رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ الأزهر: الإسلام يدعو إلى الحوار في كل شئون الحياة

الدكتور أحمد الطيب
الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر

قال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر: "لا يختلف اثنان في الواقع على أهمية الحوار لحل أي مشكلة من المشكلات، والحوار ببساطة هو المراجعة وترداد الكلام بين اثنين متحاورين وعبر ضوابط محددة للوصول إلى إثبات قضية أو نفيها أو الاتفاق على رأي فيها سواء كان هذا الاتفاق على سلب هذه القضية أو على إثباتها.


وأضاف في حلقة من برنامجه (الإمام الطيب) الذي يذاع يوميًّا طوال شهر رمضان المعظَّم، أن القرآن الكريم هو كتاب إلهي حواري بامتياز، فالله تعالى يتحاور مع الناس في القرآن، وطلب منا أن نتحاور فيما بيننا، وكلف الرسل أن يبلغوا رسالاتهم عبر الحوار.

وتابع: «وقد وردت مادة "حوار" في القرآن الكريم، قال تعالى في سورة المجادلة (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ)، وذلك أن "خوله بنت ثعلبة" أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت له: يا رسول الله، إن أوسًا "أوس بن الصامت" تزوجني وأنا شابة مرغوب فِيَّ، فلما خلا سِنِّي، ونثرت بطني، جعلني عليه كأمه، وتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رخصة يا رسول الله فحدثني بها، فقال - صلى الله عليه وسلم:" ما أمرت بشيء في شأنك حتى الآن"».

وأكمل: «وفى رواية أنه قال لها: "ما أراك إلا قد حرمت عليه، فقالت: يا رسول الله، إنه ما ذكر طلاقًا، وأخذت تجادل النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم قالت: اللهم إني أشكو إليك فاقتي، وشدة حالي، ولي من زوجي أولادًا صغارًا، إن ضمَّهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلى جاعوا، قالت: وما برحت حتى نزل القرآن، فقال - صلى الله عليه وسلم: "يا خولة أبشر، ثم قرأ (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا...) إلى آخر الآيات الكريمة التي تبين حكم الظهار وكفارته».

وتابع الإمام الأكبر: "إثبات أدلة وجود الله والبعث والنبوة واليوم الآخر كانت عبر منهج الحوار، كالحوار في قوله تعالى في سورة النمل: )أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، والحوار مع أهل الكتاب، والحوار مع الكفار، والحوار مع المنافقين، حتى الذين قالوا بقتل المرتد اشترطوا الاستتابة بأن يكون معه حوار لأيام وقيل لشهر، وهذا من مرونة الإسلام الذي من المستحيل أن يفرض العقيدة على أي قلب، لأن القرآن الكريم قرر حقيقة اختلاف الناس، ولا يمكن أن يقرر هذه الحقيقة، ثم بعد ذلك يقرر فرض الرأي، هذا مستحيل، بل لا بد الاقتناع عن فهم.

وأوضح أن من شروط الحوار أن يكون كل من المتحاورين على استعداد لأن يقبل الحقيقة في النهاية بقلب مفتوح، وأن يكون عبر وسائل منطقية معينة للوصول في النهاية إلى رأي هو الصواب، مؤكدا أنه لا يصح الدخول في حوار منذ البداية وكل من المتحاورين متمسك برأيه، وإصرار على عدم الالتقاء، فهذا ليس حوارا، وهو للأسف الشديد ما نراه الآن كثيرا فيما يسمى حلقات الحوار، إذ نجد أحد المتحاورين لا يُسلِّم للآخَر ويعتمد أسلوب المرواغة والسفسطة، والضحية في ذلك المشاهد والسامع، وهذا ما شجعني على عدم متابعة مثل هذه البرامج، وجعلني أعيش مع كتب الأقدمين؛ لأن تراثنا العقلي يتميز بضبط رهيب في هذه الحوارات، لا يوجد مثله في أي تراث آخر.
الجريدة الرسمية