«أحمـــــد» قصيدة للشاعر السوري خالد عاصي
(1)
سيّداتي آنساتي
سادتي
ها نحنُ في تشرينَ
ثانيةً..
.
يتغيّر الطقس
ابتداءً من غدٍ
.
أو بعد غدْ.
.
ويكونُ غيمٌ
ثمّ صحوٌ ثمّ غيمٌ
ثمّ يومٌ..
.
ثمّ..
.
ينهمرُ المطرْ.
.
ها نحنُ ثانيةً
تقولُ مذيعةُ الطقسِ
الجميلةُ
ثمَّ تلمسُ فَخْذَها
.
من دون قصدْ.
.
وتشيرُ نحو
خارطةٍ قديمةْ...
.
فيها العواصمُ
لا تُعدّْ.
.
ها نحن
في تشرينَ
كونوا
سالمينَ
.
وانْسَحَبَتْ.
.
(2)
.
تشرينُ ثانيةً..
ألا تسمعْ؟!
.
صفيرَ الريح
في العتباتِ
تبعثرُ الورقاتِ
ثمّ
تبعثرُ الورقاتْ
.
أَوَ لا تملُّ
الريحُ
بعثرةَ المبعثرِ؟!
.
حيثُ الطفلُ
في ساحِ المخيّمِ
يقتفي
أثر الفراشةِ
.
يسألُ
عن أبيهِ
كعادتهْ
.
من دونِ قصدْ.
.
ثمّ يتابعُ العرباتِ
ليقتفي
أثرَ المَعونةِ
والمَؤونةِ..
.
الطفلُ
ذاتُ الطفلِ
قربَ أخيهِ
يقفزُ
مثلَ ضفدع.
.
تشرينُ ثانيةً
.
الكلّ منهمكٌ
بحاجاتٍ
أساسيّةْ
.
وهديرُ طائرةٍ
.
وهزيمُ رعدْ..
.
في المكانِ
يُعيدُ
تشكيلَ المكانْ
.
(3)
.
في المخيّم
طفلةٌ
تتعلّم التلوينَ
والتنوينَ
.
والطرقاتُ لا تخلو
من المارّينَ
.
أقولُ
.
لم تتغيّرِ الدُنيا
كثيرا
في الحقيقةِ
.
غيرَ أنّ اللونَ
أكثرُ حدّةً..
.
والوقتُ
ذاتُ الوقتِ..
.
لكنّ الخُطى
في البردِ
أسرعْ.
.
(4)
.
الطفلُ
قربَ الجدِّ
جدِّ رفيقهِ
.
يسألُ
.
- ماذا تفعلُ؟!
.
"هاهْ? أفعلُ."
.
- هل سنعود؟
.
"هاهْ? نعودُ."
.
بيتكَ يا جدي؟!
.
-"نعم بيتي.."
.
(5)
.
ما من مفاتيحٍ
هنا
لا مزهريّاتٍ
على أرض المخيّم
لا جدارَ
ليسند الظهرَ
الكسيرْ
.
والأزهارُ
إن نبتتْ
فتنبتُ
دونَ قصدْ.
.
الطفل
يسأل
ثمَّ يسألُ
.
عن أخيهِ
وأمّهِ وأبيهِ
والطقسِ الرديءِ
وقطّةِ الجيرانِ
وملجأٍ يؤيه.
.
الطفلُ يسألُ
هل سنخرجُ للعراءِ
ثانيةً؟
لطردِ الثلجِ
عن ظهرِ الخيامْ؟...
.
الطفل يسأل..
ثمّ يسأل..
ثمّ يسأل..
أقسمُ
.
دون قصدْ
.
(6)
.
ثُمَّ
باتَ الشَعْرُ
ينبتُ
فوق وجههِ
.
دون قصدْ.
.
(7)
.
أَوَهلْ يفكّرُ أحمدُ
وهو يقلّدُ الصهيلَ
من وراء سياج؟
.
(8)
.
عبقريٌّ
أحمدُ
لا يفكّرُ
.
ليس مثلي
أحمدُ
.
عبقريٌّ
إنْ أرادْ
.
هو لا يفكّرُ
بل
يكونْ
.
أحمد الآن
الشجرةْ
.
من خلالي
ينظرُ
.
كما لو
لا يرانْ
.
كما لو
لم أكنْ
.
أحمد
لا يرمشُ
.
لا يبطشُ
.
حتّى
إذا رمشَ
أحمدُ
صار طيرًا
.
ثمّ
من خلالي
طارْ
.
كما لو
لم أكنْ
.
(9)
.
يا ليتني
لم أكنْ
.
(10)
.
وأقولُ
أحمدُ
كائنٌ
سماويٌّ
وعصفورٌ
خرافيٌّ
يطيرُ
متى يشاءْ
.
يغنّي
كيفَ شاءْ
.
ينامُ
متى يشاءُ
وأين شاءْ
.
إذا
أكل الطعامَ
أو
جاءَ المساءْ.
.
(11)
.
أحمد
يأخذُ الأصفارَ
في التاريخِ..
.
لا يبالي
بانتصارات الملوكْ
.
لا
ولا بثارات المغولْ
.
لا يبالي بالهزائمِ
والعزائمِ
أحمدُ
عندهُ
فرسٌ صغيرة
.
هوَ لا يَهُشُّ
على أحدْ
.
(12)
أحمدُ
قرب السورِ
رغم شدّ الأذن
مرّاتٍ ومرّاتٍ
يبولُ
على السياجْ.
.
(13)
كيف حالكمْ
يا أحمدُ؟!
.
"بخير."
.
يحكّ رأسه
.
يبسمُ
.
لا ينظرُ
.
في العيونْ.
_____________
عمتَ مساءً
.
أيّها العالمُ!
أيّها البردُ!
أيّتها الليمفوما!
أيّتها الحربُ!
.
يا ناس!
.
.
.
خالد عاصي - مخيّم اللجوء 2015.