فوائد خروج بريطانيا للاتحاد الأوروبي
في كنف من السرية عمل نواب وموظفون وباحثون في العلوم السياسية لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل منذ زمن طويل على استشراف سلبيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن تبين أن خروج بريطانيا له إيجابيات أيضًا. تَعرَّف عليها!
وداعًا للمعرقلين!
أسهمت بريطانيا في الأربعين سنة الماضية في تشكيل الاتحاد الأوروبي، ودفعت أيضًا في مرات عديدة إلى القيام بتغييرات كثيرة، حسب وجهة نظر ألكساندر غراف لامبسدورف، نائب رئيس البرلمان الأوروبي.
لكنها لم تنفك في المقابل عن معارضة مشاريع قوانين اقترحتها المفوضية الأوروبية، لذلك فإن مغادرة بريطانيا التكتل الأوروبي سيسهل على أوروبا عملية المصادقة على بعض من قراراتها، كما يرى أحد الموظفين العاملين في الاتحاد الأوروبي، كما لن تضطر دول أوروبية أخرى إلى الاختباء وراء المملكة المتحدة في مجلس الاتحاد الأوروبي والآن فرصة يجب عليهم أن يعربوا عن أنفسهم ويتخذوا قرارات من تلقاء أنفسهم، لكن الخبير في الشئون الأوروبية يانيس إيمانويلدس يشكك في أن يسهل خروج بريطانيا عملية المصادقة على القرارات.
وبخروجها ستفقد بريطانيا وضع "العضو الاستثنائي" في الاتحاد الأوروبي، إذ أن هذا الوضع سمح لها في الماضي بالعديد من الامتيازات كالتدابير الاستثنائية، ومساهمة مالية أقل في الميزانية الأوروبية خلافًا لدول أعضاء أخرى.
عبرة لمن يعتبر..
تسعى فرنسا إلى تسريع إجراءات خروج بريطانيا من الفريق الأوروبي، وحسب بعض الدبلوماسيين الفرنسيين يجب أن يكون هذا الخروج بمثابة الضربة الموجعة، وذلك حتى تتعظ بعض الدول المشككة في الاتحاد الأوروبي من أن تحذو حذو بريطانيا، أمر أشار إليه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، إذ شدد على عدم التساهل مع الجندي المغادر للجبهة، من جهتها طالبت النائبة الفرنسية إيليزابيت غويغو "بمحاربة القوى النابذة واستخلاص العبر من درس الخروج البريطاني".
اليمينيون الشعبويون مثل مارين لوبان في فرنسا أو خيرت فيلدرز في هولندا يسعون إلى حل الاتحاد الأوروبي؛ ولهذا فإنه من الضروري ردعهم، حسب النائبة الفرنسية.
أفق قريب للجيش الأوروبي الموحد
لقد أفشلت بريطانيا حتى الآن كل المحاولات الساعية لتشكيل جيش أوروبي موحد، ومؤسسة عسكرية قوية، دون مشاركة حلف الناتو، أما الآن فمع انسحاب المعرقلين، سيكون الطريق مفتوحا أمام استراتيجية عسكرية أوروبية.
كما أن خروج بريطانيا خبر سار بالنسبة للدول التي تؤيد تدخل الحكومات في الأمور الاقتصادية والمزيد من إجراءات الحماية الاقتصادية، والتساهل في أمور الميزانية. لذلك فإنه على الاتحاد الأوروبي -حسب خبراء في الشئون الأوروبية في بروكسل- أن يولي اليوم اهتماما أكبر لأعضائه في الشرق والجنوب، بعد أن اختار القطب البريطاني المغادرة.
وظائف شاغرة قريبا
سيضطر العديد من الموظفين البريطانيين في بروكسل وستراسبورغ على المدى البعيد إلى الاستقالة من مكاتب المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي ومجلس السياسة الخارجية ولجان الخدمات الاجتماعية والاقتصادية ومؤسسات أوروبية عديدة أخرى.
ما يعني خلق مواطن شغل جديدة لبضعة آلاف من الناس، ورغم أن عدد موظفي بريطانيا في الاتحاد الأوروبي يعتبر أقل نسبيا من عدد الموظفين اليونانيين على سبيل المثال، فإنهم يشغلون مجملا مناصب عليا في مؤسسات الاتحاد، لكن عملية تغيير الموظفين ستستغرق بضعة سنوات لأن عقود العمل لا تلغى مباشرة مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
العودة إلى رقة اللغة الفرنسية
كانت الفرنسية اللغة الأساسية المستخدمة داخل أروقة مؤسسات الاتحاد الأوروبي قبل 15 سنة، وعدم إتقان مفوض أوروبي اللغة الفرنسية كان في الماضي أمرا غير قابل للتصديق.
لكن الأمور تغيرت منذ انضمام دول من شرق أوروبا إلى الاتحاد، إذ اعتمدت الإنجليزية فجأة كلغة أساسية للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى انخفاض أهمية اللغة الألمانية، والآن ومع انسحاب رائد اللغة الإنجليزية، تبدو الفرص سانحة أمام عودة الفرنسية كلغة أساسية في الاتحاد، وهذا سيسعد بالتأكيد معاهد اللغة والثقافة الفرنسية في بروكسل.
أما بالنسبة للمترجمين العاملين هناك، فلن يؤثر ذلك فى سير عملهم، إذ أن الإنجليزية ستبقى رغم ذلك لغة رسمية، لأنها اللغة الرسمية الأولى لأيرلندا ولغة رسمية ثانية لمالطا، بعد المالطية.
ترهات أقل في البرلمان
سيختفي النواب البريطانيون المعادون لأوروبا من البرلمان الأوروبي، إذ لطالما انزعج النواب المناضلون من أجل أوروبا الموحدة من الخطابات المسهبة لبعض النواب المحافظين والهجمات الحادة لحزب "استقلال المملكة المتحدة".
ورغم أن رئيس هذا الحزب نيغل فاراغ كان متقنا لفن الخطابة، "لكننا لن نفتقد ترهاته التي كان يتفوه بها"، يختم نائب عن الاشتراكيين الديمقراطيين، يفضل عدم ذكر اسمه.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل