رئيس التحرير
عصام كامل

عن اختلاف «شاهين» و«الشحات» حول منح الزكاة للدولة !


رغم أننا نحتسب الدكتور محمد الشحات الجندي على مدرسة العقل في فهم الإسلام الحنيف إلا أننا صدمنا من رأيه أمس مع الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث، عندما رفض فتوى الدكتور مظهر شاهين بجواز دفع الزكاة إلى الدولة!


الدهشه مصدرها أمور كثيرة، منها أن الدكتور الشحات يعلم أن الدولة نائبة عن المواطنين في إدارة المجتمع، ووكيله عن الشعب في تصريف أموره وتسييرها، وهو يعلم أن الأزهر الشريف يقوم على جمع الزكاة وهو أحد مؤسسات الدولة، وهو يعلم أيضا أن مصارف الزكاة وليست مصادر الزكاة كما وصفها من بينها الفقراء والدولة تنفق عليهم أو هكذا ينبغي، ومن بين مصارفها الغارمين وجزء من الأنفاق يتم بالفعل للإفراج عنهم وخصوصا الغارمات منهم..

والدكتور الشحات يعرف أن إصلاح الطرق أو زيادة مخصصات العلاج في المستشفيات هو الإنفاق على الفقراء والمساكين وعابري السبيل الذين جاء ذكرهم في الآية الكريمة وهي " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"، وفيها بند الإنفاق في سبيل الله وهو بمعناه العصري إعداد الجيش وتجهيزه وتسليحه! فمن أين أتى الدكتور الشحات بكلامه؟!

الأكثر دهشة هو: الآيه تضم في مصارفها "المؤلفة قلوبهم" وهم من غير راسخي الإيمان في قلوبهم أو ممن أحسنوا إسلامهم، لكن هناك هدف من منحهم جميعا أموال وعطاءات لتأليف قلوبهم للإسلام..فأين هو هذا "البند" الآن ؟ هل حقيقة لا يعرف الشيخ الشحات ؟ قطعا يعرف أن الآية نزلت وكان المسلمون في أول عهدهم بتأسيس دولتهم إلا أنه وبعد مرور سنوات بسيطة صار المسلمون قوة كبيرة، مما دعا أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب بوقف "البند" أو المصرف لأنه أدرك أن الإسلام ليس في حاجة إلى ذلك بعد أن صار قويا !

ماذا نفهم من ذلك؟ نفهم أنه وبعد مرور سنوات قليلة من نزول الوحي يحمل تشريعا في الآية المذكورة إلا أنه بعدما تغيرت الظروف في ظرف سنوات قليلة تم وقف العمل بالنص المذكور، وهذا يعني أيضا أن الاجتهاد مع النص وارد جدا، بل مطلوب، وهنا يبدو التساؤل..إن كان ذلك كذلك فماذا هو الحال بعد أكثر من 1400 سنة كاملة على نزول الآيات ؟ هل نتوقف عند ظاهر النص رغم أنه لا يمنع؟ نلغي الاجتهاد وقد علمنا إياه أمير المؤمنين، وكان أعلم الناس بالقرآن؟

الأسئلة كثيرة وهي مصدر دهشتنا من العالم الجليل الدكتور الشحات خصوصا وهو يعرف، قطعا يعرف أن الإنسان وسعادته هو أساس كل تشريع، حتى إن القاعدة الفقهية تقول: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، ومعها القاعدة الأساسية أن المصلحة العامة تقدم عن غيرها، وهي القاعدة المعمول بها فعليا منذ الوحي، وحتى اليوم بما يدعونا لفهم النصوص وروحها ومقاصدها، وهو ما فعله أمير المؤمنين ومثله كل الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعا!
الجريدة الرسمية