سيادة الرئيس: ناشد التجار..يرفعوا الأسعار !
في كلمته التي ألقاها في حفل إفطار الأسرة المصرية..ناشد الرئيس السيسي التجار بأن يحنوا على شعب مصر الغلبان، في إشارة منه للحد من ظاهرة ارتفاع الأسعار غير المبررة التي يشنها التجار في السوق المصري، بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار، وبالتالي ارتفاع فاتورة الاستيراد مما يزيد من أسعار السلع في الأسواق، والتي يكتوي بنارها المستهلك المصري من فئة محدودي الدخل، الذي لا يزداد دخله هو الآخر بارتفاع سعر صرف الدولار.. فلماذا هذه التفرقة غير العادلة؟
تلك المناشدة لم تكن الأولى، فقد وجهها الرئيس من قبل مرات عديدة، وللأسف لم تلق صدى لدى شريحة التجار الذين لا أدرى هل يفهمون الكلام معكوسًا أم ماذا..؟
يناشدهم الرئيس لخفض الأسعار فتراهم في اليوم التالي يرفعونها.. وكأن الكلام يصل إليهم بشفرة معكوسة يقومون بفك رموزها مقلوبة أمام مرآة حولاء، فيترجمونها بأنها دعوة لرفع الأسعار، والذي يكتوي بالنار من سوء الفهم هذا هو المواطن المسكين الذي لا يكفيه راتبه قبل زيادة الأسعار فماذا سيكون حاله بعد ارتفاع الأسعار؟؟
الحكومة هي الأخرى يبدو أن شفرتهم معكوسة أيضا، فتراهم مع كل خطاب للرئيس يدعو فيه إلى الرفق بالبسطاء، يقومون برفع فواتير الكهرباء والغاز والمياه وزيادة الضرائب وخفض مرتبات فقراء الموظفين، بدعوى خفض عجز الموازنة باتباع سياسة تخفيض الدعم وتقليص الأجور والمرتبات، مما يزيد العبء أكثر وأكثر على طبقة محدودي الدخل دون غيرهم.. وكأن الحلول كلها اتفقت على خفض عجز الموازنة على حساب المواطن الغلبان.
أي منطق هذا وبأي طريقة فهم يستوعب المواطنون يا سيادة الرئيس ؟؟
سيادة الرئيس: هل يصدق المصريون خطاباتك التليفزيونية ودعواتك بالحنو عليهم وعدم قدرة الدولة زيادة المرتبات والمعاشات؟ أم يصدقون الواقع المرير الذي لا يبدو فيه أي مظهر من مظاهر الحنو على المواطن محدود الدخل..في الوقت الذي نطالع في الصحف أخبارًا بزيادة المرتبات والمعاشات لفئات أخرى من موظفي الدولة هم في الأصل مرتباتهم عالية؟ فقل لي بالله عليك: كيف يكون الدخل محدودًا وثابتًا لشريحة كبيرة من المصريين الغلابة، وتصر الحكومة على استصدار قانون أسمى غاياته تثبيت الدخل لموظفي الحكومة في بعض القطاعات دون البعض الآخر بإصرار عجيب وغريب؟
للأسف بعد ثورتين قام بهما الغلابة لطلب العدل والعيش بكرامة، ما زالت الحكومة بنهجها ومنطقها المقلوب تتبع سياسة شراء البردعة قبل شراء الحمار.. لذا يبدو أن الرسالة للحكومة قد وصلت معكوسة هي الأخرى، وما زالت الحكومة في واد والشعب في واد آخر.
لذا أوجه دعوتي لك يا سيادة الرئيس بأن تكون مناشدتك معكوسة، فتناشد التجار بأن يرفعوا الأسعار، وناشد الحكومة باتباع مزيد من القسوة على هذا الشعب الذي لا يعجبه شيء ولا يستشعر النعمة التي يعيش فيها، عسى أن تصلهم رسالتك معكوسة، فيحققون ما يتمناه قطاع عريض من الشعب الذي يعلق آمالًا عظمى عليك، وما زال يأمل في الكثير من الخير والعدل في ظل قيادتكم لسفينة الوطن.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.