رئيس التحرير
عصام كامل

في مثل هذا اليوم.. رحل«الأسطورة»على إسماعيل!


هذا الرجل اسطورة مصرية عربية بكل المقاييس وبكل ما تعنيه الكلمة، ولأنه في بلادنا يبقي المطرب أهم من مؤلف وملحن الأغنية ولأن في بلادنا بطل الفيلم أهم من السيناريست والمخرج، لذا لم يحصل على إسماعيل على ما يستحقه، ولو كان في بلد أوروبي لكان أشهر من ملوكها ورؤسائها!


هذا الرجل نستقبل رمضان بلحنه الشهير "سبحة رمضان" وفيه "سبحة رمضان لولي ومرجان بتلاتة وتلاتين حباية.. تلاتة وتلاتين منهم تلاتين أيام رمضان نور وهداية..وتلاتة العيد ونقول ونعيد ذكر الرحمن آية بآية" وقد لحنها على أروع ما يكون وهي من تأليف زوجته ورفيقة مشواره الشاعرة نبيله قنديل التي ألفت "دع سمائي" و"أم البطل" و"فدائي" وغيرها وغيرها، وقد لحنها هو جميعها، ولكن ورغم أنه صاحب فكرة الغناء الجماعي، وأسس فرقة "ثلاثي النغم" و"الثلاثي المرح" التي غنت "حلاوة شمسنا" و"هنا مقص وهنا مقص هنا عرايس بتترص" و"مانتاش خيالي يا ولا" و"العتبة جزاز" وغيرها من الأغاني الخفيفة الممتعة الرائعة..

لكن هذا الرجل ساهم في تشكيل وجدان المصريين بثلاثة خطوط رئيسية أولها الموسيقي التصويرية لأجمل وأمتع الأفلام العربية وأنجحها وهو مع الموسيقار الكبير الذي سبقه بسنوات فؤاد الظاهري الوحيدان اللذان يكفي الاستماع إلى موسيقي أفلامهما لتعرف اسم الفيلم حتى من دون رؤيته، فمثلا لن يصدق الكثيرون أن على إسماعيل وحده هو من وضع موسيقي أفلام "يوم من عمري" و"الأرض" و"عنتر بن شداد" و"الأيدي الناعمة" و"السفيرة عزيزة" و"معبودة الجماهير" و"غرام في الكرنك" و"اجازة نص السنة " و"الشموع السوداء" و"آه من حواء" و"حكايتي مع الزمان" و"مولد يا دنيا" الذي لحن مقدمته كما لحن لفيلم الأرض "أرضنا لو عطشانة" وكلها مع عشرات الأفلام الأخري لعبت الموسيقي في نجاحها جميعا حتى لا يمكن تخيلها بغير موسيقاها بلغت 350 فيلما من أعظم أفلامنا العربية!

سنزداد إعجابا بالرجل عندما نعرف أن كل الإبداع الذي قدمته فرقة رضا التي رفعت اسم مصر عاليا في كل أنحاء العالم كان من تلحينه بما فيها طبعا كل رقصاتها واستعراضاتها الشهيرة، بينما يبقي الخط الثالث هو الألحان الوطنية حيث وزع موسيقي أغاني عبد الحليم حافظ الوطنية، حيث كان كمال الطويل والموجي وبليغ يكتبون الألحان ويلقونها اليه بينما هو يمنحها اللحم والدم والروح ويوزعها بشكلها النهائي الذي نسمعها به مستخدما الآلات النحاسية كأروع ما يكون في "أهلا بالمعارك" و"المسئولية" و"مطالب شعب " وفيها مقطع عن أفريقيا تشعر فيه أنه نقلك إلى البلدان الأفريقية فعلا !

بينما لحن هو بنفسه عددا من أروع الأغاني الوطنية مثل "دع سمائي" التي ألهبت حماس المصريين في العدوان الثلاثي إلى "أم البطل" وأغاني العبور العظيم والتبشير به مثل "رايحين شايلين في إيدنا سلاح" و"رايات النصر" وبعد أن انتهى من موسيقي فيلم "مولد يا دنيا" لعفاف راضي وبينما ينتهي من ألحان مسرحية "كباريه" التي كانت تحمل رؤية سياسية سقط على إسماعيل مغشيا عليه على مسرح "ليسيه الحريه" لينقل على الفور إلى مستشفى الجمعية الخيرية بالعجوزه ليلقي وجه ربه في السادس عشر من يونيو عام 74..

وهو المصري الوحيد بعد جمال عبد الناصر الذي انطلق عبد الحليم حافظ حافيا بجلباب منزلي إلى الشارع، بسببه وبعد سماع خبر رحيله، وكان ممسكا بأجهزة طبية خطرة لا يمكن فصلها عن جسده صارخا باكيا لمن يحاولون منعه "على إسماعيل مات"!
على إسماعيل رحل وترك كل هذا المجد ولم يكمل عامه الثاني والخمسين..رحمه الله!
الجريدة الرسمية