مواسم الطاعات بعد رمضان.. صيام 6 أيام من شوال يعادل الدهر.. أحب الأعمال إلى الله في العشر الأوائل من ذي الحجة.. وصيام عاشوراء والأيام البيض من كل شهر اتباع لهدي النبي «صلي الله عليه وسلم»
تأتى المناسبات الدينيــة الكريمــة لتحرك شعور المسلميــن، ليقبلوا على الله فيزدادوا طهرًا وصفاءً ونقاءً، وبعد انقضاء أجواء شهر رمضان بطقوسها وضوابطها الاجتماعية والإنسانية والروحانية، يحرص البعض للحفاظ على تلك الأجواء والفضل العظيم الذي حصلوا عليه، باقتناص بعض الأوقات والمناسبات التي يعظم أجرها بالطاعات القولية والفعلية، كي يتقربوا أكثر إلى الله، وفي هذا التقرير تبرز "فيتو" أبرز مواسم الطاعات التي يجب اغتنامها بعد شهر رمضان لفضلها العظيم.
6 أيام من شوال
بعد انقضاء شهر رمضان الكريم يستحب للمسلم أن يتبعه بصيام 6 أيام من شوال لما لها من أجر عظيم، وفقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».
فصيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام بشهرين -ستين يومًا- فيكون قد حاز أجرَ صيامِ سَنَة، وإن دَاوَمَ على ذلك كان كصيام الدَّهرِ كُلِّه، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «جَعَلَ اللهُ الْحَسَنَةَ بِعَشْرٍ، فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ تَمَامُ السَّنَةِ».
عشر ذي الحجة
ومن الأعمال الصالحة المستحبــة التي ينبغي على الفرد ألا يفوت فرصة اقتناصها، صيام العشر الأوائل من ذي الحجة، لما لها من فضل كبير، فالعمل في هذه الأيام العشر أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا كلها من غير استثناء شيء منها، واليوم العاشر منها يمثل وقفة عرفات فصيام هذا اليوم يكفر الله به السنة الماضية والسنة الآتية.
ووردت الإشارة إلى فضل هذه الأيام العشرة في بعض آيات القرآن الكريم، ومنها قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} سورة الحج: الآيتان 27 -28.
كما جاء قول الحق تبارك وتعالى: { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } سورة الفجر: الآيتان 1 – 2، وقد أورد الإمام الطبرى في تفسيره لهذه الآية قوله: “وقوله: وَلَيَالٍ عَشْرٍ، هي ليالى عشر ذى الحجة، لإجماع الحُجة من أهل التأويل عليه”، ( الطبرى، 1415هـ، ج 7، ص 514 ).
وأكد ذلك ابن كثير في تفسيره لهذه الآية بقوله: "والليالى العشر المراد بها عشر ذى الحجة كما قاله ابن عباسٍ وابن الزبير ومُجاهد وغير واحدٍ من السلف والخلف"، ( ابن كثير، 1414هـ، ج 4، ص 535 )، وهنا يُمكن القول: إن فضل الليالي العشر من شهر ذى الحجة قد جاء صريحًا في القرآن الكريم الذي سمّاها بالأيام المعلومات لعظيم فضلها وشريف منزلتها.
يوم عاشوراء
كما أتـاح الله لنا فرصة أخرى في شهر محرم كي نغتنمها دون تفكير لعظم أجر الصيام فيها، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ الله الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ".
فشهر محرم به يوم له فضيلة عظيمة، وحرمة قديمة وهو يوم عاشوراء، وصيام هذا اليوم كان معروفًا بين الأنبياء -عليهم السلام- فقد صامه نوح وموسى عليهما السلام، وكان أهل الكتاب يصومونه، وكذلك قريش في الجاهلية كانت تصومه، ولقد أعطى الله عز وجل هذا اليوم، فضلًا فضاعف فيه أجر الصيام، ومن هنا نشأت الحاجة لبيان فضل هذا اليوم، وما يشرع فيه، وبيان أحوال الناس في تعظيمه.
الأيام البيض
يرتبط مصطلح "الأيام البيض" في أذهاننا دائمًا، بستة أيام من شهر شوال، إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ، فالأيام البيض هي ثلاثة أيام من منتصف كل شهر، وهي: ثلاثة عشر، وأربعة عشر، وخمسة عشر، ويستحب صيــام هذه الأيام الثلاثة.
فأجرها كصوم الدَّهر، بتضعيف الأجر، والحسنة فيها بعشر أمثالها من غير حصول المضرَّة أو المفسدة التي في صيام الدَّهر.
وترجع أهميتها إلى ما روى أبو ذر رضي الله عنه قال: إنَّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وسلم قال له: «إذا صمت من الشَّهر ثلاثة أيَّام، فصم ثالث عشرة، ورابع عشرة، وخامس عشرة»، وروى «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر».
الاثنين والخميس
ويأتي ضمن قائمة الفرص العظيمة التي يجب اغتنامها صيام يومي الاثنين والخميس، نظرًا لعرض أعمال العباد على الله ، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم، فضل صيام يومي الخميس والاثنين، حيث روى أحمد والترمذي، عن أبي هريرة، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: "تعرض الأعمال في يومي الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"، وروى مسلم عن أبي قتادة، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سئل عن صوم الاثنين فقال: "فيه ولدت، وفيه أنزل عليَّ".