رئيس التحرير
عصام كامل

بالفيديو.. فرعون والماشطة عذاب مقيم أو نعيم دائم حتى يوم القيامة

فيتو


كان في فرعون وملاءه وفي ماشطة فرعون آيات تدل على عذاب القبر ونعيمه، ففي البرزخ حياة، وهذه الحياة إما أن تكون نعيمًا وإما أن تكون جحيمًا، والقبر فيها إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران.


واستدل العلماء على ذلك بقول الله تعالي في قوم فرعون: "النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ" سورة غافر 46، وقال ابن مسعود: "إن أرواح آل فرعون ومن كان مثلهم من الكفار تحشر عن النار بالغداة والعشي فيقال هذه داركم".

وقال ابن كثير في تفسيره: "وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور".

وقال القرطبي: "واحتج بعض أهل العلم في إثبات عذاب القبر بقوله: "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا"، كذلك قال مجاهد وعكرمة ومقاتل ومحمد بن كعب كلهم قال: "هذه الآية تدل على عذاب القبر، ألا تراه يقول عن عذاب الآخرة: "ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب".

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ"، رواه البخاري في "بدء الخلق" ومسلم في "الجنة وصفة نعيمها".

وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً دَخَلَتْ عَلَيْهَا فَذَكَرَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ فَقَالَتْ لَهَا: "أَعَاذَكِ اللَّهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".
فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، فَقَالَ: نَعَمْ عَذَابُ الْقَبْرِ.
قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ صَلَّى صَلَاةً إِلَّا تَعَوَّذَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ".. رواه البخاري في الجنائز ومسلم في الكسوف.

وذكر الشيخ ابن عثيمين عن عذاب القبر: "أما إن كان الإنسان كافرًا فإنه لا طريق إلى وصول النعيم إليه أبدًا، ويكون عذابه مستمرًا، وأما إن كان عاصيًا وهو مؤمن فإنه إذا عذِّب في قبره يعذَّب بقدر ذنوبه، وربما يكون عذاب ذنوبه أقل من البرزخ الذي بين موته وقيام الساعة، وحينئذ يكون منقطعًا.

نعيم القبر
وإذا كان آل فرعون يعرضون على النار في قبورهم، لكن ماشطة ابنة فرعون في نعيم مقيم، حيث يذكر العلماء أن الماشطة ضحَّت بأولادها أمام عينيها؛ لتفدي دينَها، ولتَثْبُت على مبادئها، ولما تقاعست عن تَرْك رضيعها ليأخذه زبانية فرعون إلى الزيت المغلي، جعل الله لها آية في الدنيا قبل استشهادها؛ حيث أنطق الرضيع فقال: "اثبتي يا أماه؛ فإنك على الحق، وعذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة"، فقذفوه، ثم لما ثَبتتْ بعد كلِّ ذلك قذفوها، حتى لقيتْ ربَّها شهيدة الحق والدين، فكان ثباتها عظيم، وثوابها كبير.

وكان لماشطة فرعون آية أخرى بعد استشهادها، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئًا من نعيمها فحدَّث به أصحابه، فقال لهم فيما رواه البيهقي: "لما أسري بي مَرَّت بي رائحة طيبة، فقلت: ما هذه الرائحة؟ فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون، وأولادها"، تَعِبت كثيرًا لكنها استراحت أكثر؛ وقد قال الله تعالى في شأنها: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ".

ما ينفع الميت
ولقد عدد علماء الدين الإسلامي أشياء تنفع الميت في البرزخ، وهم نوعان:
أولًا: أشياء فعلها قبل موته
يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته قبل موته علمًا علمه، ونشره، وولدًا صالحًا يدعو له ومصحفًا ورثه ومسجدًا بناه وبيتًا لابن السبيل بناه ونهرًا أجراه وصدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته" متفق عليه، فالصدقة الجارية والعلم النافع والولد الصالح وبناء بيت للإيواء أو بناء مسجد أو شق نهر أو حفر بئر أو غرس شجر مثمر كلها ترفع درجة الميت عند الله .

ثانيًا: ما يفعله له الأحياء بعد موته
ويكون أولها قضاء الدين عنه ثم الدعاء وقراءة القرآن على روحه ثم رصد صدقة جارية له ثم الحج عنه.
الجريدة الرسمية