إلغاء إجازة «30 يونيو» !
نحن شعب «مدمن أجازات».. يموت في «الكسل».. يعشق «الأنتخة».. يرفع شعار: «حي على العمل»، فإذا ما ذهب إلى «العمل» كان أول «المزوغين»، وفي آخر الشهر يقول لك: «والله يا أخي المرتب مفيهوش بركة»..!
العامل المصري - إلا مَنْ رحم ربك - «يتفنن» في «تجميع» الإجازات.. فإذا حصل على إجازة أيام «الإثنين والثلاثاء والأربعاء»، فلا يهدأ له بال إلا بـ«ضرب» يوم «الخميس» أيضا؛ ليحصل على إجازة «طويلة»؛ لأن «الجمعة والسبت» إجازة رسمية!
نفس الحال بالنسبة لإجازات الأعياد.. فلا يكتفي كثير منا - خاصة العاملين بالحكومة والقطاع العام - بالحصول على إجازة ثلاثة أو أربعة أيام، بل لا بد أن «يضرب» بقية الأسبوع. وربما يتمادى ويحصل على عشرة أيام دفعة واحدة.. وإذا لم يسمح له العمل بذلك، يتصل برئيسه المباشر، أو بأحد زملائه قائلًا له: «خد لي النهارده مرضي، أو عارضة»!
مخطئ مَنْ يقول إن «مصر هتبقى أد الدنيا»، أو أنها «شبه دولة».. فمصر فهمي، رسمي، نظمي، وعلى المذاهب الأربعة «أم الدنيا»، ليس في التاريخ فقط، لكن في الإجازات أيضًا.. وما يحصل عليه «العامل المصري» من «إجازات»، لا يحصل عليها نظيره في أي دولة من دول العالم «المتقدم» أو حتى «المتخلف»!
لكن العامل عندنا - اللهم لا حسد - يحصل على أكثر من 150 يومًا إجازات في العام الواحد.. شكلك مش مصدقني، صح؟.. تعالَ نحسبها.. عندك «جمعة وسبت» مضروبا في 52 أسبوعًا = 104 أيام.. وعندك كمان نحو شهر إجازات أعياد ومناسبات رسمية.. إيشي رأس السنة الهجرية، وعيد القيامة، وشم النسيم، ووفاء النيل، و«سبوع البنت»، و«طهور الواد»، و«استقبال أقارب المدام» يبقى عندنا أكثر من 130 يومًا.. ولو أضفنا عليهم الـ«شهر» الذي كفله القانون للعامل، لوجدناه يحصل على أكثر من 160 يومًا إجازة في السنة..!
الحكومات «الثورية» المتعاقبة لم تكتفِ بذلك، وإنما أرادت مكافأة العامل «المأنتخ»، فزادته «أنتخة» على «أنتخته» باعتماد أيام إجازة جديدة مثل «25 يناير، و30 يونيو».. وما أدرانا لعل الله يكرمنا بحكومة تقرر إعطاءنا إجازات رسمية بمناسبة الغزوات الإسلامية، وتُجرم العمل من الأساس!
قطعًا من حقك أن تتساءل: إذا كان الموظفون والعمال يحصلون على هذا الكم الهائل من الإجازات، ففي أي وقت يعملون؟ وكيف تتقدم مصر بسواعد أبنائها «المأنتخين»، خاصة أن هناك دراسات وأبحاث حديثة تقول إن الوقت الفعلي الذي يمضيه العامل «الحكومي» في العمل، لا يتجاوز 35 دقيقة في اليوم؟!
إن أكثر الدول رفاهية وتقدمًا لم يحصل عمالها وموظفوها على هذا الكم الهائل من الإجازات، بل إن العمال اليابانيين خرجوا في مظاهرات، ونظموا وقفات احتجاجية ضد قرار الحكومة بـ«تخفيض ساعات العمل»!.. أي والله «زمبؤلك» كده «تخفيض ساعات العمل»! ولو كان هؤلاء العمال عندنا في مصر لأقاموا الاحتفالات، وصنعوا التماثيل لكل من اتخذ هذا القرار، ولطالبوا بجعل يوم إصدار هذا القرار «إجازة رسمية»!
أيتها الحكومة.. كيف لدولة اقتصادها يقوم على «المنح»، و«التسول»، وتتفنن في منح عمالها إجازات مدفوعة الأجر؟ أي سفهٍ وأي حماقةٍ نرتكبها في حق بلادنا.
إن وضعنا الاقتصادي «الكارثي» لم يعد يتيح لنا رفاهية «الأنتخة»، والمطالبة بزيادة المرتبات دون الإجادة والاجتهاد في العمل؛ لذا فما المانع من إصدار قرارات بإلغاء أجازات أيام «السبت، و25 يناير، و30 يونيو...»، والاكتفاء بـ«الجمعة» فقط إجازة أسبوعية؛ لنزيد الإنتاج ونحقق التقدم والرفاهية المنشود.. وإذا ما تحقق ذلك، ساعتها سنطالب بجعل يوم إصدار هذه القرارات «إجازة رسمية»!