رئيس التحرير
عصام كامل

«الدروس الخصوصية» وتسريب الامتحانات.. «تقرير»

فيتو

اعتاد أولياء الأمور خلال الأعوام الماضية على الدروس الخصوصية لرفع مستوى أبنائهم تعليميًا، بعد فشل المنظومة التعليمية في تحقيق أهم أهدافها، وتخريج أجيال قادرة على النهوض بالمجتمع، وأصبح "الدرس الخصوصي" أحد أبرز أهداف غالبية المعلمين والمنتمين لتلك المهنــة، في زيادة رواتبهم لمواجهــة صعوبات الحيــاة بعد أن تخلَّت عنهم وزارتهم، وفشلت في توفيــر حياة كريمة لهم.


وقسمت ظاهرة الدروس الخصوصيــة المعلمين إلى فئات حسب المرحلة التعليمية، فيختلف معلم المرحلة الابتدائية في مستوى الدخل وسعر "الحصة" عن معلم الإعدادية، وكلاهما يتمنى الوصول لمرحلة «القط السمين» معلم المواد "الغالية" بالمرحلة الثانوية.

واستغل تجار التعليم الخاص (المدارس الخاصة) حاجة خريجي كليات التربية والمنتمين لمهنة التدريس الذين لم توفر لهم الوزارة فرصة عمل، وتشغيلهم في مدارسهم بمقابل لا يكفي سد رمقهم بـ"العيش الحاف"، معتمدين في ذلك على الفرصة التي يوفرونها لهم لإعطاء طلابهم دروسًا خصوصية بأسعار عالية.

من ناحية أخرى اختصر بعض خريجي كليات التربية والمؤهلات العليا الطريق، وفتحوا مراكز للدروس الخصوصية، دون انتمائهم لأي مدرسة حكومية أو خاصة، واعتمدوا على عدد من وسائل الجذب للطلاب، وعلى الرغم من شن وزارة التربية والتعليم في الآونة الأخيرة حملة شرسة للقضاء على الدروس الخصوصية ومراكزها بالمحافظات، فإن الظاهرة أصبحت أشد تعقيدًا، خاصة بعد تحول الفكرة من درس خصوصي لمجموعة لا تزيــد على خمسة طلاب، إلى مجموعات بالمئات داخل صالات سينما، أو ملاعب كرة قــدم، أو قاعات مناسبــات، ومراكز مشيدة ومخصصة لاستقبال أعداد كبيرة من الطلاب؛ وذلك بسبب الرواتب المتدنية التي يتقاضونها ومحاولاتهم لعيش حياة كريمة.

كما تحولت فكرة الدرس الخصوصي من رفع مستوى الطالب خارج المدرسة إلى مجرد "سبوبة" لبعض المعلمين للتربح من ورائها، إلى وضع درجات أعمال السنة لطلابهم ومحاولة مساعدتهم في الامتحانات، أصبح هناك أباطرة لتسريب الامتحانات لطلابهم على شكل أسئلة متوقعة تحت مسمى «ملزمة لا يخرج عنها الامتحان»، مستغلين في ذلك غفلة وزارة التربية والتعليم عنهم، إلى أن ظهرت الأزمة جلية واضحة بعد ذيوع صيت صفحات تسريب الامتحان ومحاولتها ابتزاز الدولة لتحقيق طلبات معينة لوقف عملية التسريبات.

التحريات أثبتت أن عملية التسريبات التي اشتهرت في الآونة الأخيرة ووصلت ذروتها خلال امتحانات الشهاة الثانوية العام الحالي يقف وراءها مسئولون وقيادات بوزارة التربية والتعليم، يساعدهم في ذلك بعض معلمي الدروس الخصوصية، وهو الخيط الذي كشفته "ملزمة" اللغة العربية التي أعلن عنها صاحب أحد مراكز الدروس الخصوصية بالعمرانية وشهرته "عصام البهنساوي" فجر يوم الامتحان وبيعها للطلاب أثناء المراجعة النهائية لهم، وتم التأكد من احتوائها على أسئلة الامتحان وإجاباتها النموذجية.

تم القبض عليه، وبمواجهته اعترف بإدارته صفحة على «فيس بوك» وهي التي أعلن من خلالها موعد المراجعه النهائية وحصوله على أسئلة متوقعة بالامتحان، واتفاقه مع الطالب "على الدين.أ.م" الطالب بالصف الثالث الثانوي، ومقيم بدائرة شرطة الأهرام، بإمداده بالأسئلة المتوقعة وإجاباتها في مادة اللغة العربية لنشرها مقابل مبلغ 10 آلاف جنيه، وطبع 600 نسخة منها لتوزيعها على الطلاب، وتم ضبط الطالب وبمواجهته اعترف بارتكابه الواقعة.

من جانبها تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من ضبط المتسببين في تسريب امتحانات الثانوية العامة على شبكات التواصل الاجتماعي واعترافهم بارتكاب الواقعة، إلا أن "غول" الدروس الخصوصية وتحولها إلى "تعليم بالكوم" من خلال حشد أكبر عدد ممكن من الطلاب في أماكن غير تعليمية واستخدام وسائل لا علاقه لها بالتعليم والفهم كالغناء وسماعات الدي جي ومكبرات الصوت، أمر يجب مواجهته ووضع حلول وآليات فعلية لمواجهته والتصدي لانحدار مستوى التعليم في مصر، من خلال الاهتمام بالمعلم ودور المدرسة، وتوفير كل الأدوات التي تمكنهم من أداء دورهم.
الجريدة الرسمية