وجوه رمضانية!
كُنت على وشك الوصول لشارعنا، وفوجئت بها تتصل بى مُجددًا رغم أنها لسَّة قافلة معايا من دقيقتين، قُلت لعلَّها لهاليب غرام بايت فاقد الصلاحية بعد زواج دَخَل في عامه الثامن(الحملة الفرنسية على مصر كانت 3 سنوات فقط ثم نالت المحروسة المحظوظة حُريتها ولو لحين)، أو يمكن افتكرِت حاجة جديدة عاوزانى أشتريها لتكمِّل بها قائمة المُشتريات اليومية المليونية التي أملتها على أذنىَّ المسكينتين قبل مُغادرتى للدار، وبعدها عبر الهاتف المحمول الله يلعن اللى بَدَعه، لكنها فاجأتنى "فيه ناس كتير تحت البيت والشرطة مالية الشارع"!
ولأن شارعنا من الشوارع الهادئة جدًا، واللى ترمى فيه الإبرة تفضَل ترِن بإلحاح لحد ما تفتح عليها فقد كان لدهشتها مُبرر معقول، ولما عرفت أنها تقف في الشرفة قُلت مُحذِّرًا بتلقائية "طيب ادخُلى جوَّة لا تيجى فيكى طلقة رصاص واللا حاجة".. وقبل أن تُجبنى كُنت قد استعدت ذكريات سنوات الزواج الثمانى (العدوان الثلاثى على مصر استمر ثلاثة أشهر فقط للأسف لم نرث حظ بلدنا الحلو) فاستدركت قائلًا: "واللا أقول لِك خليكى واقفة بس خلى العيال يدخلوا جوَّة"!
تسألنى ما علاقة ذلك بعنوان المقال، يا أخى هو حصل في رمضان، اعتبره من تسالى الشهر الكريم، أو مشهد من الحلقة العاشرة من الجُزء الألفين في مُسلسل (يوميات زوج مفروس جدًا جدًا)!
زمان كُنا نشاهد واحدا من أشهر البرامج في تاريخ التليفزيون المصرى، (كلام من دهب) اللى كان مكسَّر الدُنيا، سؤال غير متوقَّع، إجابات بعيدة عن الطرح، معلومة، قفشة، نُكتة، تعليق لذيذ، واحد يكسب الجنيه الدهب، وهوب تلاقى مصر كُلَّها هاجمة عليه بتحضنه وبتبوسه كأنه (نجمة الجماهير) في خمسة باب، وفى فقرة الخير يتم تقديم شقة أو تلاجة أو نجفة، ويكون الهتاف الشهير وقتها "إيريال إيريال أو أو" كأنهم بيشجَّعوا الزمالك أو الإسماعيلي، طبعًا كان (طارق علام) مُقدِّم البرنامج نجم النجوم في ذلك الوقت، مُشكلة (طارق) تمثَّلت في النجاح الهائل للبرنامج، لدرجة أنه أخفق في تقديم أي برنامج آخر على ذات المستوى، وخاض (علام) تجربة التمثيل ولم يستمر فيها، وغاب عن الساحة، وعاد لكنه ظل غائبًا، حتى عندما تواجد بأكثر من برنامج في رمضان الحالى ظل للأسف غائبًا!
النجاح الذي حققه (طارق علام) مع (كلام من دهب) لا يختلف كثيرًا عن مسيرة (جورج قرداحى) مع برنامجه الأشهر (مَن سيربح المليون)، نجاح طويل عريض ثقيل ثم فشل في التغيير، كُل ما عدا ذلك من إنتاج لذات المُذيع لم يكُن ناجحًا أبدًا لا على نفس المستوى ولا على مستوى يُقاربه أو حتى يحلم بمُقاربته، وعاد (قرداحى) ببرنامجه بتعديل الاسم إلى (من سيربح المليونين) ربما بسبب التضخُم وتغيير قيمة العُملة عبر السنين مع إضافة وسيلة مُساعدة جديدة يحتاجها بلا شَك كلا المُذيعين المرموقين إذا رغبا في تحقيق نجاح مُختلف وطازج بعيدًا عن المجمدات!
ومن الأسئلة التي تُحيِّرنى في دراما رمضان، هو المُمثل (صبرى فواز) بيعمل إيه؟ القاعدة المعروفة في عالم التمثيل هي أن يُشعرك المُمثل الجيد أنه شخص حقيقى، سواء كان بيلعب دور مكوجى، ضابط، طبيب، رجُل أعمال، شرير، طيب، أهبل، مُشكلة (فواز) إنه واضح جدًا إنه بيمثِّل، لذلك لا تقتنع أبدًا بتشنجاته وطريقة كلامه ولا حتى بحركاته، فدوره كرجل أعمال هو دوره كصحافى هو دوره كشحات، المُشكلة الأنقح أن هذا يؤثر سلبًا دائمًا على مَن يقف من المُمثلين في مواجهة (صبرى) في أي مشهد، لدرجة إنى تخيَّلت أحدهم ذات يوم وهو يوجِّه له الاتهام قائلًا "انت اللى قتلت المجنى عليها يا (صبرى يا فواز) وعندنا الدليل.. صورة بطاقتَك أهيه لقيناها في المُسلسل اللى فات!"
نصيحة لـ(فواز).. من فضلك عُد لمعهد الفنون المسرحية لدراسة التمثيل من أول وجديد لعل وعسى، أو حاول مع معهد البوستة في طنطا، ربما يكون ذلك أفضل لك ولنا وللبريد المستعجيل!
أما (محمد رمضان) فكأنه كان ينقصنا أن يكون عندنا جوز منه في هذا الشهر الفضيل لزيادة نسبة ذنوبنا؛ إذ يقوم بأداء دورين لشقيقين توءم حسب ما فهمت، عمومًا بعد قتل أحدهما أعتقد أن هذا أفضل كثيرًا، وأهى بُشرة خير!
ولا يخلو الأمر بالتأكيد من التعليق على الإعلان الجديد الجميل لمركز القلب في أسوان، وبعيدًا عن التنغيص على أحد بأمور بعيدة عن سياق المقال، فالدكتور (مجدى يعقوب) يُقدِّم رسالة إنسانية وطبية سامية قلَّما نجدها في عالمنا هذا، لكن مُعالجة الأمور بسطحية تافهة صارت ديدن الكثيرين منَّا، إذ انتشرت حملة أطلقها أحمق وسار في ركابها مَن هُم أكثر حماقة، وتتساءل الحملة عن (ماذا لو كان مجدى يعقوب مُسلمًا، ألم يكن أفضل؟!) والحقيقة لا أعلم علاقة الإسلام والمسيحية بالأمر، فالرجُل ومركزه يُعالجان ـ بأمر الله ـ المرضى بدون تفريق بين مُسلم ومسيحى، وبالتأكيد يعمل هناك أطقم طبية يتجاور فيها المسلم بجوار المسيحى، بالأصح المصرى بجوار المصرى، وبتوضيح أكثر الإنسان جنب الإنسان!
وبدون لغط ولا تأويل للحدث فـ(محمد البرادعى) مثلًا صاحب شهرة عالمية لا تقل عن (مجدى يعقوب) وربما تزيد، وهو بالمُناسبة مُسلم، هل قدَّم لبلده أو للإنسانية أو للإسلام واحدا من مائة مما قدَّمه (يعقوب)؟ بالعكس هو يُقدِّم فقط لتويتر، وماذا عن (عبد المنعم أبو الفتوح) المُنحدر من سلالة الإخوان المُسلمين المُنقرضة؟ ماذا قدَّم للبشرية؟ سيقول أحدهم إن المُقارنة غير موضوعية والقياس خاطئ، وسيكون معه حق في ذلك، لكن غير موضوعية بغير موضوعية بقى، وطالما أصبحت السبهللة سيد الأشياء فلابُد من التذكير بما لزم الإشارة إليه لعلَّنا نلتفت قليلًا لمَن يستحق أن نقسو عليه، ونعتنى بمَن يستحق أن نثنى عليه بدون مُزايدات!
ومثلًا المُناضل السياسي (حمدين صباحى) فهو مُسلم أيضًا، ولكنه لم يُقدِّم للبشرية إلا اختراعا واحدا وهو إن السباق بين نفرين اثنين فقط يُمكن أن يُنتج فوز أحدهما بالمركز الأول بينما يظفر الآخر بالمركز الثالث، أعلم أنها مُقارنة غير منطقية ولا موضوعية بين عالم كبير مثل (مجدى يعقوب) وبين هؤلاء، وتعلم حضرتك أكثر منى أن الإسلام والمسيحية ليس لهما علاقة بالموضوع مُطلقًا، ونرجع للإعلان الذي كان عملًا إبداعيًا بحق بوجود نجوم كُبار جدًا مثل الأسطورة (محمود الخطيب) والجميلة (نيللى كريم) وباقى نجوم الكرة والفن، كُل ده كان حلو أوى، والإعلان واضح جدًا باستثناء لقطة غامضة بالصوت والصورة لحاجة كده مش عارف ده شخص واللا مُطربة واللا ماكينة خياطة، لكن مش مُهم، المُهم إن الإعلان فعلًا حلو!