رئيس التحرير
عصام كامل

الاختراق الإسرائيلي لدول حوض النيل.. بنيامين نتنياهو يزور 4 دول أفريقية.. أهداف ومصالح سياسية واقتصادية وأمنية.. ورسالة واضحة بقوة تحكم إسرائيل في ملف المياه

رئيس الوزراء الإسرائيلي
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

يبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، غدا الإثنين، جولة رسمية إلى أفريقيا هي الأولى لرئيس حكومة إسرائيلي منذ 22 عاما وتشمل زيارة 4 دول من حوض النيل هي إثيوبيا وكينيا وأوغندا ورواندا.


احتفال رسمي
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن الرحلة تبلغ ذروتها باحتفال رسمي في مطار عنتيبي الدولي القديم لإحياء الذكرى الـ40 لعملية عنتيبي التي لقي فيها شقيق نتنياهو مصرعه ونفذتها فرقة كوماندوز إسرائيلية في 4 يوليو 1976 لتحرير ركاب طائرة كانت متجهة من تل أبيب إلى باريس، واختطفها فلسطينيون وألمان إلى عنتيبي.

4 طائرات إسرائيلية
ونقلت الصحيفة عن مصادر قريبة من ترتيبات الرحلة التي يسافر فيها نتنياهو مع زوجته سارة أن تكلفة الرحلة تبلغ 28 مليون شيكل أي نحو 65 مليون جنيه مصري وتشمل سفر 4 طائرات إسرائيلية على الأقل من بينها طائرة ركاب مدنية استأجرها ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي من أجل نتنياهو وعائلته وطائرة بوينج 707 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي على متنها 140 شخصا من بينهم ممثلي وحدات الجيش الإسرائيلي التي شاركت في عملية عنتيبي وذوي عائلات قادة العملية الذين ماتوا وممثلين عن عائلات الرهائن.

موكب نتنياهو
وهناك أيضا طائرتا نقل عتاد عسكري من طراز "هيركوليز" ستنقلان معدات ومستلزمات التأمين اللازمة للحراسة المكثفة التي سترافق نتنياهو خلال الزيارة بالإضافة إلى مستشفى متنقل سيتم التبرع بها في نهاية الرحلة وسيارات مصفحة سيستخدمها موكب نتنياهو.

وأكدت الصحيفة أن رحلة نتنياهو تحظى بإجراءات تأمين غير مسبوقة، مشيرة إلى أنه خلال زيارة العاصمة الكينية نيروبي سيقوم نتنياهو وزوجته برحلة سفاري إلى أدغال أفريقيا.

شمعون بيريز
وكشفت الصحيفة أن الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز رفض تلبية دعوة نتنياهو لمرافقته في تلك الرحلة بسبب التكلفة الكبيرة للرحلة كما أن داليا رابين ابنة إسحاق رابين الذي كان رئيسا لوزراء الإسرائيلي خلال عملية عنتيبي لم تتم دعوتها للرحلة.

رجال الأعمال لإسرائيليين
ويصطحب نتنياهو معه في هذه الرحلة وفدا كبيرا من رجال الأعمال الإسرائيليين الذين تم اختيارهم بمعرفة معهد التصدير الإسرائيلي وكذلك وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريجيف.

القارة الأفريقية
وكانت الحكومة الإسرائيلية أقرت في اجتماعها الأخير خطة لدعم العلاقات الاقتصادية والتعاون الإسرائيلي مع القارة الأفريقية بميزانية تبلغ نحو 50 مليون شيكل، أي ما يعادل 120 مليون جنيه.

13 مليون دولار
ويصل برنامج دفع العلاقات التجارية مع أفريقيا إلى نحو 13 مليون دولار ويتضمن إنشاء مكاتب تجارية خلال أول عامين وحوافز لشركات إسرائيلية راغبة في السوق الأفريقي وكان نتنياهو أعلن فبراير الماضي عن نيته السفر لأفريقيا الصيف الجاري.

مخاوف
وكشفت مصادر دبلوماسية أن أهداف ومصالح سياسية واقتصادية وأمنية متبادلة عديدة وراء جولة بنيامين نيتانياهو المرتقبة غدًا وسط مخاوف من أن تدفع تلك الدول للتشدد أكثر إزاء مطالب مصر بالحفاظ على حقوقها التاريخية المكتسبة في مياه النيل أو تسفر عن تعاون مع تل أبيب لتنفيذ مشروعات مشتركة تقلل من كمية المياه لمصر والسودان في وقت يتزايد فيه حجم الاستهلاك وعدم كفايتها احتياجات التنمية.

وأضافت المصادر أن إسرائيل تسعى من خلال الجولة تعزيز علاقاتها بأفريقيا أكثر مستغلةً حاجة دولها لمساعدات وخبرات لأزمة لتطوير اقتصاداتها وتعزيز قدراتها الأمنية في مواجهة الإرهاب.

أسواق أفريقية
وتابعت المصادر: "كما تسعى إلى أسواق أفريقية أوسع لبيع السلاح والمنتجات الإسرائيلية ومنع تمدد النفوذ الإيرانى في القارة السمراء خاصةً منطقة القرن الأفريقى التي تتحكم في مدخل البحر الأحمر حيث ميناء إيلات وممارسة سياسة شد الأطراف ضد مصر والسودان عند شعورها بالضيق من مواقفهما إذا رأت أنها ضد مصالحها والحصول على عضوية الاتحاد الأفريقى بصفة مراقب بالإضافة إلى الاستفادة من كتلة التصويت الأفريقية الضخمة 54 دولة في المحافل الدولية لتأييد القرارات التي في مصلحتها ومنع صدور أي قرار يضر بها كما حدث في سبتمبر الماضي عندما امتنعت عدة دول أفريقية عن التصويت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمصلحة مشروع قرار يطالب إسرائيل بفتح منشآتها النووية للمفتشين الدوليين فلم يتوافر له النصاب القانونى ولم يصدر".

الاستثمارات والخبرات الإسرائيلية
وأوضحت المصادر أن الدول الأفريقية تريد المزيد من الاستثمارات والخبرات الإسرائيلية في مجالات كثيرة في مقدمتها مكافحة الإرهاب الذي يتمدد في شرق القارة وشمالها وغربها وتطوير الزراعة خاصة زراعة الصحراء بأساليب الرى الحديثة وإدخال التصنيع الغذائى بعد أن أصبح الإنتاج الزراعى لمعظمها لا يكفى احتياجات سكانها رغم خصوبة الأراضى ووفرة المياه التي لا تعرف كيف تحسن استغلالها فضلا عن الحصول على الأدوية والخدمات والخبرات والكفاءات الطبية التي تفتقر إليها يضاف إلى ذلك رغبة بعضها في الحصول على السلاح الذي امتنعت عن تزويدها به دول كبرى بسبب تفشى انتهاك حقوق الإنسان بأيدى النظم الحاكمة التي تحرص بدورها على مساعدة إسرائيل لها للبقاء في السلطة بتدريب قوات خاصة لحمايتهم وتوفير مستشارين عسكريين لهم وامدادهم بمعلومات استخبارية بشأن ما يهدد استمرارهم واستضافة من يريد منهم العلاج في مستشفياتها فضلًا عن اقتناع القادة الأفارقة بأن إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل يفتح أمام بلادهم الباب للحصول على المساعدات الاقتصادية والتنموية من دول مثل الولايات المتحدة ومن المؤسسات المالية الدولية.

وزير الدولة الإثيوبي
وكشف تى أتاسكى وزير الدولة الإثيوبى للشئون الخارجية عن أن إسرائيل تقدم لبلاده حاليا التدريب في الزراعة، وغيرها من مجالات الخبرة وفقًا لاتفاقيات سابقة وأن حكومته تريد المزيد من الاستثمارات الإسرائيلية،في الوقت الذي وصفت فيه السفيرة الإسرائيلية في أديس أبابا إثيوبيا بالشريك الإستراتيجي لبلادها وإنها تعمل على مشاركة رجال الأعمال الإسرائيليين بالاستثمار في الزراعة والعلوم والتكنولوجيا والصحة وغيرها.

مشروعات زراعية وصناعية
لإسرائيل بالفعل مشروعات زراعية وصناعية وتعدينية في كثير من دول أفريقيا حيث توجد لها مثلًا 13 شركةت ضمن حلف تجارى يسمي أفرو جروب يهيمن على 75% من إنتاج الألماس في القارة وتشارك في استخراج الذهب والألماس في الكونغو - كينشاسا وسيراليون وغانا وأفريقيا الوسطى وخام اليورانيوم في النيجر وأنجولا وصناعات التعدين الحيوية في جنوب أفريقيا وتستثمر الشركات الإسرائيلية أكثر من مليار دولار في مجالات الزراعة والمنتجات الكيماوية والتعدين في إثيوبيا وحدها وباتت أديس أبابا أوثق حلفائها في شرق أفريقيا.

تعاون أمني واستخبارى
كما عززت كينيا تعاونها الأمني والاستخبارى معها لمواجهة هجمات حركة الشباب المجاهدين الصومالية المتطرفة فانتهزتها تل أبيب فرصة لتثبيت قدميها في منطقة القرن الإفريقى ومراقبة الملاحة في المدخل الجنوبى للبحر الأحمر لمنع تهديد الملاحة الإسرائيلية أو تهريب أسلحة من إيران لحركة حماس الفلسطينية ولاستخدامه كنقطة ارتكاز لنشر غواصات تستهدف أي تحركات إيرانية تهدد أمنها.

الدعم الفنى والتكنولوجى
وبدعم من الولايات المتحدة وشركاتها وفرت إسرائيل الدعم الفنى والتكنولوجى لبناء السدود الصغيرة وأعدت دراسات بناء ثلاثة سدود في الكونغو ورواندا ووقعت مع أوغندا عام 2000 اتفاقية تنص على تنفيذ مشروعات رى في مناطق الجفاف وتسعى لتدشين تعاون اقتصادى زراعى برأسمال يهودى لتملك أراضِ بدول حوض النيل لإقامة مشروعات لحسابها، كما أصبحت إثيوبيا ونيجيريا من أكبر مستوردى السلاح من إسرائيل.

مجال التسليح
وقال شلومو جازيت المدير السابق لمخابراتها العسكرية إنها تعاونت في مجال التسليح مع دول أفريقية عديدة من بينها إثيوبيا وكينيا والكونغو وجنوب أفريقيا والكاميرون وليبيريا ولشركاتها الأمنية دور ملحوظ في جلب مرتزقة لتدريب وتسليح ميليشيات تتولى حراسة قادة أفارقة.


أزمة بناء السدود
وفي سياق متصل تعيش مصر أزمة بناء السدود الكبرى نحو ستة سدود على النيل في دول المنبع وتحديدًا في إثيوبيا التي شرعت في بناء سد النهضة و4 سدود أخرى وأوغندا التي أعلن رئيسها البدء في بناء أكبر سد في أفريقيا على مياه النيل.

هذه الأزمة المائية ستؤدى إلى خسائر كبيرة في الزراعة ومياه الشرب والكهرباء والسياحة وعشرات المجالات الأخرى المرتبطة بنهر النيل ولأن الأمر كذلك فلابد أن نبحث عن الأسباب الحقيقية للأزمات ونحاول حلها خاصة.

المتأمل لأزمة المياه ونهر النيل وتأثيراتها المستقبلية والباحث عن جذورها سيكتشف أن لإسرائيل دور رئيسى فيها وذلك لحاجتها الملحة إلى المياه وأن ضغطها على مصر خلال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام 1979 كان بهدف الحصول على جزء من مياه النيل فضلًا عن خلق حزام أمني يحاصر مصر أفريقيًا فكان الدور الخبيث والسرى للضغط على مصر من خلال دول حوض النيل ال8 المشاركة في مياه هذا النهر.

ويعد دور إسرائيل في اختلاق وتوظيف هذه الأزمة كبير وخطير بل لا نبالغ إذا قلنا أنها رأس الأفعى في هذا المخطط كله.

الدور الإسرائيلى
ويفتح الدور الإسرائيلى في أزمة مياه النيل الحالية ملفا أوسع وأخطر مطلوب من مصر أن تلتفت إليه وتهتم به وهو ملف الاختراق الإسرائيلى لدول القارة الأفريقية.
الجريدة الرسمية