الهلالي في عش الدبابير !
الدكتور الهلالي الشربيني من أول يوم تولى فيه المسئولية وهو في مرمى وسهام وسائل الإعلام، وهذا هو قدر أي شخص يتولى حقيبة التربية والتعليم، فلا يخلو منزلا في مصر من ارتباطه بهذه الوزارة المهمة سواء من الطلاب أو العاملين، د. الهلالي وهو أستاذ تخطيط تربوي وإدارة تعليمية، فهو يعلم جيدًا حجم المشكلات والتحديات التي تواجه التعليم في مصر، ولكن الإعلام لا يترك له الفرصة للعمل في هدوء ويحمله مسئولية 50 عامًا فشلا في التعليم، مشكلة الهلالي أنه فتح كل الملفات الشائكة مرة واحدة ووضع يده في عش الدبابير، حيث قرر إلغاء المكافآت التي كان يحصل عليها القيادات في ديوان الوزارة 40 ألف جنيه شهريًا، ثم معركته مع مافيا الدروس الخصوصية وإغلاق أكثر من 500 سنتر بعضها يمتلكها قيادات في الوزارة ثم كانت أم المعارك مع أباطرة المدارس الدولية وأول مرة يتم وضعها تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة؛ بسبب المخالفات الجسيمة فهل يتخيل أحد أن بعض هذه المدارس تحقق أرباحًا سنويًا تصل إلى نصف مليار جنيه، ولم لا، وهي تتقاضى أكثر من 150 ألف جنيه على الطفل في سنة أولى حضانة وما قبلها..
بالإضافة إلى معركته مع مافيا الكتب الخارجية ومحاولة إعادة الهيبة والاعتبار إلى الكتاب المدرسي، وحتى في طباعة الكتاب المدرسي لديه أفكار في الاستغناء عن طباعته السنوية، والتي تكلف الدولة أكثر من مليار جنيه، وهو بحق إهدارًا للمال العام، ولن أتناول جهوده في مجال تطوير العملية التعليمية والمناهج والامتحانات بحيث تواكب الدول المتقدمة؛ وذلك بمشاركــة أكثــــر من 150 أستاذًا جامعيًا وخبيرًا تربويًا، والتي سوف نجني ثمــارها بداية من العام المقبل، بالإضافة إلى مضاعفة أعداد مدارس المتفوقين وتدريب أكثر من 250 ألف معلم.
بعد كل هذه الإجراءات والقرارات المهمة التي اتخذها وزير التربية والتعليم، فكان من الطبيعي أن تجتمع عليه كل الأفاعي لإظهاره أمام الرأي العام بأنه فاشل، مستخدمين في ذلك كل أدواتهم القذرة ومحاولاتهم اليائسة بتسريب بعض الامتحانات ثم تسليط الضوء على ذلك من خلال رجالهم في وسائل الإعلام، ورغم أن تسريب الامتحانات والغش الجماعي والإلكتروني ظاهرة مصرية قديمة تمتد لعشرات السنين الماضية فإنها كانت بعيدة عن عيون الإعلام..
فإنه يحسب للوزير الحالي جرأته في اتخاذ قرار مهم وصعب في إلغاء المادة التي تسربت والتهديد بإلغاء أي مواد أخرى يتم تسريبها رغم أنها ليست مسئوليته وحده بل يشترك فيها أجهزة أخرى كثيرة، د. الهلالي الشربيني، وزير التربية والتعليم، هو ابن الطبقة المتوسطة المصرية مثل ملايين المصريين الذين بنوا أنفسهم بأنفسهم ولم يعتمد على أب أو عم أو خال أو أي واسطة أو محسوبية بل على اجتهاده وتفوقه منذ التحاقه بالتعليم الحكومي في مدارس القرية المصرية وما أدراك ما مدارس الريف ثم تفوقه في الجامعة وتدرج في السلم الوظيفي الجامعي من معيد حتى نائبا لرئيس جامعة المنصورة ثم وزيرا للتربية والتعليم ولذلك هو يشعر تمامًا بكل معاناة المواطن والبيت المصري..
ومشكلة الهلالي أنه صدق وعمل بإخلاص واجتهد في تطبيق خطاب التكليف الرئاسي بضرورة النهوض بالتعليم ومحاربة الفساد، فهل أخطأ في ذلك؟ وهل يدفع ثمن إخلاصه واجتهاده؟ وهل تحقق الدولة أحلام وطموحات الفاسدين بالتخلص منه ؟ وأن يكون كبش فداء لإرضاء الإعلام على حساب مصلحة البلد ؟ أتمنى أن تدعمه الدولة وتسانده في حربه على الفساد والنهوض بالتعليم، وهي لديها من الأجهزة ما تستطيع معرفة جهوده وإنجازاته خلال عشرة أشهر فقط، أم أن التغيير أصبح إدمانًا ومن أجل التغيير وفقط ثم الإتيان بآخر يهدم ما فعله سابقه حتى نظل دائمًا عند نقطة الصفر ولا عزاء للمجتهدين ويا فرحة الفاسدين والفاشلين.
egypt1967@yahoo.com