رئيس التحرير
عصام كامل

«الصراط» حاد زلق خطافه وأشواكه تقذف الناس في النار

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بعد الحساب يوم القيامة يأتي المرور على الصراط، وهو جسر ينصب على متن جهنم يفصل بين الناس والجنة، تلتهب من تحته نار جهنم، تستعر وتلظى، حيث يأمر الله سبحانه في ذلك اليوم أن تتبع كل أمة ما كانت تعبده، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ثم يذهب بهم جميعًا إلى النار.


وتبقى أمة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، وفيها الصالحون والعصاة والمنافقون، فيُنْصَبُ لهم صراط على ظهر جهنم، على حافتيه خطاطيف وكلاليب، فيأمرهم سبحانه أن يمروا على ظهره، فيشتدُّ الموقف، وتعظم البلوى، فإذا مر عليه الإنسان ووصل لنهايته فقد نجا، حيث يجد باب الجنة أمامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا يستقبل أهل الجنة، وقد يسقط بعض الناس عن الصراط لبعض ذنوبه فتتلقفه نار جهنم، ويعذب على قدر معصيته.

الصراط
يقول العلماء إذا جمع الأولين والآخرين وحُشر الناس وأخذ بالكفار إلى النار، يبقى من ينتسب إلى الإسلام ينتظرون الله تعالى فيأتيهم الله عز وجل في صورة غير صورته، كما جاء في صحيح البخاري، يمتحنهم، والمؤمنون يعرفون ربهم، فإذا جاء في صورته سجد المسلمون، الذين كانوا يسجدون لله في الدنيا لأنهم عرفوا ربهم، وأما المنافقون الذين كانوا يسجدون رياءً يجعل الله ظهر الواحد منهم طبقًا واحدًا فلا يستطيع السجود، وهذا امتحان لكشف المنافقين من المؤمنين.

ويدعوهم الله تعالى فيتبعونه، فيأخذهم الله عز وجل إلى شفير جهنم، ويستشفع النبي صلى الله عليه وسلم، فيؤذن بضرب الجسر على متن جهنم، وهو الصراط، وهو الطريق الذي سيعبر عليه الناس.

وسألت أم المؤمنين عائشة،رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: "وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سورة" الزمر67، فأين الناس يومئذ يا رسول الله، -إذا طوى الله الأرضين والسماوات أين يكون الناس واقفين؟ ما هو مكانهم- قال صلى الله عليه وسلم: "هم على جسر جهنم"، أخرجه الإمام أحمد، وإسناده صحيح.

ويقول الداعية محمد صالح المنجد إن الصراط هو جسر جهنم الذي سيعبر عليه الناس وتكليفهم بعبوره هم مضطرون إليه لا خيار لهم في عبوره، لا بد لهم من عبوره، فالأوامر يوم القيامة ملزمة للجميع، لا يستطيع أحد أن يتخلف عن تنفيذ أمر الله أبدًا، فإذا شُق عن قبورهم دعاهم الداعي إلى أرض المحشر مرغمين يجب عليهم أن يجمعوا إلى ذلك الموقف، وإذا ناداهم الله إلى الجسر اتبعوا ذلك مرغمين، وإذا أُمروا بعبور الصراط فهم مرغمون على ذلك لا خيار لهم، الأوامر يوم القيامة لا مجال للنكوص ولا للتلكؤ عن تنفيذها، اعبر يعني يعبر.

وصف الصراط
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الصراط بعدة أوصاف: أنه زلق، فجاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قلنا: "ما الجسر يا رسول الله؟ قال: مدحضة مزلة، ومعنى مدحضة: يعني تزلق فيه الأقدام، ومزلة يعني: تسقط فيه الأجساد والأرجل، فإذًا أول صفة للصراط أنه مضروب على متن جهنم، من أولها إلى آخرها، من الطرف إلى الطرف.

أما سعة جهنم، كما وصفها النبي صلي الله عليه وسلم، "يؤتى بجهنم ولها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها"، وعمقها إذا رُمي الحجر من شفيرها لا يصل إليه إلى القعر في سبعين عامًا.

كما يصف الرسول صلي الله عليه وسلم الصراط بأن له جنبتان وحافتان، كما جاء في حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار"، وهو حديث حسن أخرجه ابن أبي عاصم وغيره، ومعنى تتقادع بهم جنبتا الصراط يعني: يسقط بعضهم فوق بعض، تسقطهم في النار بعضهم فوق بعض.

ومن صفات الجسر الواردة في الحديث الصحيح أن له كلاليب على حافتيه، روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة" مأمورة بأخذ من أُمرت به.

وفي حديث أبي سعيد، قلنا: يا رسول الله ما الجسر؟ قال: "مدحضة مزلة، عليه خطاطيف، وكلاليب، وحسكة مفلطحة، لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها السعدان"، وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفة الصراط: "وبه كلاليب مثل شوك السعدان أما رأيتم شوك السعدان"؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "فإنها مثل شوك السعدان، غير ألا يعلم قدر عظمها إلا الله".

الشراح
وقال الشُراح: الكلاليب جمع كلوب وهو حديدة معطوفة الرأس يُعلق عليها اللحم، والخطاف الحديد المعوجة كالكلوب يختطف بها الشيء، والحسكة شوكة صلبة معروفة، وقيل: نبات له ثمر خشن يتعلق بأصواف الغنم، والمفلطحة يعني العريضة، والعقيفاء أي المعوجة، وشوك السعدان نبات ذو شوك يرعى البدو إبلهم عنده مشهور بنجد، يقال مرعى ولا كالسعدان، له شوك أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرب لهم كيف تعلق هذه الكلاليب بأجساد الناس وكل تتخطف هذه الخطاطيف الناس وتعلق بأجسادهم مثل شوك السعدان الذي يعلق وإذا نشب لا يخرج.

وجاء في بعض صفات الصراط أنه أدق من الشعر، وأن حده مثل حد الموسى أو حد السيف، كما جاء في حديث سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ويوضع الصراط مثل حد الموسى فتقول الملائكة من تجيز على هذا، هذا حد الموس من يستطيع أن يجوزه" فيقول: من شئت من خلقي، فيقولون ما عبدناك حق عبادتك، أخرجه الحاكم وإسناده صحيح، وفي حديث ابن مسعود الطويل.

والصراط حده حاد جدًا مثل حد السيف أو الموس، خطاطيف وكلاليب تنهش الناس يمنيًا وشمالًا، ومن أسفل حادة كحد السيف، يقطع من يمر عليه، وهو يروغ بالناس تتقاذفهم جنبتاه فيتساقطون في جهنم إلا من شاء الله.
الجريدة الرسمية