثانوية» شغلت الدنيا وأبكت الناس


فضائح ومآسي تسريب امتحانات الثانوية العامة ملأت الدنيا وشغلت الناس، لدرجة أبكت الآباء من القهر والظلم الواقعين على أبنائهم بسبب فشل الوزارة في تأمين الاختبارات وتعنت الوزير الهلالي الشربيني وإصراره غير المبرر على إعادة وتأجيل بعضها لعل وعسى ينجح في تأمينها، ضاربا بمستقبل ومعنويات مئات الآلاف من الطلاب عرض الحائط، لكنه فشل فشلا ذريعا كما توقعنا الأسبوع الماضي، وتسربت جميع الامتحانات المعادة والمؤجلة ولم تفلح محاولات الهلالي في مواجهة صفحات الغش الإلكتروني ومافيا تسريب الامتحانات التي حرقت أي مستقبل سياسي منتظر للوزير الشربيني، بعد أن قدم أسوأ أداء في أهم ملفات وزارة التربية والتعليم التي تحولت على يديه إلى وزارة الغش والتسريب.


أجزم أن الهلالي الشربيني نال رقما قياسيا من الدعوات السلبية للشعب المصري طوال شهر رمضان، فلا تكاد تخلو أسرة من طالب ثانوية عامة واتفق الجميع على أنها أسوأ سنة تشهدها مصر، من حيث سوء الأداء وتسريب جميع الامتحانات وارتباك الوزارة وعجزها عن المواجهة وفشلها في إيقاف الغش الجماعي أو حتى حماية الامتحانات، ومع هذا يتعنت الوزير ويزيد من إحباط الطلاب ويحملهم أوزار فشله وعدم قدرته على إدارة الأزمات، بالإصرار على إعادة بعض الامتحانات وتأجيل البعض الآخر مع التعهد بحمايتها وعدم تكرار ما حدث طوال الاختبارات السابقة، لكن يفشل الهلالي مجددا ويتكرر السيناريو نفسه، حتى وصل قطار الثانوية العامة إلى محطته الأخيرة مكللا بالفشل واللعنات على الوزير والوزارة.

عندما تظاهر طلبة الثانوية العامة رغم الصيام والحر والامتحانات رفضا لقرار الهلالي بإعادة وتأجيل الامتحانات، أملا في أن يجدوا استجابة من رئيس الحكومة أو رئيس الجمهورية ترفع عنهم الظلم، خصوصا أنه لا ذنب لهم في فضائح ومهازل وزارة تعمل بالبركة ومخترقة من الداخل والخارج، لكن كانت "الداخلية" بالمرصاد للطلبة المحتجين والمطالبين بإقالة وزير أضاع بدم بارد مستقبل الآلاف من الطلاب المجتهدين، لأن الارتباك رافق الاختبارات والتسريب والغش الجماعي أتيح للبعض دون الآخر، مع تعمد المبالغة في صعوبة الامتحانات والتعجيز في البعض الآخر عند إعادة الاختبار، الذي ينم عن انتقام من الطلبة وكأنهم مسؤولون عن فضائح التسريب، التي ارتكبها أشخاص من الوزارة ربما بغرض التربح المادي أو الانتقام من الوزير وتشويه صورة الوزارة والحكومة أو تحقيق الأهداف كلها معا.

لكن ما يعنينا من هذا أن الطلاب وأسرهم دفعوا الثمن، نتيجة انعدام تكافؤ الفرص، وصعوبة الاختبارات التي ستقلل حتما من معدلات النجاح، كما أن الإحباط والضغط العصبي لهما تأثير سلبي على أداء الطلاب، وهذا كله يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند التصحيح والمراجعة وقبل إعلان النتائج، وهو ما كان يجب أن يتطرق إليه رئيس الحكومة شريف إسماعيل والرئيس عبدالفتاح السيسي بعد معاناة الشعب من فضائح ومهازل وزارة الهلالي الذي اتخذ من الإعادة أسلوب حياة.

عندما تحدث الرئيس السيسي عن الثانوية العامة ذكر أن المنظومة ستتغير العام المقبل، وأن ما حصل من تسريب لن يتكرر.. لكن ماذا بشأن الظلم البين ومعاناة طلبة هذا العام وكيف نعوضهم؟! "لا حس ولا خبر" وكأن الطلبة غير مصريين!!.. أما شريف إسماعيل فقد انحاز لقرارات الوزير الهلالي وأجبر الطلبة على إعادة الاختبارات ولم يتخذ أبسط الإجراءات لمنع التسريب!! وفي الوقت نفسه لم يتحدث عن سبل تحقيق تكافؤ الفرص التي أراد إعادة الامتحانات من أجل تحقيقها!!.

اختبارات الإعادة والمؤجلة جاءت صعبة وتم تسريبها كسابقاتها، وتضمنت أسئلتها أخطاء فادحة من واضعي الامتحانات وهو ما تكرر في اختبارات أخرى، في مأساة تضاف إلى فضائح وزارة الهلالي الشربيني، لذلك اختار طلبة الثانوية توديع الامتحانات بملابس سوداء تعكس الحالة العامة التي كانوا عليها طوال شهر كامل من امتحانات عبثية تعكس سوداوية السنة الدراسية التي أدارها الهلالي الشربيني.

الكرة الآن في ملعب البرلمان وعليه محاسبة وزير التربية والتعليم لأنه المسئول الأول عن الفشل الحاصل ثم عليهم إيجاد سبل تعويض الطلاب عن أضرار الفشل الحكومي في تأمين الامتحانات وانعدام تكافؤ الفرص نتيجة التسريب والغش الجماعي، وعليهم أيضا محاسبة الحكومة كلها وعلى رأسها شريف إسماعيل الذي لم تنجح حكومته في ملف حتى الآن وجاءت الثانوية العامة لتكشف عوراتهم جميعا.
الجريدة الرسمية