رئيس التحرير
عصام كامل

عيد الفقراء.. هل يعرفه الرئيس ؟!


بالطبع قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين ولأول وهلة أننى سوف أتحدث عن عيد الفطر المبارك الذي سيحل علينا غدا بإذن الله، وكيف يستقبله الفقراء من شعب مصر، وعندما أعلنت عن عنوان المقال على حسابي الشخصي على فيس بوك تلقيت العديد من التعليقات تؤكد أن الرئيس السيسي لا يعرف شيئًا عن معاناة الفقراء في عيدهم، وهناك من ذهب إلى أنه يعلم ولكنه يغض بصره عن تلك المعاناة، وهناك من أكد أنه يقف في صف الفقراء بالكلام المعسول فقط في حين أن سياساته وسياسات حكومته تعمل على زيادة معاناة هؤلاء الفقراء وليس العكس.


وبالطبع عندما يضع الكاتب عنوانًا لمقال سيكتبه تكون فكرته متبلورة في ذهنه بشكل كامل أو شبه كامل، وليس بالضرورة أن تكون الفكرة المتبلورة في عقله هي نفس الفكرة التي تتبلور في عقل القارئ الذي يتلقى العنوان ولأول وهلة، فقد تقترب أو تبتعد وفقًا لرؤية كل متلقى، وهو ما حدث بالفعل في هذا المقال، فما أقصده بعيد الفقراء والذي أتساءل هل يعرفه الرئيس السيسي ليس عيد الفطر الذي سنستقبله غدًا وليست معاناة الفقراء من شعب مصر خلال أيام العيد، لكن المقصود هنا أبعد وأعمق من ذلك، عيد الفقراء هو أحلامهم ومطالبهم المشروعة التي ثاروا من أجلها مرتين في 25 يناير و30 يونيو، والتي حلت ذكراها الثالثة منذ أيام، ورغم ذلك لم يتحقق منها شيء حتى اللحظة، عيد الفقراء هو ذلك اليوم الذي يتحقق فيه العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.

كم من أعياد مرت على الفقراء والكادحين والمهمشين من شعب مصر ولم يشعروا بها ولم تملأ الفرحة قلوبهم، بل انكسرت نفوسهم وتحطمت أمالهم وأحلامهم وازدادت معاناتهم عبر سنوات طويلة كانت سياسات الحكومات المتتالية تسعى لتكريس الظلم الاجتماعى والانحياز المطلق للأغنياء على حساب الفقراء فتحولت أيام فئة قليلة من المصريين إلى أعياد مستمرة، مقابل تحويل أيام الغالبية العظمى من المصريين إلى سواد حالك، وهو ما أدى في النهاية إلى نفاد صبر الفقراء والكادحين والمهمشين وخرجوا للإطاحة بالمسئولين عن تحويل أحلامهم إلى كوابيس، ونجحوا في ذلك -كما توهموا- في 25 يناير وعادوا إلى بيوتهم ينتظرون قدوم العيد، لكنهم انتظروا طويلا ولم يأت..

عام ونصف العام في ظل حكم المجلس العسكري والعيد لا يأتى، وتطل علينا الجماعة الإرهابية برأسها الشيطانى واعدة الفقراء بأن عيدهم قد اقترب عبر مشروع النهضة المزعوم، وانتظر الفقراء عيدهم عاما آخر كان الأصعب في تاريخ مصر وتبدد الحلم تمامًا، لذلك خرج الفقراء ثائرون على الجماعة الإرهابية وأطاحوا بها من المشهد برمته، وعادوا إلى بيوتهم كالعادة ينتظرون قدوم العيد، وهذه المرة كانت أمالهم وأحلامهم معقودة على ذلك الرجل الذي وقف في مشهد أسطورى في 3 يوليو 2013 ليعلن انحيازه التام لإرادة الفقراء والكادحين والمهمشين ويؤكد لهم أن عيدهم قد اقترب موعده، ووثق الفقراء في الرجل ووضعوا كل آمالهم وأحلامهم بين يديه فما الذي حدث ؟! وما الذي تحقق ؟!

مرت ثلاث سنوات كاملة على ذلك المشهد الأسطورى، والفقراء ينتظرون قدوم عيدهم، ومع مرور الوقت بدأت تتبدد آمالهم وأحلامهم فالرجل الذي وثقوا به يطمئنهم طوال الوقت بأنه معهم ويسعى لتحقيق مطالبهم المشروعة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وهى عيدهم الحقيقي الذي طال انتظاره، لكن وللأسف الشديد لم تتم ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال في الواقع الملموس، فكلها وعود وهمية، فالسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي ينتهجها الرجل وحكومته تباعد بين الفقراء وعيدهم وليس العكس، فالرجل ليس لديه جديد يقدمه فمازال يعتمد في رسم سياساته وبرامجه على رجال نظام مبارك سبب كل ما حل على الفقراء من بلاء باعد بينهم وبين عيدهم، لذلك يأتى سؤالنا المشروع، عيد الفقراء.. هل يعرفه الرئيس السيسي ؟!

وهنا تأتى الإجابة واضحة لا لبس فيها يا سيادة الرئيس أنت لا تعرف ما هو عيد الفقراء أنه اليوم الذي انتظروه لأكثر من أربعة عقود كاملة ولم يأت بعد، أنه اليوم الذي ستبدأ فيه بالإطاحة بسياسات النظم السابقة كلها، تلك السياسات الرأسمالية الفاشية المنحطة التي تعمل على تكريس فقر الفقراء وغنى الأغنياء..

إن الإطاحة بهذه السياسات لا يمكن أن يتم إلا بصدام حقيقي مع رجال أعمال نظام مبارك الذين تستعين بهم في إدارة شئون البلاد لأنهم هم الذين يقفون حائلا بين الفقراء وعيدهم، فمتى تفعلها وتأتى للفقراء بعيدهم لقد تعبوا من الانتظار ولم يعد لديهم مخزون من الصبر وخروجهم القادم سيكون مدمرًا، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
الجريدة الرسمية