صوابع "مرسى".. وصوابع "زينب"
عاد مرة أخرى الدكتور محمد مرسى إلى حديث الإصبع، ففى الأمس القريب كان استخدام سيادته للإصبع مغايرا لاستخدامه ليلة خطاب النسوان.. فى المرة الأولى استخدم الدكتور محمد مرسى إصبعه كنوع جديد من التهديد والوعيد، وهو نوع لم يكن مستخدما إلا فى قرانا البعيدة فى عمق الريف المصرى، حيث كان الواحد منا يردد كلمات من نوعية "لسه ما اتولدش"، و"متقدرش"، و"اللى أبص له أحرقه".. وكنا أثناء إطلاق هذه العبارات نشير بإصبعنا تماما كما فعل مرسى ليلة الخطاب المسرحى الموجه لأهالى بورسعيد، وبالطبع كلكم تعرفون أن إصبع التهديد التى استخدمها الزعيم الإخوانى قد قوبلت بأغنيات من نوعية "ساعة الحظر ماتتعوضش"، و"حظر على.. ومش علينا"، وهكذا سقط الرمز الذى كنا نستخدمه قديما لبث الرعب فى قلوب خصومنا.
فى خطابه أمام جمع من النسوان، ليلة أول أمس، فاجأنا كعادته الدكتور محمد مرسى بأن عرج أقصى الشمال، وبدأ حديث الإصبع بأن قال، عظم الله أجره: "واللى يحط صباعه فى مصر أأطعه"، وهنا كان لزاما على السيدات الحاضرات أن يصفقن لزوم المشهد، وبالفعل صفقن رغم أن ما قاله الرئيس يحمل إيحاءات من العيب أن نفسرها، ويبدو أن مرسى انتشى على وقع التصفيق وظهر وكأنه قد تعاطى كأسين من "الإزازة".. إزازة الحاجة الساقعة حتى لا تورطونا فيما هو أبعد من اللعب بالإصبع فى مصر.. أكمل الريس حديثه الشيق عن "الصوابع"، مؤكدا أن هناك "صابعين تلاتة كده فى مصر"، وظل يتابع دون القول الفصل ودون أن يتحلى بالشجاعة، ليعلن على شعبه من النسوان الحاضرات أسماء من وضعوا ولامؤاخذة، أصابعهم فى مصر.
فهمت مثلما فهم غيرى، أن مرسى إنما يغمز ويلمز ويحوم حول اسم حمدين صباحى، خصوصا وأن حمدين "واجعهم أوى"، دون أن يعرف العامة من أمثالى سبب الوجيعة.. المهم إن مرسى لم ينته من خطابه قبل أن يمارس هوايته المفضلة فى التهديد والوعيد بأن ركب حصان خياله، مثلما فعل محمود عبدالعزيز فى "الكيت كات" واستأسد على الموجودات أمامه، وركب الحنطور و"اتعنتر"، من عنترة، وقال كلاما من نوعية هذا الذى قاله عشرات المرات، والذى فهمنا منه من قبل أنه إن قال فعل، وهاهو يفعل، ثم اتضح أن أهالى القناة هم من فعلوا، وأن الريس مرسى ظل مفعولا به منذ أن وصل إلى قصر الاتحادية، وحتى تاريخه.
وقال سيادته.. "إنه سيحمى مصر بقرارات استثنائية"، وقد فهمنا مما قاله، إن "حظرته"، من حضرته، قد يصدر قرارا بحل جماعة الإخوان المنحلة أصلا، والقبض على الدكتور محمد البلتاجى الذى هدد أمن الناس بإطلاقه تصريحات تهديد ووعيد بتحويل مصر إلى سوريا فى ٤٨ ساعة، وفهمنا أيضا أن الريس مرسى قد يلقى القبض على قتلة جنودنا فى رفح، ليطفئ نارا تحرق قلوبنا عليهم، وأن سيادته سوف يقوم بمصادرة أموال الجماعة، ولكن شيئا من هذا لن يحدث، لأن مرسى لم ولن يكون فى يوم من الأيام مستقلا بذاته، حيث تلاشت ذاته فى ذات جماعته، فأصبحوا جميعا بلا ذات!!.
المهم.. إن الفارق الوحيد بين "صوابع مرسى وصوابع زينب"، أن الأخيرة من أطعم الحلويات التى نتناولها شتاء، وهى حلويات مصرية صميمة، لها شهرة واسعة فى الأوساط العربية، بينما أصابع مرسى مجرد إشارات مسرحية هزلية، لامعنى لها لدى شباب هذا الجيل، الذى خلع من كان يملك "أذرع قوية"، وأصابع مرسى ليس لها شهرة سوى على المستوى المحلى، ويستخدمها الشباب إمعانا فى السخرية لا أكثر..