رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات داعشية ترفع شعار «القتل للجميع».. كل الطرق في مصر تؤدي إلى الدم.. تعرية سيدة المنيا جريمة ضد الإنسانية.. وحادث الهلايلة والدابودية «كارثي» ومجزرة كرداسة تفوق جرائم التنظيم ا

سيدة المنيا
سيدة المنيا

شهدت السنوات القليلة الماضية عددا كبيرا من الوقائع المؤلمة التي تعكس تغيرا جذريا طرأ على نفوس المصريين، ونال من سلامهم النفسى، فأصبحت لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، جرائم وحوادث مخجلة تقع بوتيرة متسارعة، كان آخرها واقعة تعرية سيدة مسيحية بقرية الكرم بالمنيا وسحلها في مشهد بربرى لا يختلف كثيرا عما تقترفه أيادى حمقى داعش، وهذه الواقعة سبقتها وقائع أشد بؤسا، من بينها مجزرة ضباط مركز شرطة كرداسة وواقعة مقتل الشيخ الشيعى حسن شحاتة والتمثيل بجثته، وحادث الهلايلة والدابودية في أسوان والذي خلف عشرات القتلى الذين تم التمثيل بهم أيضا وعشرات المصابين.. التقرير التالى يلقى الضوء على جانب من داعشية المصريين..



سيدة الكرم.. حينما تعرى الوطن
طلت شائعة بوجهها القبيح كحية، أوداجها منتفخة تنفث سمومها في أرجاء قرية الكرم التابعة لمركز أبو قرقاص جنوب محافظة المنيا، تزعم أن علاقة آثمة نشبت بين امرأة مسلمة متزوجة وشاب مسيحى سرعان ما انتشر سمها فانطلقت شرارة أشعلت القرية فُسلبت الممتلكات وأحلت الأعراض وتم تعرية سبعينية قبطية لا تملك من أمرها شيئا.
وفى التفاصيل.. تعرض مسيحى يدعى أشرف عبده عطية لتهديدات مما دفعه لترك القرية، فيما حرر والداه محضر في مركز شرطة أبو قرقاص يوم الخميس الموافق 19 مايو الماضي، بتعرضهما لتهديدات، وفى اليوم التالى لتقديم البلاغ خرجت مجموعة تقدر بـ300 شخص يحملون أسلحة متنوعة وأحرقوا سبعة منازل بعد سلب محتوياتها قدرت الخسائر بـ350 ألف جنيه، ثم قام بعض المعتدين بتجريد سيدة مسيحية مسنة من ثيابها مشهرين بها أمام الحشد الكبير بالشارع، حتى وصلت قوات الأمن إلى القرية وألقت القبض على ستة أشخاص وباشرت معهم التحقيقات.


مجزرة كرداسة
ولاتغيب عن الأذهان مجزرة مقتل ضباط شرطة كرداسة بالجيزة قبل ٣ أعوام عندما هاجمت عناصر إخوانية المركز وقتلت جميع ضباطه وجنوده، كما عمدت سيدة إلى سكب مياه النار في فم أحد الضباط وهو صائم.


حسن شحاتة.. الرقص فوق جثة الشيعى
ما زالت ماثلة للأذهان قصة مقتل الشيعى حسن محمد شحاتة المشهور بخطبه ومحاضراته التي أثارت الرأى العام خاصة بعد تغيير معتقده من السنى إلى الشيعى وتعرضه للاعتقال أكثر من مرة.
ولأن الشيعة المصريين لا يلقون الاعتراف الحكومى بوجودهم فضلا عن إقصائهم شعبيا فهم لا يملكون أي مسجد ليقيموا فيه شعائرهم، لذا فهم يتجمعون في بيت أحد الأفراد المنتمين للمذهب بتجمعات صغيرة لهذا الغرض، وفى يوم الأحد الموافق 23 يونيو من عام 2013 خلال حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، كان حسن شحاته قد قدم إلى دار أحد الشيعة من سكان قرية زاوية أبو مسلم للاحتفال بميلاد الإمام المهدى «الإمام الثانى عشر عند الشيعة» وهو احتفال يحييه المسلمون الشيعة في كل أنحاء الأرض.
فحاصر حشد كبير البيت ثم كسروا الباب، وصعدوا إلى الطابق الثانى فأوصد حسن الشيعى ورفاقه الباب الحديدى المؤدى إليه، لكنهم بدءوا يطرقونه بدوره. وبدءوا يحطمون قطع الأثاث كلها ويلقون بالطعام في الشارع، ثم صعدوا إلى السطح وتمكنوا من إحداث ثقب في سقف إحدى الغرف. وكان هذا أخطر الأمور، فقد بدءوا يلقون زجاجات المولوتوف داخل الغرفة من الثقب، فأشعلت النيران في ثياب أحد الرجال، ثم بدءوا يلقون زجاجات المولوتوف من الشرفة.
فقرر الشيخ حسن في لحظة معينة مغادرة المنزل مع شقيقيه ورجل رابع، يدعى عماد، لحماية الموجودين داخل المنزل من تواصل الهجوم، بما أن الواقفين بالخارج كانوا ينادون باسم الشيخ حسن، فاعتدى الحشد على الرجال الأربعة بشكل وحشي، بالقضبان الحديدية والعصى الخشبية، ضربًا على الرءوس والظهور، ثم أوثق الحشد أياديهم وجروهم عبر الشوارع، وهم يهتفون «الله أكبر» و«بالروح بالدم نفديك يا إسلام» حتى سقط حسن شحاتة جثة هامدة مدماة على الأرض ويقوم عدد من هؤلاء القوم بدهس الجثة بالأرجل، في مشهد ترفضه أي نفس سوية، حتى لو اختلفنا مع شحاتة جملة وتفصيلا في أفكاره.


مهندس السويس.. الأمر «بالقتل» والنهى عن المنكر
ومن الحوادث المشابهة التي تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن الفكر الداعشى متجذر في عقل بعض لمصريين هو إقدام طائفة أطلقت على نفسها جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر على إزهاق روح شاب لمجرد وقوفه مع خطيبته على كورنيش السويس.
كان شاب من محافظة السويس يدرس في الفرقة الثالثة بالمعهد العالى للتكنولوجيا قسم هندسة مدنية، يدعى أحمد حسين عيد، «20 عامًا»، توفى في منتصف عام 2012 بعد نقله إلى مستشفى الإسماعيلية الجامعى عقب قيام ثلاثة مجهولين بقتله.
ملتحون يرتدون جلابيب قصيرة وبنطالات ينتمون لجماعة تطلق على نفسها «الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» بطعنه بالقرب من منطقة الكورنيش بالسويس أثناء تواجد الشاب القتيل بصحبة خطيبته.
وتسبب الحادث في انتشار حالة من الرعب والفزع بين المواطنين لأن الجماعة المسماة بـ«الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» من شأنها تهديد مبدأ الدولة المدنية وترك الأمور بأكملها لذوى الفكر الداعشى لتطبيق ما يحلو لهم من قوانين الحلال والحرام حسب أهوائهم.

الهلايلة والدابودية
ولم تغب عن الذاكرة المصرية حتى الآن مجزرة الهلايلة والدابودية في أسوان والتي وقعت قبل عامين، وسقط خلالها عشرات القتلى الذين تم التمثيل بجثامينهم ثم حملةا على سيارة النقل والطواف بهم، فضلا عن إصابة العشرات، في مشاهد تكشف حالة الكراهية وحب الدم التي اجتاحت نفوس المصريين، بمن فيهم أهالي الصعيد المعروفين بالطيبة وحسن المعاملة.
وأخيرا.. فإن مطالعة صفحات الحوادث اليومية والأسبوعية تؤكد أن المنهج الداعشى يتسلل إلى نفوسنا ويتوغل في صدورنا ويحكم تصرفاته، فالفتل لم يعد شيئا مخيفا، والتشويه لم يعد أمرا مروعا، والأمر لم يقتصر على الكبار بل امتد أيضا إلى الأجيال الجديدة
التي أبصرت النور، فلم تجد خطابا دينيا مستنيرا، ولا خطابا ثقافيا متقدما، ولا تعليما إيجابيا، ولا إعلاما أمينا..لتكون النتيجة الحتمية: كل الطرق تؤدى إلى داعش.
الجريدة الرسمية