أبرز ردود الأفعال الأوروبية بعد الاستفتاء البريطاني
تلقت أوروبا صدمة مدوية بعد قرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، وتبقى التوقعات كبيرة الآن حيال فرنسا وألمانيا، البلدان المؤسسان للاتحاد، لإنعاش الوضع في أجواء الانكماش الاقتصادي وصعود التيارات الشعبوية والقومية.
حذر معهد مونتيني في فرنسا من أن "محاولة الإبقاء على الوضع القائم والجمود سيشكلان انتحارًا سياسيًا" للاتحاد الأوروبي، وتبدي فرنسا ميلا إلى توجيه إشارة قوية.
ووعد وزير الاقتصاد الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة "لوموند"، بأن تكون البلاد "صاحبة مبادرة" من أجل "تجنب عدوى خروج بريطانيا من الاتحاد وإنعاش دينامية مشروع إيجابي لأوروبا على الفور".
وفي الجانب الألماني، لا يبدو الحماس واضحا إلى هذا الحد، وحذر وزير المالية الألماني فولفغانج شويبله في حديث مع مجلة "دير شبيغل"، "لا يمكننا أن نروج لمزيد من التكامل ردا على خروج بريطانيا".
وأضاف أن "ذلك سيكون أمرا غبيا وسيسأل كثيرون عل وجه حق ما إذا كنا نحن المسؤولين السياسيين، لم نفهم بعد رسالة الشعوب التي تنظر مزيد من التشكيك إلى الوحدة الأوروبية.
أما رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، فيرى أن تعزيز التكامل "يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الالتباس"، والتقدم الكبير الذي حققته الحركات المعادية لأوروبا بما في ذلك في ألمانيا، نجم عن ذلك.
وأكد مصدر حكومي ألماني طالبا عدم كشف هويته، أن "عددًا كبيرًا من الدول يشعر بخوف من هذا الموضوع لأنه لا يملك دعمًا لهذه الأفكار في الرأي العام. الجميع يفضلون التزام الحذر".
وبشأن اليورو، فالخلافات والشكوك المتبادلة بين باريس وبرلين مستمرة على الرغم من التصريحات المنمقة، وتواجه فرنسا صعوبة في السيطرة على العجز في ميزانياتها وتقبل بصعوبة أن توكل إلى هيئة تطغى على المؤسسات الوطنية أمر مراقبته.
وترفض برلين من جهتها فكرة تقاسم الديون، وقال إيمانويل ماكرون "اليوم يقف أمران محرمان في طريقنا: واحد فرنسي يتعلق بنقل السيادة والثاني ألماني ومرتبط بنقل الأموال أو التضامن"، مؤكدًا أنه "لا يمكننا التقدم بدون إزالتهما".
حاليًا، يبدو أن أي رد واسع لما بعد الاستفتاء قد نضج بعد. ويقول دومينيك مويزي من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن "الألمان يخشون أن يجدوا أنفسهم على انفراد مع فرنسا ضعيفة".
وأضاف "ليس هناك توافق على السياسة التي سيتم تبنيها في اليوم التالي". وداخل حكومة التحالف الألمانية نفسها، لا توافق على ما يبدو بين الاشتراكيين الديمقراطيين الذين يميلون إلى تأييد تكامل أكبر، ومحافظي الاتحاد الديمقراطي المسيحي بقيادة المستشارة انغيلا ميركل الذين يدعو عدد منهم إلى إعادة صلاحيات الاتحاد إلى الدول من أجل طمأنة الرأي المشكك في الوحدة الأوروبية.
وكتبت صحيفة "دي فيلت" المحافظة في تحليل "ليست هناك خطة حول ما ستفعله ألمانيا لأن الحكومة منقسمة حول استراتيجية ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، ونتيجة لذلك، تقول مصادر عدة إن العمل يتركز على مبادرات محدودة في مجالي الأمن والدفاع اللذين يتسمان بتوافق أكبر
وصرح مصدر حكومي أوروبي "سيجري الحديث كثيرا عن الدفاع الأوروبي في الأشهر المقبلة".
وأكد مصدر ألماني "هناك توافق واسع إلى درجة كافية حول إمكانية بذل مزيد من الجهود في مجال السياسة الخارجية والأمن الأوروبي المشترك".وكأمثلة على ما يدرس حاليا، مزيد من البعثات الخارجية المشتركة وتقدم في تقاسم أعباء الإنتاج وشراء معدات عسكرية وإنجاز إقامة شرطة حقيقية على حدود الاتحاد الأوروبي ردا على أزمة الهجرة أو في مواجهة التهديد الإرهابي، لكن فكرة القفزة الكبرى الممثلة بإنشاء جيش أوروبي التي يحلم بها مؤيدو الاتحاد، ستنتظر على ما يبدو.