رئيس التحرير
عصام كامل

مأساة مع منظومة التعليم

فيتو

يتحدث الناس الآن عن ظاهرة تسريب الامتحانات والغش التي تنتشر بشكل غريب في مجتمعنا مع بدء موسم الامتحانات، ولم يلتفت الجميع إلى السبب الأساسي وراء انتشار هذه الظاهرة، التي تفشت سريعًا وأصبحت علامة بارزة للمستوى الذي وصلت إليه أخلاقنا من انحطاط وتردي.


المشكلة الرئيسة في هذه الظاهرة تكمن في التعليم نفسه، فمأساة الغش موجودة منذ زمن بعيد – رغم اختلاف الأداة التي يتم بها الغش – لكن ما جَدَّ على الغش تسريب الامتحان من مصدره، وتلهف الطلبة غير العادي في الحصول على نسخة من تلك الامتحانات المُسربة، مع علمهم بأنَّ هذه الطريقة غير قانونية، فلماذا يُخاطرون بمستقبلهم بأكمله إلى هذه الدرجة؟!، الإجابة تتواجد دائمًا في كلمة واحدة "التعليم".

منظومة التعليم في حد ذاتها كارثة لا يمكن التعامل معها للأسف، سنوات طويلة تعاقبت على العقم التعليمي، يتغير المسئولون المنوطون بالهيكل التنظيمي للوزارة، لكن لا تتغير أبدًا لا المفاهيم ولا النُظم؛ لأنَّ طريقة التفكير هي الأهم، هي السبيل الأوحد للتغيير الحقيقي.

ظاهرة التسريب نتاج أصيل وطبيعي لما وصل إليه حال التعليم في بلدنا، فالتعليم "التيك أواى" سِمة هذا العصر؛ لأنَّ التلاميذ – خاصة في الشهادات العامة – لا يذهبون إلى المدرسة إلا فيما نَدر، يكتفون فقط بالدروس الخصوصية التي يأخذونها في جميع المواد مهما كلفت هذه الدروس أسرهم، أما المدارس الحكومية – فحدث ولا حرج – فصل به 80 "راس" كما يَصفهم معلميهم، لا يمكن أنْ يُشجع أي مدرس كى يُعطي كامل طاقته في الشرح، في حصة دراسية لا تتجاوز نصف ساعة، فتكون المُحصلة "زيرو" بالطبع.

تُحارب الحكومة الآن الصفحات الإلكترونية التي تقوم بتسريب تلك الامتحانات، رُغم أنه من المفترض البحث أولًا عن الأسباب التي أدت إلى وقوعها بتلك الطريقة المقززة، فهى تُسئ لوزارة التعليم لا لأحدٍ آخر، فصفة التربية التي التصقت باسمها باتت لا محل لها من الإعراب.

لو كان تعليمنا قادر على تحقيق أمنية الطلاب في مستقبل علمي مُشرق لهم، لما استسهلوا سلك هذا الدرب، ولما خاطروا بمقدراتهم هم وأهليهم، فالطالب كما نعلم جميعًا وظيفته الوحيدة المذاكرة ولا شىء غيرها، لكن في زمننا هذا من الواضح أنَّ للطالب وظائف أخرى تمنعه من المذاكرة فيلجأ إلى الغش والتسريب، حتى يخرج سالمًا غانمًا من معترك الامتحانات غير عابئ بما سيترتب عليه مستقبله، فما بُنى على باطل فهو باطل.
الجريدة الرسمية