رئيس التحرير
عصام كامل

سر عشق المصريين لرفاعي الدسوقى!


استطاع الممثل محمد رمضان التربع على عرش الدراما الرمضانية خلال النصف الأول من الشهر الكريم، ومع الحلقة الـ 15 من مسلسله الأسطورة، انتزع بسهولة قاعدة عريضة من المشاهدين، رغم خوضه المنافسة وسط حلبة تضج بنجوم أسماء من العيار الثقيل.


صحيح أن رمضان طالته أسهم النقد خلال الحلقات الأولى من العمل الفنى، بسبب أخطاء فنية متعلقة بالإخراج تجسدت في مشهد مقتل رفاعى الدسوقى، قبل أن يتمحور العمل على شخصية ناصر الدسوقى.

السؤال الذي يبحث دائما عن إجابة حول سر نجاح رمضان في حصد المشاهدين لصالحه، مثلما فعل العام قبل الماضى من خلال مسلسل "حبيشة"؟

اجابة السؤال ليست صعبة، فحمد رمضان راهن على الحصان الرابح في السابق، تخلى عن مشاهد الشقق المثيرة للاستفزاز، ابتعد عن قصور التجمع الخامس ونعيم "الفيلات" البعيد عن أحلام السواد الأعظم من الشعب المصري، اختار نصا من قلب الحارة المصرية، استطاع بذكاء أن يحشد جمهوره من البسطاء ويجعلهم جنودا تؤازره في ثأره من قتلة أخيه، وشحنهم وجدانيا بمشهد إهانة والدته وصفع أرملة شقيقه في مجتمع الغابة الذي لا يعرف سوي الخوف من نموذج رفاعى الأسطورة.

نموذج رفاعى الدسوقى وشقيقه ناصر يملأ الشارع المصري، لدرجة جعلت المشاهد يتعامل مع مقتل رفاعى الأسطورة على أنها حقيقة وقدمت التعازي على مواقع التواصل الاجتماعى، وباركوا الأخذ بثأره على يد شقيقه ناصر وتبادلوا أيضا. التهانى على "تويتر"و"فيس بوك".. فهناك من بين هؤلاء المشاهدين من فقد حلمه في وظيفة مرموقة بسبب الوساطة والمحسوبية، وهناك من أهدرت كرامته على يد رجل شرطة، وهناك من قتل مقرب منه وعجز عن أخذ ثأره بسبب ضعفه، وغيرهم من النماذج التي تمثل حالة الانكسار المجتمعى في ظل تفشي الفقر والبطالة وانعدام الأمل في الغد.

ذكاء رمضان تجسد أيضا في ابتعاده بعمله الفنى عن الحياة السياسية، هرب من مغازلة 25 يناير و30 يونيو، تعمد إغفال خمس سنوات الولوج الدرامى إليها محفوف بالمخاطر مثل السير في حقل ألغام يحمل صاحبه ضريبة هائلة تخصم من رصيده الجماهيري في ظل حالة انقسام مجتمعى من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، بين مؤيد ومعارض.

مسلسل الأسطورة تعامل أيضا بطريقة مرضية للمشاهد فيما يتعلق بالشرطة، من جهة قدم النموذج الإيجابى الذي يرفض الطرق الملتوية ويبنى مستقبله على تطبيق القانون، وقدم أيضا النموذج الفاسد مهنيا وأخلاقيا، وترك الحكم للجمهور.

أيضا طبخة رمضان غابت عنها الطائفية وجسدت الحارة المصرية المتجانسة التي تجمعها الأفراح والأحزان وتنتصر للمظلوم في وجه الظالم، وابتعد العمل عن الهوية الدينية التي تصر أعمال درامية أخرى في الموسم الرمضانى على التطرق إليها بطريقة مستفزة تحمل أهدافا خاصة لأبطالها.
الجريدة الرسمية