حملات اعتقالات النشطاء والسياسيين والإعلاميين بدأها السادات.. وكانت بمثابة بداية النهاية لعهده.. وفعلها مرسى الآن فهل سيلقى نفس مصيره
قرارات سبتمبر السوداء، حدثت عندما قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإصدار قرار اعتقال قائمة بمجموعة من سياسين وكتاب ورجال دين بلغ عددهم 1536من بينهم فؤاد سراج الدين، ومحمد هيكل، وعبد المنعم أبوالفتوح وغيرهم، وقد مثلوا جميع الاتجاهات السياسية المتعارضة، واختلفت الآراء حول مشروعية هذا الإجراء ودوافعه الحقيقية، ويرى البعض أن هذه الخطوة مثلت بداية النهاية للسادات.
وبالفعل لم يمر شهر بعد هذه الحملة وتم اغتيال السادات على يد «خالد الإسلامبولى» فى حادث المنصة والذى يعد أبلغ رد على مجموعة القرارات الإصلاحية التى شملت إلى جانب الاعتقالات تحديد إقامة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وإلغاء إصدار الصحف المعارضة. ففى قرار واحد، تم اعتقال جميع فئات الشعب وجميع مثقفيه، من مختلف الاتجاهات، وكل الطوائف، دون ترك معارض واحد.
ولقد برر السادات وقتها هذه الحملة بأنها جاءت لعدم منح إسرائيل ذريعة للتنصل من تنفيذ تعهداتها بالانسحاب من سيناء، نظرا لما قاله رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن كيف نضمن استمرار مصر فى الالتزام بالسلام معنا بينما هناك معارضة شديدة له داخل البلاد.
وعقب حملة الاعتقالات الموسعة قام السادات بإلقاء بيان إلى الأمة فى مجلس الشعب قال فيه، إن هناك فئة من الشعب تحاول إحداث الفتنة الطائفية، وأن الحكومة حاولت نصح تلك الفئة أكثر من مرة، وأن الآونة الأخيرة شهدت عدة أحداث هددت وحدة الوطن واستغلتها تلك الفئة وسلكت سبيل العنف وتهديد الآمنين وحاولت تصعيد الأحداث، الأمر الذى استلزم إعمال المادة 74 من الدستور المصرى والتى تنص على أنه لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستورى أن يتخذ الإجراءات السريعة لمواجهة هذا الخطر، ويوجه بيانًا إلى الشعب ويجرى الاستفتاء على ما اتخذه من إجراءات خلال ستين يومًا من اتخاذها.
وجاء فى هذا القرار حظر استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية وتم التحفظ على على بعض الأشخاص المشاركين فى تهديد سلامة الوطن باستغلال الأحداث الجارية والتحفظ على أموال بعض الهيئات والمنظمات والجمعيات التى فعلت الشىء نفسه وحل جمعيات مشهرة إذا هددت سلامة الوطن وإلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ على أموالها ومقارها بالإضافة إلى نقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا حيث تم نقلهم إلى الوظائف التى يحددها الوزير، وأيضا تم نقل بعض الصحفيين وغيرهم من العاملين فى المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين فى اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلى للثقافة.
ولقد صنف السادات المعارضة فى خطابه إلى 469 جماعة تكفير وهجرة و235 جماعات إسلامية و100متطرف دينى من الإخوان المسلمين وأعضاء جمعيات دينية إسلامية وأئمة مساجد متطرفين 259 مثير شغب وتعصب واعتداءات متبادلة مسلمين ومسيحيين و107قيادات مسيحية متعصبة ومتطرفة و240 مثير شغب ومجرمين، من أصحاب السوابق الجنائية و57 متهما بحوادث الزاوية الحمراء و36 من الأحزاب التى أسماها المناهضة منهم 16 حزب التجمع و7 من حزب العمل و3 الوفد وإضافة إلى 12 مضبوطا بتهمة التخابر مع السوفييت.
وعلى الرغم من وعد السادات بإخراج هذه القائمة من المعتقل عقب تنفيذ إسرائيل لوعدها بالانسحاب، إلا أن الأزمة تصاعدت وأدت إلى اغتيال السادات فى السادس من أكتوبر سنة 1981 أى بعد 33 يوما من الاعتقالات،وظهر جليا وقتها بعد إذاعة الخطاب الشهير أن حملة الاعتقالات وقرارات العزل السياسى التى اتخذها الرئيس انور السادات تنبأت بأن نهايته وشيكة وبالرغم من استلام الرئيس السابق محمد حسنى مبارك من سابقه على إثر اغتياله إلا أنه غاب عنه الاتعاظ من نهاية السادات وأصر فى أواخر أيامه على المضى قدمًا فى سياسة «العند» ولا سيما ما شهدته الانتخابات التشريعية فى نهاية 2011 من تجاوزات وانتهاكات وتزوير صارخ ثم الإصرار على تجاهل مطالب الشعب فى تحقيق حد أدنى من الديمقراطية وحقوق الرأى إلى جانب المناورات الواضحة لتمرير ملف التوريث لنجله جمال مبارك، الأمر الذى أدى فى النهاية للإطاحة به وقيام ثورة 25 يناير الشعبية التى أطاحت برموز الفساد.
وتؤكد كافة تحركات وقرارات الرئيس محمد مرسى أنه لم تكن له علاقة بالتاريخ، وهو الأمر الذى يوضح أن هناك حالة من التقارب بين أوضاع الأيام الأخيرة فى حياة محمد أنور السادات وما نشهده هذه الأيام فى عهد محمد مرسى فهل تعد حملة الاعتقالات التى قام بها محمد مرسى للنشطاء والسياسيين هى القشة التى سوف تقصم ظهر البعير ؟