رئيس التحرير
عصام كامل

زَعْبُلّه القلة رجع تانى يا جدعان


لعلكم تذكرون ذلك المشهد العبقرى، فى مسرحية "شاهد ماشفش حاجة"، للفنان المبدع عادل إمام، فكلما أطل عليه محامى المتهم بالقتل فى المسرحية، صرخ بمذاق خاص "زعبلة القلة رجع تانى يا جدعان".. أتذكر هذا المشهد كلما أطل علينا صفوت حجازى بافتكاساته التى لم تبدأ بوضع شروط لإقامة هيفاء وهبى بمصر، وليس انتهاءً بوصفه لزملاء صحفيين محترمين بمجلة الأهرام العربى بالكلاب.


والشيخ صفوت عادة ما تأخذه الجلالة، ويقال: إن فلانًا أخذته الجلالة، فى إيحاء للإتيان بأفعال قد تكون مذهلة، أو غريبة أو عجيبة، وهو الأمر الذى ينطبق على الشيخ محل الموضوع، موضوع المقال، فهو الذى قبّل الأيادى، وهو الذى يرى أن مرسى هو الخليفة، وهو صاحب افتكاسات فاقت افتكاسات جاليليو وأديسون ونيوتن؛ إذ إن كل هؤلاء لم يتطاولوا على جيوش بلادهم أو صحفييها مقابل حفنة "تصفيقات".

والأكادة أن الجلالة إنما تخطف صفوت من نفسه، كلما سمع دوى تصفيق ممثل من ممثلى المسرح أيام جورج أبيض، حيث يخرج الممثل عن النص ضاربًا بما كتبه المؤلف عرض الحائط، وناسجًا من خياله ارتجالًا قد يضحك جمهور المسرح، وهو ما كلف بعض الممثلين الكثير.

والأخ صفوت ندهته الندّاهة، وقال كلامًا فى غزة لا يضاهيه إلا كلام أحمد السقا فى فيلم إبراهيم الأبيض.. السقا كان يقول حِكَمًا ومآثر بعد أن يتجرع زجاجتين من منقوع البراطيش، والشيخ صفوت والحمد لله، لا يتعاطى منكرًا، وإنما يذهب التصفيق به بعيدًا للدرجة التى يردد فيها "أنه ورفاقه بالملايين.. على غزة رايحين، دون أن يذكرهم أحد أن غزة لم تنتقل بعد إلى المقطم، ودون أن يحذره أحد من أن خليفته محمد مرسى مربوط على الدرجة التاسعة، والناس درجات، ومرشح ياخد العاشرة، وده غير العلاوات.. علاوات العشق المتبادل بينه وبين "شيمون بيريز"، صديقه الوفى.

ودون أن يدرى حسبما قالت الفنانة "نجاة"، التى تركت له يدها لتنام كالعصفور بين يديه، يدى حبيبها وليس صفوت، يترك الرجل نفسه لخيال جامح فيقول كلامًا يسىء به إلى من أراد أن يحسن إليهم، فهو عندما يشتم صحفيين ورجال جيش بين أوساط الحمساوية، إنما يسىء إلى الشريف فيهم، ونظن أن فيهم شرفاء؛ لأن الحمساوية لم يكونوا شيئا عندما خاض جيش مصر حروبًا ضارية، ودفع من أبنائه ما لم يدفعه الحمساوية ثمنًا لقضية فلسطين، أما الصحفيون فقد كان منهم من حمل روحه على كتفه فى حروب لا تقل ضراوة من أجل فلسطين وشعبها، وشعبها بالمناسبة أكبر بكثير من حماس وغيرها.

أساء الرجل إلى غيره، أما إلى نفسه فإنه لم يسئ؛ حيث تقاس درجة الإساءة بقيمة الشخص فى مجتمعه، والشيخ صفوت ليس عالمًا جليلًا نخشى على سمعته العلمية، وهو ليس من كبار القوم حتى يحاسَب على قدرهم، وهو كما رأيناه رجل يهوى تقبيل الأيادى، وهذا ليس عيبًا فيه؛ فالإنسان مُيَسَّرٌ لما خُلِقَ له، وهو يرى أن تقبيل أيادى مرسى ضرورة يفرضها الدين، ونحن نرى أننا نعين مرسى ما لم يعصِ الله فينا، وليس من فروض الإعانة تقبيل الأيدى.

وليس من المفترض أن يشغلنا "زعبلة القلة" عن جرائم ترتكب باسم مصر هنا وهناك، ولا يجب أن يشغلنا صفوت حجازى عن مناصرة أبناء غزة الشرفاء فى معركتهم ضد الاحتلال، وضد طغيان من يعذبونهم ويراقبونهم ويلقون بعضهم من أسطح العمارات.. لا يجب أن ننسى أن شعب غزة يعيش محنتين؛ أولاهما فى تل أبيب، وثانيهما من داخل غزة نفسها؛ إذ يكفى أن تكون حماس هى من تطارد المقاومين الشرفاء لإرضاء تل أبيب وأصدقائها فى قصر الاتحادية ومن يواليهم، ولا نظن أن صفوت منهم.



الجريدة الرسمية