رئيس التحرير
عصام كامل

أوهام الإخوان


أخطر ما فى "قانون الجمعيات الأهلية الجديد"، أن يفتح الباب على مصراعيه لعمل منظمات المجتمع المدنى فى السياسة، ويسمح لها بتكوين فروع فى خارج البلاد!.


قد يكون هذا القانون ملائما لجماعة الإخوان المسلمين، التى وجدت نفسها فى مأزق حاد بعد 25يناير، لأنها لا تريد الاكتفاء بالتحول إلى حزب سياسى، وتصر على البقاء والعمل، كما اعتادت طوال 85 عاماً مضى، أى الجمع بين العمل السياسى والاجتماعى.. وأيضا نريد اعترافا قانونيا بفروعها فى الخارج، وعدد قادتها، وتقدر بنحو 90 فرعا، تشكل جسد التنظيم الدولى للإخوان.

قد لا يليق ذلك اعتراضا أيضا من الأصدقاء الجدد للإخوان فى أمريكا، لأن الأمريكان سبق لهم استثمار وتوظيف منظمات المجتمع المدنى فى العمل السياسى خارج الولايات المتحدة، حينما أسسوا فروعا دولية لبعضها، عنوة وبدون موافقة الدول التى أقاموها فيها، كان من أبرزها فروع المعهد الجمهورى، والمعهد الديمقراطى.

لكن هذا القانون الجديد سوف تسعى منظمات أخرى غير جماعة الإخوان للاستفادة منه، وأن تصبح هيئة جامعة مثلها، حتى تعمل فى السياسة وتتمكن من تكوين فروع لها هى الأخرى خارج مصر.

فالإخوان لن يحتكروا الاستفادة وحدهم من هذا الترخيص الذى يمنحه القانون الجديد لبعض الجمعيات الأهلية للعمل فى السياسة، وإنشاء فروع لها خارج البلاد.. والدليل أن الإخوان لم يستطيعوا احتكار أى شىء فى البلاد، رغم كل المحاولات المستميتة التى يبذلونها من أجل ذلك.

فهم عندما مارسوا الحشد والتظاهر لدعم الحكم شجعوا المعارضين على الحشد والتظاهر ضد الحكم، بل والمطالبة بإسقاطه.. وهم أيضا عندما مارسوا العنف حرضوا غيرهم على ممارسة عنف مضاد.. هم عندما رحبوا باقتحام مقرات الأحزاب والقوى السياسية المعارضة لم يجدوا من يستنكر اقتحام مقراتهم وحرقها!.

لذلك.. فعندما يصبح القانون الجديد للجمعيات الأهلية ساريا سوف يستفيد منه الجميع، وليس الإخوان وحدهم، حتى وإن كانوا قد فصلوه خصيصا على مقاسهم وليكون ملائما لهم.. ونفسها سيكون مشروعا للمعارضين حق الاستعانة بغير المصريين فى الصراع السياسى مع الإخوان، ما دام من حق الهيئات الجامعة إنشاء فروع لها خارج البلاد، وما دام من حقها ممارسة السياسة.

ولا يجب أن يطمئن الإخوان إلى أنهم سوف يتحكمون بعد أن وصلوا إلى الحكم فى الترخيص للجمعيات التى تروقهم.. فالقانون الجديد وإن كان يمنح وزارة الشئون الاجتماعية حق الاعتراض على الترخيص لأى جمعية أهلية، إلا أنه يمنح مؤسسيها حق اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم يقضى بالترخيص لها.

هكذا.. تفعيل القوانين لن يوفر حماية للإخوان، فهذا وهم.. سوف يحميهم فقط أن يحصلوا على رضا الناس.. وذلك لن يحدث حاليا إلا إذا اقتنعوا فعلا أن مصر يجب أن تكون لجمع المصريين وليس لهم وحدهم!..
الجريدة الرسمية