رئيس التحرير
عصام كامل

النقيب فتحي نجم يروى ذكرياته عن نصر العاشر من رمضان

النقيب فتحي نجم
النقيب فتحي نجم

تمر السنوات على نصر العاشر من رمضان- السادس من أكتوبر عام 1973، ومازالت هناك مئات البطولات التي لم نوفها حقها إعلاميا أو معنويا، وكانها مدفونة تريد البحث عنها وبلورتها، لأنها لرجال لم يبخلوا بدمائهم وأرواحهم لتحرير الأرض ورفع راية الوطن عاليا، رجال لم يعترفوا يوما بالهزيمة بل 67 كانت الهمة التي حفزت رجال القوات المسلحة بالعمل والتدريب ليل نهار لتحقيق النصر.


النقيب فتحي نجم
ومن قصص هؤلاء الأبطال قصة النقيب فتحي نجم، أحد أبطال التوجيه المعنوي والمدفعية بحرب أكتوبر، الذي يروي لنا ذكرياته في الحرب، قائلا: "اللـــه أكـبر" كانت صيـحات الرجـال يوم النصر العظيم 6 أكتوبر الساعة 2 الظهر وكان الأمر للمدفعية: "عندما تــكون جـاهز اضـــرب".

ويضيف:"ومع أصوات انطلاق الطائرات المصرية لتدمير أهداف العـدو في عمق سيـــناء، كانت آلاف الدانات تتساقط كالسيول المدمرة فوق حصون العدو لتسـحقها وتسكت أسلحتها ومدافعها، ورجال المشاة والقوات الخاصة تحت مظلتها يعبرون القــناة، ويتسلقون السـد الترابى ليصـرعون قوات العدو وتعطيهم الصورة الحقيقية للمقــاتل المصرى الجسـور، بعد أن نجح الرائد متقاعد أحمد مأمون في تعطيل عمل الأنابيب التي تتصل بتنكات تسع 200 طن من الجازولين والنابالم الحارق ليشوي كل كائن حي يعبر القناة بعـــــمل مادة تجـــــمدها والضفادع البشرية لتسد 360 فوهة وتفتق ذهن الرائد باقى زكى، عن استخدام خراطيم المياه المندفعة لتجرف رمال الساتر الترابي".

وأضاف نجم: "تم تجنيدي بعد جولة 1967 مع عدد كبير من الشباب الذين يحملون المؤهلات العليا، لتحقيق الاستيعاب السريع لقواعد القتال والأسلحة المتطورة في وقت أقل و(صراع مع الزمن) فكانت أول دفعة شاملة للمؤهلات العليا في ينـايـر 1968، وكنت وقتها حاصلا على بكالوريوس فنون، وتم توزيعنا على الأسلحة القتالية (مدفعية ومدرعات)، وتم التدريب الأساسى ثم تخصصى في المدفعية هذا والعدو يواصل اعتداءاته، ولنا الرد بالمثل حتى نتمكن من تجميع قواتنا.. لندمر عدونا ونسترد كرامتنا، ويظل يضرب أهدافا مدنية ومدارس.. وبيوت الآمنين على طول خـــــط القناة، وقواتنا الخاصة لهم بالمرصاد في سيناء".

واستطرد:" كانت حـرب الاستنزاف التي استمرت من وقت النكسة إلى نصر أكتوبر 73، وأثناء حرب الاستنزاف أصبت في قدمي وتم حجزي في المستشفى لمدة شهر وشهرين آخرين علاج طبيعي بعدها تعافيت وطلبت أن أذهب إلى الجبهة مرة أخرى".

وقال أيضًا:" تم تعييني في التوجيه المعنوي، وكان الغرض منه وقتها الشــحــذ والبناء المعنوى للمقاتل المصرى وإزالة آثار هزيمة 67 ومواجهة الحرب الـنفسية التي يشنها العدو، من خلال محاضرات نظرية مع التدريب العملى بالوحدات مع الجنود، وخلال المناورات العسكرية..فالتوجيه المعنوى ترسيخ الإيمان بقـدسـية الجهاد وتجسيد العقيدة القتالية وهـو فن التعامل مع المقاتل، بهدف رفع المعنويات ليمكنه تحقيق النصر مهما كانت الصعاب، وذلك بتوفير الاستقرار النفسى بحل المشكلات داخل وخارج الوحدة، ولم أنس أبدا كلمة الفريق فوزى وزير الحربية لنا في حفل التخرج للفرقة التخصصية".

وتابع:"إذا أتممتم دراستكم هذه بنجاح.. وتم تنفيذ البرنامج المخصص لكم على الوجه الأكمل..أكون بذلك قد أتممت 50% من مهمتى..) وأننى فخور بتخريج أول دفعة بنيت على أسلوب علمى، ووجهت توجيها معنويا لصالح قواتنا المسلحة أن التوجيه المعنوى ضرورة حيوية تستلزمها شدة القتال والصراع مع العـدو".

وأشار نجم إلى أن هناك اأطالا لهم مواقف كبيرة لم يسجلها الإعلام مثل الجندي أبو السعد كان أميا لا يجيد القراءة ولا الكتابة ولكنه يتمتع بذكاء وبصيرة وهبها الله له، مضيفًا:"كان أحد الأفراد الذين يعملون على المدفع يناول الذخيرة ويرفع الغنداق (ذراع تثبيت المدفع) ولكن عيونه على جهاز التنشين المعقد، وكانت جميع الحروف بالروسية، والأرقام باللاتينى واصر أبو السعد على أن يعمل "ناشنجى"، ويتعلم ضبط الجهاز وأصبح أفضل "ناشنجى"، وأسرعهم يختار دائما في مسابقات رماية المدفعية".

وتابع:"نوعية أخرى مثل ميدو سبرتو.. كان قبل الالتحاق بالجيش "هجاما"، وبعد أن التحق بالجيش رجع عن كل ما اقترفه من سوء، وكان سباقا إلى الصلاة مع واعظ الوحدة وكانت أسعد أوقاته ودائما يطلب اجازة أسبوعية ليساعد أخاه في أعمال السباكة، ليعول أسرته وإخوته البنات.. وفى الأمسيات القمرية يحكى نوادره مع الابتسامات".
الجريدة الرسمية