رئيس التحرير
عصام كامل

تسريب الامتحانات..وإلغاء التنسيق..أبرزمسلسل رمضانى!


مرة أخرى نبدأ بـ"رمضان كريم" وكل سنة وانت صديقى القارئ والإنسانية كلها بخير، منذ طفولتنا يعلمنا الآباء والأمهات والأخوة الكبار وكل من تصور في نفسه أنه قادر على النصيحة، بأن الكذب حرام، والذي سيكذب سيدخل إلى النار، وهذه قاعدة في المجتمعات العربية والإسلامية بشكل خاص، ومع هذا نكذب ونمارس الكذب لدرجة أنه أصبح قاعدة في تعاملاتنا، وهذا من أهم أسباب فساد مجتمعاتنا، أما في المجتمعات الغربية فلا نجد للكذب تلك المكانة التي لدينا، بل إن أمريكا حاكمت بيل كلينتون رئيسها في ذلك الوقت، ليس لأنه على علاقة مع موظفة في البيت الأبيض، ولكن لأنه كذب على الرأى العام الأمريكى، والطفل في الغرب لايقال له لو كذب سيدخل النار، ولكنهم يعلمونه أنه سلوك خطأ وغير مقبول إنسانيا، وبالتالى يمارس الصدق كمنهج طبيعى في حياته، وكسلوك حضارى بدون ترهيب بالنار أو ترغيب بالجنة!


والكذب ممارسة الغش في الحياة، أن تعيش وتتكلم بغير الحقيقة، بلا أي نوع من الممانعة أو المراجعة مع الذات، وقفت مصر على ساق واحدة على إثر تسرب امتحانات الثانوية العامة -بالرغم من أنها ليست المرة الأولى، بل إنها لرابع سنة على التوالى -، وبات الأمر أمام الجميع أننا في كارثة وليست القضية مجرد تسريب امتحان، ماحدث يؤكد أن الفساد ليس مجموعة موظفين مرتشين باعوا الامتحان، أو بقايا من خلايا الإخوان الإرهابية يحاولون العبث بالمجتمع، أو مجموعة شباب يدرك جيدا أسرار التكنولوجىا فأراد أن يتكسب بهذه الطريقة غير المشروعة، الأمر أكبر،لأن ماحدث يؤكد أن المجتمع يمارس الفساد بامتياز..

الأسرة التي تساهم في عملية الغش لأبنائها ماذا نسميها؟ كل الذين شاركوا في الجريمة يمثلون المجتمع بكل طوائفه، وليست قضية وزير لم يتوصل مع جيوش الوزارة إلى أسلوب علمى يتفق مع ظروف العصر! الأمر أكبر وهو"نحن" الفساد نمارسه بصدق وأمانة شديدة، لو أننا مارسنا عملنا الحقيقى بنفس الصدق والأمانة لتقدمت مصر إلى مصاف الدول المتقدمة، ولكن هل نحن المفسدين ندرك أن فرحتنا بتسريب الامتحانات ستنتهى حتما،عندما يموت مريضنا على يد طبيب نجح بالغش، وتنهار بيوتنا على يد مهندس نجح بالغش، ونخسر أموالنا على يد محاسب نجح بالغش، ويضيع ديننا على يد شيخ نجح بالغش، القضية ليست النجاح في الثانوية فقط، ولكن الذي يساعد أولاده على الغش بحجة أن "النظام بايظ وبيعلمهم الغش في حياتهم"..سيمارس الغش حتى ينال الترقية بحجة أن نظام الترقيات ظالم.. سيرتشي بدعوى أن مرتبه لايكفى وأنه يستحق أكثر.. سيسرق بدعوى أن الناس كلها" بتعمل كده "....إلخ

ووسط هذه الحالة من التوتر يخرج علينا لاأعرف ماذا اسميهم ؟ جهلاء، سفهاء، أغبياء، أو عملاء لأعداء الوطن، هؤلاء اقترحوا لماذا لا نلغى مكتب التنسيق طالما الامتحانات تم تسريبها، وبالتالى يتم القبول في الجامعات بطرق أخرى أو بدائل أخرى من المسابقات..إلخ، أولا..حتى الآن وحتى إشعار آخر التعليم هو الفرصة الوحيدة لفقراء الوطن لكى يتمكنوا من إثبات جدارتهم، وسط جبروت رأس المال، وقدرة أصحابه على تسخير أدوات المجتمع المختلفة لخدمة أبناء هذه الطبقة، ثانيا.. مكتب التنسيق حتى الآن هو المظهر الوحيد للعدالة الاجتماعية، فهو لايفرق بين كبير وصغير أو غنى وفقير..!

كيف اذن بجرة قلم الإلغاء لأهم مرفق يخدم فقراء هذا الوطن؟ ربما في المستقبل يتم الإلغاء ولكن هذا يستلزم وقتا ورؤية وتخطيطا علمىا لنقلة نوعية لنظام التعليم بأكمله.. مرة أخرى رمضان كريم وكل لحظة بتمر على الشعب المصرى بخير.. واللهم لا تكلنا إلى أنفسنا، وأجبرنا بفضلك لا بعدلك...!
الجريدة الرسمية