أيمن عبد التواب يكتب: «البانجو» لا يُبطل الصيام!.. لصالح مَنْ استمرار مسلسل الفتاوى «الشاذة».. وما رأي فقهائنا فيما قاله «مفتي أستراليا» بأن «مَنْ مضغ لبان دكر في نه
في ندوة نظمها «صالون فيتو»، قبل حلول شهر رمضان المبارك بأيام قليلة، التقيت خطيب مسجد سيدني بأستراليا «مصطفى راشد»، وهو- كما زعم- حاصل على درجة الدكتوراه من الخارج، إلا أنه رفض إخبارنا عن اسم الجامعة الأجنبية التي منحته الدكتوراه في «الشريعة الإسلامية»!
لكن، خلال اللقاء «المسجل»، وبعد إطلاعي «السريع» على «إصدارين» ألَّفهما، تأكدت أن «عِلم» الرجل «لا يتخطى مرحلة الإعدادية»، وأن معلوماته «اللغوية والدينية» لا ترقى إلى مستوى طالب أزهري كان يحضر المحاضرات وهو«نائم».. ففي الكتاب الذي أسماه «ديوان شعر»، لم «يتمرد» على القواعد والقوالب الشعرية فقط؛ بل تمرد على قواعد اللغة أيضًا.. فلم يكتفِ بـ«نصب الفاعل»، بل اغتاله تمامًا.. ولم «يرفع المضاف» فقط، بل «سحله» شر سحله!
نعود إلى الحوار الذي امتد قرابة الساعات الثلاث، فقد حاول «راشد» تفنيد «فتاواه المشبوهة»، خاصة تلك التي زعم فيها أن «الحجاب ليس من الإسلام»، وأن «الإسلام لم يُحرم الخمر، لكنه حرم السُكرْ فقط»، وأن «الحج إلى جبل الطور بسيناء مقدس عن الحج في بيت الله الحرام بمكة»، وأنه «لا يوجد ما يسمى بصحيح البخاري»، وأنه «يجوز الإفطار لمن يعمل إذا بلغت درجة الحرارة 30 درجة فما فوق؛ لأنه توجد خطورة على صحة الإنسان بامتناعه عن شرب المياه طوال النهار»، وأن «القُبلة، والمداعبة بين الرجل والمرأة- حتى ولو كانا أجنبيين- لا تفسد الصيام»!
ومع تأكيد «الشيخ المُعمم»- الذي منحه البعض أو منح هو نفسه لقب «مفتي أستراليا»- على «تحريم التدخين»، إلا أنه أفتى بأن «تدخين السجائر والشيشة في نهار رمضان لا يُبطل الصيام»؛ فسألته ساخرًا: إذن مضغ اللبان «الدكر» في نهار رمضان لا يُبطل الصيام؟ فأجاب بنعم، محاولًا إقناعي بأن الشريعة الإسلامية حددت المفطرات في «الأكل والشرب» فقط، وأن اللبان- لامؤاخذة- «الدكر» ليس «أكلًا ولا شُربًا».. فهممت أن أسأله: «إذن تدخين البانجو والحشيش لا يفطران»؛ قياسًا على تدخين السجائر، إلا أنني لم أفعل خشية رد فعلي إذا ما أجاب بنعم.. وحمدت الله أن اللقاء انتهى دون خسائر في الأرواح!
وما قاله «مصطفى راشد» لا يمكن تسميته بـ«الفتوى»، وإنما «آراء شاذة» بهدف «الفرقعة الإعلامية»، والحصول على الشهرة السريعة، حتى ولو بالتشكيك في «ثوابت الدين»، دون علم أو دراية؛ مستغلًا جهل الناس بأمور دينهم الحنيف، وبحثهم عن «الاستسهال»، أو «الاستهبال» في تطبيق أركان الإسلام.
والحقيقة أن ما ينطق به «راشد»، لا يبعد كثيرًا عن الآراء «الشاذة» التي خرج علينا بها بعض «دعاة الفضائيات»، أمثال «أسامة القوصي» الذي أجاز رؤية الخطيب لخطيبته «أثناء استحمامها» حتى يتأكد من «صلاحيتها للزواج»، قبل أن يتراجع ويعتذر عن هذا الرأي بعدما ثارت ضده موجة عارمة من السخرية.
ومن الآراء «المخبولة» أيضًا ما أفتى به أحد قادة «السلفية الجهادية» ويدعى «مرجان الجوهري» بـ«هدم أبو الهول والأهرامات»، بزعم أنها «أصنام» كتلك التي كان يعبدها مشركو مكة!
وكذلك فتوى مفتي الجمهورية السابق، الدكتور على جمعة، بجواز إفطار «لاعبي كرة القدم» المسافرين إلى الخارج، وإفطار «المصيفين» باعتبارهم «مسافرين»!
ولم تقتصر الفتاوى «الشاذة» على الشيوخ المصريين فقط، بل إن بعض مشايخ السعودية المشهورين كان لهم نصيب أيضا.. ففي عام 2004 كان الشيخان السعوديان «عثمان الخميس»، و«سعد الغامدي» أصدرا فتوى بعنوان: «لا إنترنت للمرأة إلا مع محرم»، بزعم «خبث طويتها»، بحسب قولهما.
وفي بداية الألفية الجديدة صدرت فتوى عن مجموعة يطلق عليها «القبيسيات» في سوريا بـ«تحريم نوم المرأة بمفردها بجوار الحائط»؛ معتمدين على قياس أن «الحائط مذكر والمرأة مؤنث، ونوم المرأة بجوار الحائط ما هو إلا مفسدة لها وحرام»!
ويبدو أننا سنعاني مستقبلًا من «ماسورة المجاري»، عفوًا «الفتاوى الشاذة» من غير المؤهلين، والباحثين عن الأضواء، إلى أن نلقى الله بوجه وقلب سليم.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.