الاستثمار يبني والاقتراض يدمر !!
الاستثمار والقروض قضية غاية في الأهمية كتبت عنها كثيرًا، وسوف أستمر في الكتابة فيها أكثر لأنها قضية حياة أو موت، نكون أو لا نكون، قضية وطن المفروض أنه يسعى إلى التنمية والبناء، فيجب عليه أن يعتمد على الاستثمار؛ لأنه يبني ويبتعد قدر استطاعته عن الاقتراض لأنه يدمر ولا توجد دولة في العالم تقدمت بالقروض والاستيراد بل بالاستثمار والتصنيع المحلي، وإذا كان الشعب بقيادته وجيشه وشرطته استطاعوا إفشال المؤامرات على بلده، فإنه لم يعد أمام أعدائه من سبيل سوى الاقتصاد، وذلك من خلال إغراقه بالديون ووقف طموحاته التنموية..
الدين العام في مرحلة الخطر وهناك من يرى أنه تخطاها بالفعل، فحسب تقرير البنك المركزي المصري فإن الدين الخارجي 53 مليار دولار دون القرض الروسي للمحطة النووية (25 مليار دولار ) والدين الداخلي نحو 2.5 ترليون جنيه وهذه المبالغ المخيفة في ازدياد يوميًا؛ بسبب ضعف الاستثمار والإنتاج والاعتماد على القروض والاستيراد في كل أمور حياتنا، رغم إمكانياتنا البشرية والاقتصادية الكبيرة..
مشكلتنا فقط في ضرورة التفكير خارج الصندوق لاستغلال مواردنا المتنوعة وهذا يتطلب رجالا أكفاء يعملون بوطنية وإخلاص للبلد ويقدمون مصلحته على مصالحهم الخاصة وهم كثر في مصر.. رجال لا يجعلون منها سبوبة للداخل وللخارج، واضح أن هناك مشكلة حقيقية في الاستثمار هل هي في المناخ ؟ أم عند المستثمرين ؟ أم لدى الدولة نفسها والأجهزة المعنية بالأمر؟
وزيرة الاستثمار قالت أمام البرلمان إن مصر تحتل المركز 131 من ضمن 189 دولة في مجال جذب الاستثمار هذا التصريح الخطير، كنت أنتظر أن تنتفض له كل الأجهزة ولكنه لم يثر انتباه أحد وكأنه يخص دولة أخرى، لابد أن نعترف أننا فشلة في جذب مستثمرين جدد، بل إن المصريين حولوا استثمارتهم إلى الخارج، في كل دول العالم المستثمر هو الشخص المرغوب فيه رقم واحد لديهم ويحملونه على الأعناق وينهون كل إجراءاته قبل هبوط طائرته أرض المطار.. أما في مصر فإننا نعتبر المستثمر "حرامي" وعليه إثبات أنه شريف..
هي مؤامرة على الاستثمار لصالح مافيا الاقتراض ومن يدعمونهم وللأسف الشديد الدولة استسلمت لذلك وأصبح الوزراء يستسهلون اللجوء إلى القروض لحل مشكلاتهم وهي في الحقيقة ليست حلولا بل قنابل موقتة قد تنفجر في جسد الوطن في أي لحظة وأدت إلى انتشار الفقر والجهل والمرض والبطالة وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه وقلة الإنتاج وسوء مستوى المرافق والخدمات وانهيار البنية الأساسية..
وأنا أنصح المسئولين المصريين بقراءة كتاب "اعترافات قرصان اقتصادي" لمؤلفه جون بير كينز، وهو خبير اقتصادي أمريكي تخصص في إغراق دول العالم الثالث بالقروض والديون والقضاء عليها اقتصاديا بدلا من التكاليف الباهظة للغزو العسكري، ويقول كينز إن مديونية العالم الثالث في عام 2004 تخطت 2،5 تريليون دولار وأن خدمة هذه الديون بلغت 375 مليار دولار سنويا وهو رقم يفوق ما تنفقه كل دول العالم الثالث على الصحة والتعليم ويمثل عشرين ضعف ما تقدمه الدول المتقدمة سنويا من مساعدات خارجية..
طبعًا هذه الأرقام تضاعفت الآن فيكفي أن نعلم أن الدين العام داخلي وخارجي في مصر قبل يناير 2011 وفق بيانات البنك المركزي المصري كان 1،33 تريليون جنيه واليوم تخطي 3.2 تريليونات، رئيس الجمهورية يطالب دائما بالابتعاد عن القروض إلا للضرورة القصوى وبالشروط الميسرة..
والسؤال الذي يفرض نفسه لماذا ترفع الحكومة شعار الاقتراض هو الحل لكل مشاكلنا صغيرة وكبيرة ؟ فهل ليس في الإمكان أفضل مما هو كائن ؟ ماذا فعلت الحكومة في ملف الاستثمار والمصانع المغلقة والألف مصنع ؟ اللهم احفظ مصر.
Egypt1967@yahoo.com