رئيس التحرير
عصام كامل

«الدعشنة» Life style

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«داعش» فكر مدمر وليس مجرد تنظيم أخذ من القتل شعارا له، فهو من أخطر الأسلحة الفتاكة التي تهاجم المجتمعات، فالقاعدة تقول إذا أردت تدمير قوم استهدف فكرهم، وقد طرأ على المجتمع المصرى في الفترة الأخيرة بعض ملامح الفكر الداعشى بما يحمله من إقصاء وكراهية الطرف الآخر المختلف معه في الفكر.


“الداعشية حالة إنسانية وليس مجرد فكرة يتبناها تنظيم معين”، وهو ما أكده ”محمود خليل” أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، حيث تعكس تعصبًا عنيفًا من جانب الإنسان لفكرة أو عقيدة تجعله يقع في قبضة بعض التصرفات والسلوكيات المتوحشة ضد خصومه في فكرة أو المختلفين معه في الرأي.

يبرز دور الإعلام في تعميق الفكر الداعشي، من خلال خطاب إعلامي قائم على تعميق التعصب في وجدان المتلقي، ولدينا بالفعل خطاب دينى يتم تداوله في وسائل الإعلام بجميع أنواعها يعمق التعصب ليس فقط على المستوى الدينى ولكن أيضا على المستويين السياسي والرياضي. والمؤسف أن إحدى الفضائيات الكبرى تعرض برنامجًا رمضانيًا اسمه «مينى داعش» يقدمه خالد عليش ما يعد ترويجًا لأفكار التنظيم الإرهابى.

الخطاب الإعلامي الداعم للإستقطاب هو أيضا خطاب يخدم الحالة الداعشية ويهيئ الظرف العام لتواجد الدواعش بين المواطنين، فهو خطاب أحادي، قائم على وجهة نظر أحادية ورفض ما يعاديها، ونتيجة تعميق الأستقطاب تتدعم ثقافة الإقصاء، بتبنى كل طرف رأى منفرد ويحاول إقصاء المختلف معه، واتهامه بكل النقائص والمتماثلة في العمالة والخيانة، وتصل في عديد من الأحيان للتكفير عندما يأخد الصراع شكل ديني.

كما أن الخطاب الإعلامي الناشر للخرافة أيضًا يدعم الفكر الداعشي، متمثلًا في تدعيم الأساطير والخرافات والفكر البعيد عن العقلانية، والإعلام المصرى يعانى بالفعل من خطاب إعلامي داعم للخرافة، ويساهم بطريقة أو بآخرى في تهيئة الأجواء لقبول الفكر الداعشي.

أما الخطاب الإعلامي الناجح فيستند -برأى خليل- على مرتكزين أساسيين هما: المهنية على مستوى الإنتاج، بما تعنيه من توازن وموضوعية ودقة والإعتماد على المعلومات الصحيحة، وقيم يجمع عليها العاملين في المجال الإعلامي، إلى جانب إعتماده على العقلانية فلا يدعم الخرافة ولا يستند للتعصب أو الإستقطاب، يؤمن بأن الحياة وجهات نظر بها ألوان طيف كثيرة ومناطق رمادية ومساحات مشتركة.

اختفاء ضيوف وأصحاب رأى من الساحة الإعلامي، أحد مظاهر سيطرة فكرة الإقصاء على الخطاب الإعلامي، كما يراها ”محمد شومان” مستشار الإعلام والرأى العام وأستاذ الإعلام بالجامعة البريطانية، وهو ما أدى إلى تقلص حالة الحوار، لأن الإقصاء ورفض الآخر نقيض الحوار، ونقطة سوداء في تاريخ التحول الديمقراطي، وجاء ذلك بعد تحكم رجال أعمال في صحف وقنوات تليفزيونية يحملون توجهات معينة سواء معلنه أو لا.

ورفض شومان الربط بين الفكر الداعشى والخطاب الدينى المتداول في وسائل الإعلامي، معتبرًا أن هناك نقاطًا خلافية كبيرة بين الطرفين، فإذا تشابها في فكرة الإقصاء ورفض الآخر، فهناك خلاف شديد.
أهم مظاهر الفكر الداعشى في الخطاب الدينى كما يراها “مرعى مدكور” عميد كلية الاعلام وفنون الاتصال بجامعة 6 أكتوبر، الدعوة للعنف والتميز على أساس الدين أو العرق، والخوض في أعراض المواطنين، ونبذ الطرف الآخر المختلف معه في الرأي، والنظر للخطاب الدينى في محاولة للكشف عن عيوبه ومواجهتها أقرب الطرق للفشل، لأن الخطاب مرتبط بالواقع والسلوكيات المجتمعية وليس وليد لنظام بعينه.

ويرى مرعى أن أفضل طريقة لنبذ التطرف والإقصاء ومواجهة الفكر الداعشى في الخطاب الديني، ألا يكون الخطاب الدينى مقتصرًا على الأزهر فقط، ولكن لابد من توافر سلوكيات سليمة تعبر عنه ووضع ضوابط مهنية لممارستها، فإذا كان الخطاب الدينى يحرض على العنف أو يدفع للتميز على أساس الدين فذلك مجرم وفق ميثاق الشرف الإعلامي الذي وضع ضوابط قانونية لذلك، وكذلك الدستور الحالي، فلابد من تغيير سلوكيات المجتمع للحد من مخاطر الخطاب الدينى المتضمن للفكر الداعشي، وليس التركيز على كيفية تغيير الخطاب الدينى فقط.

كما يجب تهيئة المواطنين دينيًا، ليستطيعوا مقاومة هذا الفكر الدخيل على المجتمع، ووضع تنمية فكرية تستطيع مقاومة هذا الوافد غير السوى على القيم والأعراف والتقاليد المصرية، وهو دور لا يقتصر فقط على المسجد أو وزارة الأوقاف فهى جهود مساهمة وليس أساسية، يتركز دورها الأساسى على إدارة المؤسسات الدينية.
الجريدة الرسمية