«المسجون».. قصة لـ «محمد الأعصر»
لم يعتقِد يومًا أن تكون الشمس فِى السماء واليومُ لهُ رِداء ولا يستشعِر دِفء اللِقاء وكأن الشتاء أوصد عليهِ كُل شِغاف القلب وأصبح يتوارَى بين الغيمات فـِى السماء ويتلاشَى شيىءً فشيىءً حتى صار نجمًا عاديًا ما يُميزُه قلبٌ لامِع ونبضٌ شاع طيفًا يُلمَس.
ماذا عِندما تكونُ أسيرُ دمعه جففتها أشعةُ البُعد فهِىَ لا تدرِى مصيرها مسجونه بين العبرات هِىَ ليست مِثلُهُن هِىَ ترتدِى ثوبَ الطُهر تُريدُ عبور الحنان وتتعرَّف على الأغراق كِى تتلفظ أسمَى معانيه فتعزِفُ لهُ على قارِبِها بسماتِ الحياه لكِن بين سِجن ذراعيها لهُ حاضِنه كوليد بين حنانِ أُمِه على ما مِنهُ مِن إنكار الذات كِى يدوم مسجونُ غارِق حد الجمال.
هذا الندَى الناعِم فِى أسْرِه تراهُ خلف أبوابِ القلوب لا تعتقِد أنتَ أنَّهُ موجود لكِن مَن يُسجَن يشعُر بِنَسْمِه يستشعِرُه لحنًا بين الخلود كتابَا محمود ظَلَّ كما الكنوز مأسور عُنق الحبيبه لا هُوَ ينفَك فيستَبِق ولا ينفَرِط فيقتَرِف هو يُريد كسر العاده الرتابه وفقط حيثُ عذاب الهوى نارَه فُراقَه عِتابَه ثمالَتَه أحاسيسَه غيامَتِه جنونَه تلاشيه عِناقَه هو فقط لا يُريدُ ذاتَه بل ما لا يُرَى ولا يُدْرَك ولا يُفْهَم ولا يُسأل هو يُريدُ أن يكون لا شيىء فقط قطره تسقُط مِن فيها لا تدرِى ما فيها غفله فِى هواها تيه فِى سماها حيثُ لا جاذبية إلاها لا إرادة.
لم يستطيع الاعتراف وأحب الأغتراف مِنها وفِى فِيها شهدُ الوصول والوصل صال كالمجنون يعترِف ويدور على موسيقَى العيون بين شوارِد الهوى نظره مِن بعيد ويتمنَّاها مِن قريب ويروِى قِصَصَه الخيالِيَّه كُل ليله ولِما لا وسبيلُ العاشقين قلوب.
و القلبُ فِى البُعد عنها مسجون يملؤهُ الظنون تاره تُسعِدُهُ العيون وتاره تهجُرُه كما المجنون أهٍ مِن القلبِ الشغوف لا يَملُ مِن القُرب فهو بِها مألوف لا يعرِف سِوى الأمل وصول ولهُ فيها أُصول فكيف بِها يكونُ غير موصول والشمسُ مِن وصفِها تسعَى للفتور والقمرُ يألفُ الموصول لا حد لها فالجمالُ فيها غيرُ موصود والمُتَيَمُ بين بابِها يدعوا أن يكون بينَّ التسابيح معلوم كِى يستجيبُ الحِىُ القيوم.
ماذا عِندما ينجرف القلبُ ضد هذا السيل مِن الأعصاب التِى يُسيطِر عليه العقل ماذا عَن إلتماس الأحساس بِالعبث حتَى يرى مِنها شيىء ماذا عِندما تكونُ دعوتهُ فِى ليلة القدر ماذا عِندما تغيبُ وينظُر ولو ما يُناسِمُها مِن فلوتِ الرياح ماذا عِندما تُبهِرُ الكون بِحور قلبِها وبهاءِ حِسِها ولمعةِ عيونِها ورِقةِ هَمسِها ماذا يُنتَظَر مِن عاشِق يهوَى عِبادةِ الخالِق بين يدِيها يتنسَّك.
إدراكُ اللذاتِ أن تكونِ أنتِ الزاد أن تبحثِى عَنِّى وتشعُرِى أنَّكِ بِلا سُهد تنتظرين ملامحِى كالشهد فأنا لن أهرم دونِك فأنا أعشق قدومَكِ إعلمِى أنَّ فقرِى لكِ حياه وغِناكِ قلبٌ ينبُض لكِ خلود وكيف لا وقد شُغِلتُ وفيكِ القلب يهوَى لفحة المسجون فأنا لا أعرِفُ مُنذ رأيتُك معنَى للرحيقِ دونِك ولا شذَى لِلكونِ إلا فِى ظنونِك.
أنا لم أعرِفُ أنَّ هذا المذاق بين سِجنِها يَهُدَّ كيانِى ويبعَثُنِى مِن ثُباتِى ولا أدرِى يومًا أنِى بِها أُشغَل فلم أكُن أنتوِى لها سِرًا وجاء هذا الوجدُ يفترِسُ قلبِى طوعًا فلم أعُد أنتظِرُ يومًا إلا أن أرَى فيها أمرًا فأنا فيها مُتيَّم وسبقت إلى قلبِى تأوِى وتُغَنِّى وتُلهِبُ فِى الهوَى أنفاسِى وتحرِقُنِى وكيف لا يشتاقُ قلبينا والطيرُ إشتاقَ لأعيُنِنا والنسيمُ بان عليهِ النَدَى وشَفَق الصُبح سال عسلً مُصفَّى وأنا ثَمِل بين أنفاسِها أشتاقُ الشتاء كَي أعودَ إلى أحضانِها.
وزاد الشوق أمرًا وعشِقَ فيها سِجنًا واشتهَى يومًا حديثًا لا يَحُدُهُ عُمرًا لقد أصابت نياط القلب وأنا الآن مريضُ بِالحُب وأخبرنِى بعدها الشوق أنَّهُ لا بُرءَ مِنها ولا حَدْ فكُنتُ بعدها اعترفت أنَّهُ بدايةُ النبض كُنتُ لا أحيا بل يعيشُ كما يعيشُ الفَرد ولم أشعُر يومًا أن القلب سيحيا حين تكسِرُ فيهِ النبض.
حينها أوصَدَ هوَ الزمان واستقل جزءً مِن الأوصال عالِقًا بِالجنان مُهدهِدًا مُلتاعًا بِلهيب الفِعال عازمًا تَوَلُهً يتلوهُ الزمان أنا المسجون طوعًا وحنان وأنا الذِى قلبها أوقدتُهُ بين الأنام شُغلً وحُبًا كما سِحرُ الأيام عِندما تَسبِقُ لِلجِنان وتُهَدهِد ملاكًا غاب ونام على شهدِها كما الأطفال مُدَلَلًا شغوفَ الفِكرِ والأوصاف.