خبير ألماني: مستقبل أوروبا رهين بإصلاح سياستها الداخلية
بعد قرار بريطانيا الخروح من الاتحاد الأوروبي تتزايد المخاوف من تبعات هذه الخطوة على باقي الأعضاء، ويرى الخبير الألماني فيليب روتمان أن نزعات الاستقلال ستتزايد في حال لم يتم اتخاذ إصلاحات كثيرة، كما يوضح في هذا الحوار.
وقال فيليب روتمان: إن حجم الكارثة هو أكبر لبريطانيا، وخاصة للبريطانيين الذين صوتوا لصالح البقاء داخل الاتحاد الأوروبي، وهم كبار السن والضعفاء اقتصاديًا اجتماعيًا.
وأضاف أن خروج بريطانيا هو مشكلة كبيرة لألمانيا خاصة في المجالين الاقتصادي والمالي، والسياسيون الألمان المدافعون عن سياسة التقشف الصارمة فقدوا حليفًا كبيرًا داخل أوروبا، كما أن موازين القوى ستتغير وهو ما سيصل تأثيره إلى مواقف الدول الأعضاء جنوب القارة.
وتابع: "أعتقد أنه لن يتم المحافظة بشكل دائم على نفس السياسة تجاه بعض البلدان كما كان الحال مع الأزمة اليونانية. وسيكون من الضروري انتهاج سياسات اقتصادية اجتماعية أكثر توجها نحو الاقتصاد المختلط الذي يمزج بين القطاعين العام والخاص (حسب النظرية الكينزي في الاقتصاد) في جميع أنحاء أوروبا، إن أرادت بقية الدول الأعضاء الحفاظ على قدراتها في المجال التعليمي والقدرة على الوصول إلى حلول وسطى مع الشركاء الآخرين".
وأوضح أن هناك الآن تهديدا لاتخاذ دول شرق وجنوب شرق أوروبا نفس الخطوة، خصوصا وأن الاعتماد على أوروبا في السياسة الخارجية كانت له دينامية محدودة سياسيا. فكما هو الحال في المملكة المتحدة، ويمكن أن نتصور أن تكون لبلدان أخرى في السنوات القادمة تحت تأثير أسباب داخلية مطالب بإجراء مثل هذه الاستفتاءات، وحينها لا يمكن للحكومات التهرب من هذه المطالب، وهذا ينطبق بشكل خاص على البلدان التي توجد فيها توجهات سياسية متشنجة، كما هو الحال في بلدان الجنوب، كإسبانيا، واليونان، ولكن أيضا في هولندا أو فرنسا، أي في كل الدول التي توجد فيها حركات شعبوية قوية.
وأشار إلى أن الضغط الممارس الآن على الاتحاد الأوروبي لأجل القيام بإصلاح للاتحاد كبير وفي حال اتبع الاتحاد الأوروبي سياسة النعامة ودفن الرأس في الرمال، سيجعل نفسه مصدرًا للسخرية، فمنسقة السياسة الخارجية فيديريكا موغيريني تريد مثلا خلال الأسابيع القليلة المقبلة تقديم ما يسمى بـ"الإستراتيجية العالمية للاتحاد الأوروبي"، فعندما تنكسر إحدى الركائز الرئيسية للاتحاد الأوروبي (بريطانيا)، ثم تنحو دولتان أو ثلاث دول نفس النهج، ويعرض عليها إمكانية التعاون العالمي، كما هو الحال مع بريطانيا الآن، فإن الخروج ببرنامج طموح للسياسة الخارجية سيكون مصدر سخرية من الاتحاد.
وقال: "في نفس الوقت فالاتحاد الأوروبي ليس لديه خيار آخر سوى القيام بخطوة إلى الأمام، وسيكون على الأرجح من اللازم توقيع اتفاقية جديدة على غرار اتفاق حول دستور الاتحاد يتيح البحث بشكل جدي عن طريقة تدبير النقاش السياسي الرئيسية في بقية دول أوروبا: ماذا نريد من أوروبا وماذا يعني ذلك لنا مستقبلا؟. على سبيل المثال، كيف يمكن الاندماج داخل الاتحاد الأوروبي على أساس طوعي، وربما فقط لأوروبا قطرية أو لمجموعات مختلفة من البلدان في مجالات سياسية مختلفة".
وتابع: "لتحقيق ذلك يجب في الدرجة الأولى القيام باستثمارات في السياسة الخارجية والأمنية لتكون الدول الأعضاء قادرة على التدخل المشترك. فأوروبا لديها سمعة سيئة بين المواطنين، لأنها تجلب على نفسها السخرية كوحش بيروقراطي، ولكن من جهة أخرى لأنها ليست قادرة على تلبية احتياجات وتطمين مخاوف الناس بشكل فعلي. وفيما يخص السياسة الخارجية يمكن للدول الأوروبية ـ ويجب عليها ـ تحقيق خطوة إلى الأمام".
ولفت إلى أن الاتحاد لاعب اقتصادي حقيقي على المستوى العالمي، لكنه متعثر خصوصًا من وجهة نظر السياسة الخارجية والأمنية، وعندما ننظر إلى الاتحاد من الخارج انطلاقًا من الصين أو من الهند مثلا، فدرجة الثقة في الاتحاد الأوروبي ستتراجع مستقبلا أكثر مما هي عليه اليوم لكن من الناحية الاقتصادية، لا يزال الاتحاد الأوروبي لاعبا عالميا، وبشكل خاص منطقة اليورو التي لم يكن البريطانيون ينتمون إليها.
وتوقع أن تتفرق المراكز المالية في اتجاهات مختلفة، وبالتأكيد فرانكفورت ستكون أحد المراكز المالية المستفيدة من هذه الأزمة، وقال: "أنا لا أظن أنه لا يوجد سبب للمبالغة في السعادة بذلك. فالكثير من الرساميل سترحل إلى نيويورك وإلى أماكن أخرى. وفرانكفورت لن تعيش بكل تأكيد فترة ازدهار كبير".
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل