رئيس التحرير
عصام كامل

سير الأولياء.. «الجنيد القواريري» مفتي في سن العشرين

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تضج كتب الصوفية وعالمها بسير وأخبار الكثير من الأسماء غير المعروفة للعامة من الأولياء والدراويش، على الرغم من طيب ذكرهم وحلاوة مآثرهم الذين تجلوا بها في عالم صوفي بحت.


ومن أوائل أولئك الدراويش هو أبو القاسم الجنيد بن محمد الخزاز القواريري، أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري، ولد سنة 221 هـ، وكان يفتي في حلقته وهو ابن عشرين سنة.

وبدء الإيمان يتغول في قلب الجنيد منذ سن السابعة، حيث يقول: «كنت بين يدي خالي ألعب، وأنا ابن سبع سنين، وبين يديه جماعة يتكلمون في الشكر، فقال لي: يا غلام ما الشكر قلت: الشكر ألا تعصي الله بنعمه، فقال لي: أخشى أن يكون حظك من الله لسانك!، قال الجنيد: فلا أزال أبكي على هذه الكلمة التي قالها لي».

وعن أول مرة يخطب فيها الجنيد يقول: «قال لي خالي: "تكلم على الناس" وكان في قلبي حشمة من ذلك، فإني كنت أتهم نفسي في استحقاق ذلك، فرأيت ليلة في المنام، رسول الله - وكانت ليلة جمعة - فقال لي: "تكلم على الناس".. فانتبهت، وأتيت باب خالي قبل أن أصبح، فدققت الباب، فقال: لم تصدقنا حتى قيل لك!، فقعدت في غد للناس بالجامع، وأنتشر في الناس أني قعدت أتكلم، فوقف على غلام نصراني متنكر وقال: أيها الشيخ ما معنى قوله: اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله فأطرقت، ثم رفعت رأسي فقلت: أسلم! فقد حان وقت إسلامك فأسلم».

ومن أقواله:
الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول، ومن لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.

اتق الله وليكن سعيك في دنياك لآخرتك فإنه ليس لك من دنياك شيء، فلا تدخرن مالك ولا تتبع نفسك ما قد علمت أنك تاركه خلفك، ولكن تزود لبعد الشقة، وأعدد العدة أيام حياتك وطول مقامك قبل أن ينزل بك قضاء الله ما هو نازل فيحول دون الذي تريد، صاحِب الدنيا بجسدك، وفارقها بقلبك، ولينفعك ما قد رأيت مما سلف بين يديك من العمر وحال بين أهل الدنيا وبين ما هم فيه، فإنه عن قليل فنائه، ومخوف وباله، وليزِدك إعجابُ أهلها زهدًا فيها وحذرًا منها فإن الصالحين كانوا كذلك، اعلم يا ابن آدم أنّ طلب الآخرة أمر عظيم لا يقصر فيه إلا المحروم الهالك، فلا تركب الغرور وأنت ترى سبيله، وأخلِص عملك، واذا أصبحت فانتظر الموت، وإذا أمسيت فكن على ذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وإنّ أنجى الناسِ من عمل بما أنزل الله في الرخاء والبلاء.

يا ابن آدم دينك دينك، نعوذ بالله من النار فإنها نار لا تنطفئ، وعذاب لا ينفد أبدًا، ونفس لا تموت، يا ابنَ آدم إنك موقوف بين يدي الله ربك ومرتهن لعملك فخذ مم في يديكَ لما بين يديك، عند الموت يأتيك الخبر، إنك مسئول ولا تجد جوابا، إنك ما تزال بخير ما دمت واعظًا لنفسك محاسبًا لها وإلا فلا تلومن إلا نفسك.
الجريدة الرسمية