أيمن عبد التواب يكتب: «4 سيناريوهات» تنتظر امتحانات الثانوية العامة.. الإعادة في بعض أو جميع المواد.. الطلاب «يحرجون النظام».. قرار عقاب جماعي.. فراغ دراسي بالجامعات.. وتدخل الرئاس
المشهد أمام وزارة التربية والتعليم، وأمام بعض المديريات والإدارات التعليمية في بعض المحافظات كان مهيبًا، عدد كبير من طلاب الثانوية العامة تركوا مذاكرتهم، واستعدادهم للامتحانات المتبقية لهم، ونظموا تظاهرات حاشدة أمس الإثنين؛ احتجاجًا على قرار الوزارة بإلغاء امتحان «الديناميكا»، وتأجيل «التاريخ، والجيولوجيا، والجبر، والهندسة الفراغية».
المشاركون في التظاهرات حاصروا مبنى الوزارة والمديريات، اللافتات التي رفعوها في وقفاتهم تفضح مأساتهم في واحدة من أشباه وزارات «شبه الدولة»، والهتافات المدوية التي أطلقوها تنذر بعواقب وخيمة، إذا لم يتحرك الجميع لاحتواء غضبهم، ومعالجة المشكلة من جذورها.
النظام كاد أن يتسبب في «كارثة كبرى»، فبدلًا من أن «يطبطب عليهم»، ويتفهم دوافعهم، ويحتوي غضبهم أصر على مواجهة الغضب الطلابي بالوسيلة الوحيدة التي لا يعرف سواها؛ «المواجهة الأمنية»، فقوات الأمن طاردت المتظاهرين أمام الوزارة، وأطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع في نهار رمضان، وطاردتهم حتى فرقت شملهم، وتمكنت من إلقاء القبض على بعضهم في الغربية بتهمة «التظاهر بدون تصريح»، وممارسة أعمال «شغب وبلطجة»، قبل أن تسارع بالإفراج عنهم من قسم الشرطة!
ويخطئ مَنْ يتصور أن احتجاجات الطلبة كانت لمجرد المطالبة بإقالة وزير التربية والتعليم، الدكتور الهلالي الشربيني، أو لإحالة المتسببين في وقائع التسريب إلى النيابة العامة، أو لمجرد ترديد بعض الهتافات من نوعية: «يا اللى بتسأل إحنا مين.. إحنا الطلبة المظلومين»، «هو يمشي مش هنمشي»، «ارحل».. وإنما كانت صرخة في وجه «دولة العجز»، و«نظام الفشل».. فجميع أجهزة الدولة عجزت -حتى الآن- عن حماية «شوية ورق» تنتج أجيالًا مشوهة محطمة، وتحمل مستقبلا بلا ملامح.
أكثر من سيناريو متوقع في أزمة تسريب امتحانات الثانوية العامة، كل سيناريو أسوأ من الآخر، ويطرح العديد من علامات الاستفهام التي تحتاج إلى إجابات شافية تثلج صدور الطلاب وأولياء أمورهم الذين عانوا الأمرين طيلة عام كامل.
السيناريو الأول: «إعادة الامتحان في جميع المواد».
فطلاب الثانوية العامة في سن «المراهقة»، ويصعب السيطرة عليهم؛ تمامًا كما يصعب السيطرة على شباب «الألتراس»، وهنا نتساءل: ماذا لو تقدم آلاف الطلاب ببلاغات إلى الجهات؛ «القضاء»، مطالبين بإعادة الامتحانات، مستندين إلى اعتراف «التربية والتعليم» بتسريب امتحانات بعض المواد؟ هل تعيد الوزارة الامتحانات كلها؟ وإذا تم ذلك، فمتى تعيدها؟ وما تكلفة الإعادة، خاصة وأن تكلفة اليوم الواحد تتجاوز «15 مليون جنيه»؟
وإذا قررت إعادة الامتحانات، فمتى يكون ذلك؟ ألا يؤثر
ذلك على تنسيق الجامعات، وتأجيل الدراسة بها لمدة شهر ونصف على الأقل؟
ثم وهذا هو الأهم، إذا تم إسناد طباعة الأسئلة، وتأمين الامتحانات
إلى «جهات سيادية»، فما العمل إذا ما تكررت وقائع التسريب؟ وهل نعيد الامتحانات
مرة أخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية؟
وهنا نطرح مجموعة تساؤلات: ماذا لو توحدت كلمة جميع طلاب الثانوية العامة -وهذا سهل في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي- واتفقوا فيما بينهم على عدم خوض جولة الإعادة في المواد المؤجلة، والتي تم تسريبها من قبل، كنوع من أنواع الضغط لإقالة الوزير، أو إحراج الحكومة، أو وضع النظام في موقف لا يحسد عليه؟ فهل تملك الوزارة، أو تجرؤ على اتخاذ قرار بـ«رسوب» نحو «562 ألف طالب»، أم ستقف عاجزة، وترفع الأمر إلى القيادة السياسية؛ لتتخذ ما تراه مناسبًا من قرارات؟
السيناريو الثالث: «العقاب الجماعي».
هذا السيناريو من الاستحالة تطبيقه إلا إذا «ركبت» الدولة رأسها، وقررت معاقبة هؤلاء الطلاب بـ«إعادة السنة»، دون الأخذ في الاعتبار معاناة أولياء الأمور، ومجهود الطلبة؟
وهنا أيضًا نتساءل: كيف سيواجه النظام العجز الذي سيحدث في المدارس التي تعاني تكدسًا في الأساس، وتنوء بطلابها الحاليين؟ هل يطبق نظام الفترتين، أم سيجعل الدراسة في المنازل؟ ومَنْ سيُعالج نفسية الطلاب، ويعيد إليهم روحهم من جديد؟
ثم وهذا هو الأهم، ماذا تفعل الجامعات في هذه المصيبة، خاصة وأنها ستعاني «فراغًا» لمدة عام دراسي كامل.
السيناريو الرابع
وهذا يعتمد على تدخل شخصي من الرئيس السيسي؛ لاحتواء الغضب، ويتحدث مباشرة إلى الطلاب وأولياء أمورهم، دون وسيط؛ آخذًا على عاتقه معاقبة المقصرين، والمهملين، والمتورطين في وقائع التسريب، وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة، والتعهد بإعطاء كل طالب حقه.. إلخ.
ورغم أهمية هذا السيناريو، إلا أنه -في اعتقادي- لن يُفلح في إعادة ترميم العلاقة بين الطلاب الغاضبين وبين النظام الذي يقدم مستندات «فشله» يومًا بعد يوم.
ورغم أهمية هذا السيناريو، إلا أنه -في اعتقادي- لن يُفلح في إعادة ترميم العلاقة بين الطلاب الغاضبين وبين النظام الذي يقدم مستندات «فشله» يومًا بعد يوم.