رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد الغرباوي يكتب: حبيبتي.. عزوف حياة تتمدد قرب

أحمد الغرباوى
أحمد الغرباوى

إهداء
ويعود لوعده لها في مُنتهى (عِشق روحه).. يعود لصمته..
ويتركها مبارِكًا حياتهاويحترم حرية اختيارها..
ويحيا في خيْطٍ رفيع من أمل ذكرى حياة.. ويذكِّرها بألَّا تنسَى..

بألَّا تنسَى أنه..
أنه آخرُ خَيارها في نِهايَةِ عُمري الذي ابتدى في وجودها..
غصب عنه..
لم تزل حَبيبته.. وحَبيبته لم تزل أنتِ..
أنتِ..؟

حَبيبتي..
لهيب مقدَّس.. من قَدح حجارات وجَلي صخور رُوح لَهِيب مقدَّس.. في عَتمة مَتاهة نفسٍ مَدفونة..!
صوت ساقيْة (هي).. ترتيل حَفيف.. خُضرة خَريف على شَجر.. و(مَايَّة) جاريَة وسط واحة مخضرة..
مهما تجاوزت الصحراء مَدى العُمر في ربوعها الشاسعة.. تأتي (هي) ربيعٌ قَادم.. تخترقُ موجةَ صَقيعٍ عَاتية..
كما يتفذ حَرير أبيْض من شروق الربّ.. خِلسة يتسلّل بين ظُلمةِ السّحر الكثيف..

.....

حبيبتي..
تَحمُّل ذُو بال.. أقسى احتمال.. وهَمَّ التسلُّل إليْها بِسم الله..
لم تكن خَاطرة هَوى.. ولا نَشوةَ عَبث.. ولا هَرولةَ لهو.. ولا غِبطةً تترنَّح بي سُكرًا أوعَربدة..
دُرُوب المتاهات بين الخلود والزمن عِشتها.. أحيَاها..
أحَيْاها ورقة خَضرَاء.. تعَصِف بها ريحٌ شِتويَّة على غُصين أَسفل نَافِذَتك.. وربّما دُمَيعة خُضرة.. من ورقة يَتيمة تتشبَّث بالربيع دُون جدوى ينزعها الخريف عِنوة.. رقّة تمزّق ثوبًا.. وتعرّي رقيّ الأنوثة..!
وأحيْانًا.. لا بَل دائمًا أَدخُل في ذَاتِي.. وداخل زُهيْراتِ المشمش أخفيني وأنتِ.. فَهِيَ في صُفرة نينَّي عيْنيْك.. حُلمي السكون بلا روَاح.. وخرس السكوت بلا نوَاح..!
ربّما..
ربّما يحملني بائع ورد بوكيهًا.. بين الوُرود مُختبئًا.. حتى تَضعِينَهَا في حُجرَتِك.. بجوَار سَرِيرك.. تنامينَ ويَسرِي عِطري في رُوحك.. ربّما..
ربّما تحلميني خَدرك..؟
ولكنّى مَازِلت..
في خَجلِي أحيَا.. مَازِلت..
وبجوارك أرشف وِحدتي..!

......
حبيبتي..
ويخمد القَمر الوَقور لَيال قَلبِي المكسُور وثبًا إليْكِ..
بِلا دفءٍ.. بلا نُور.. يجفُّ الغدير الذي يَصبّ في رُوحِي وَضوء ظهيرة.. لأمنح..
لأمنح الربَّ نَفسِي مَجانًا..!
وحبيبي يَمنحُ نَفسَهُ لِغيْري..
يمنحه بأجرٍ..
ثمنٍ بخسٍ دَرَاهمَ معدودة..!
وحَيْاتي.. قلبي وعقلي.. جسدي ورُوحِي.. وبقايا عُمري الذي يحيَا عَشق روحك.. وحُرية مُتاحة في أي وقت كان..
كان مَهري..
مَهري..؟

......
حبيبتي..
شرارات جَوى تنطفي.. رويْدًا رويْدًا تخمد حَرار الدمع.. يترمَّد النيني كفنًا للشوف..
ومَازِلتِ..
بين الرَّماد يختفى نور..
يرُوح نور حَقِيقَتِي.. و
وأنتِ..!
......
حَبيبتي..
قمحًا ينفرط مِبْسَمها.. في لُجَى ليل.. فَسِيح بيْدر لا يَستَوعِب حَقَّ تدلُّلِ رُوحِهَا..
بين يِدِي بِرَاء عِشقٍ يزفّونها فَلاحُونَ بُسَطَاء..
وعلى خدَّيها.. يتقطَّر طِيب عَذِق من أنفاس الوالهين.. يخدر أعناق الحَالمين.. فيستيقظ الوجع مُدمن التشوُّق حِرمانًا.. يعود للوجود أملًا.. أملًا وحلمًا انتظارًا.. انتظَارًا..
حِبيبتي طراءة عُمرى..
عمرى الذي لم يزل يلفّ ويدور بحَومَتِي صَبوة عِشقٍ باهٍ.. باهِ..!
.........
حَبيبتي..
حبيبتي جَنّة لا خَطر لها.. رَيحَان دَار بقَاءٍ وخُلود..
خاطرة واحدة على أرض البشر.. لامثيل لها عَلَى سَفحِ مي يمّ..َ!
لا ضَال بصر.. ولا ضَلالَ بصيرة..
ولا وَهم عَدم.. وَلا سَراب مَسير لساقي العطش وظامئ هَوى..
لذاتها ـ غَصب عَنّي ـ قلبى إرادهَا.. ولم يُرِد.. أبدًا لم يُرِد منها..!
في كُلّ وقت..
في أي زمن..
تغزو حَيْا عُمري.. تَقتَحِمُني..
وتتنفسّها أيّامي دون انتظار ـ فقط ـ لوقت فراغ..!
ويشفق عَلىّ الربّ..
احمرار خَجَلِي يَحرقني.. وفى نفسي أحاول الفِرار من استيطانها روحي.. وأستحي من ربِّي في وَهني..
يـ.. تـ.. قـ.. طـ.. ر.. نينّى العين نِتف لحم ودمع سيْل..!
ومن حُضنه.. وبأطراف أنامله.. يرفع الشيخ الطيّب المذكور في كُلّ الأشعار والأوراد والأسفار.. وهمسه يتردَّد صداه في رُوحس:
ـ هوّن عليْك ياولدس..
الربّ يمنّ الحُبّ..وترضى الهِبة رزقًا..
وفس الله تنال عِشقًا..
عِش يا ولدي..
عِش ترنيمةِ حَيْاة..
ولا تمُت حَيْاة (جوّا) إنسان..!
لا تَمت شهيدًا..
شهيد (عِشق روح) لحدًا..!
فلاتَزل..
هي لا تَزل حبيبتك أبدًا.. أبدا..؟

.......
حَبيبتي..
أرجوكِ.. من فَضلك..
اتركيني أتمدّد قُربك كي تطهر رُوحي المُذنبة.. إن عَصت في حُبّك.. فأموت شهيد..
شهيد عِشقك..؟
فحيْاتي تعذف عن الحيْاة في بُعدك..
كما حَبيبتي..
تعذف عن حُبّي..
وترفضني روحك..!
الجريدة الرسمية