مفاهيم إسلامية.. الحياء
الحياء معناه أن تخجل من العيب والخطأ.. والحياء جزء من الإيمان.. قال رسول الله صلى الله عليه، وآله، وسلم: "الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان".. وقال: "الحياء والإيمان قُرَنَاء جميعًا، فإذا رُفِعَ أحدهما رُفِعَ الآخر".
الحياء يمنع الإنسان من أن يخطو نحو الحرام، أو أن يقترف الفساد، أو أن يأكل لقمة مشبوهة المصدر، أو أن ينطق بالبذيء من القول، ويحول بينه وبين الخيانة والخداع والغدر.. إنه خير كله.. ولو اتبعناه في ظروفنا الحالية شديدة الحرج لحققنا المعجزات، ولتجاوزنا الكثير من العقبات والمعوقات.
كان رجل من الأنصار يعاتب أخًا له، ويلومه على شدة حيائه، ويطلب منه أن يقلل من هذا الحياء، ومرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهما، فقال للرجل: "دعه فإن الحياء من الإيمان".
وخلق الحياء لا يمنع المسلم من أن يقول الحق، أو يطلب العلم، أو يأمر بمعروف، أو ينهي عن منكر.. فهذه المواضع لا يكون فيها حياء، وإنما على المسلم أن يفعل كل ذلك بأدب وحكمة، والمسلم يطلب العلم، ولا يستحي من السؤال عما لا يعرف، وكان الصحابة يسألون الرسول صلى الله عليه، وآله، وسلم، عن أدق الأمور، فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم عنها دون خجل أو حياء.
وكان النبي صلى الله عليه، وآله، وسلم، أشد الناس حياءً، وكان إذا كره شيئًا عرفه الصحابة في وجهه، وكان إذا بلغه عن أحد من المسلمين ما يكرهه لم يوجه له الكلام، ولم يقل: ما بال فلان فعل كذا وكذا، بل كان يقول: ما بال أقوام يصنعون كذا، دون أن يذكر اسم أحد حتى لا يفضحه، ولم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابًا (لا يحدث ضجيجًا) في الأسواق.
الحياء من الله: المسلم يتأدب مع الله -سبحانه- ويستحيي منه؛ فيشكر نعمة الله، ولا ينكر إحسان الله وفضله عليه، ويمتلئ قلبه بالخوف والمهابة من الله، وتمتلئ نفسه بالوقار والتعظيم لله، ولا يجاهر بالمعصية، ولا يفعل القبائح والرذائل؛ لأنه يعلم أن الله مُطَّلِعٌ عليه يسمعه ويراه، وقد قال الله - تعالى- عن الذين يفعلون المعاصي دون حياء منه سبحانه: "يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله".
المسلم الذي يستحي من ربــه إذا فعـل ذنبًا أو معصية، فإنه يخجل من الله خجلا شديدًا، ويعود سريعًا إلى ربه طالبًا منه العفو والغفران، وقد قال النبي صلى الله عليه، وآله، وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء"، فقالوا: يا رسول الله، إنا نستحي والحمد لله، قال: "ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وَعَى، والبطن وما حَوَى، ولْتذْكر الموت والْبِلَى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".
المسلم يستحي من الناس، فلا يُقَصِّر في حق وجب لهم عليه، ولا ينكر معروفًا صنعوه معه، ولا يخاطبهم بسوء.
ومن حياء المسلم أن يغض بصره عن الحرام، وعن كل منظر مؤذٍ، مما يقتضي غض البصر، ومن الحياء أن تلتزم الفتاة المسلمة في ملابسها بالاحتشام، فلا تظهر من جسدها ما حرَّم الله، وهي تجعل الحياء عنوانًا لها وسلوكًا يدلُّ على طهرها وعفتها.
وحياء المؤمن يجعله لا يعرف الكلام الفاحش، ولا التصرفات البذيئة، ولا الغلظة ولا الجفاء، إذ أن هذه من صفات أهل النار، وقد قال النبي صلى الله عليه، وآله، وسلم: "الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار".
الحياء له منزلة عظيمة عند الله -سبحانه- فهو يدعو الإنسان إلى فعل الخير، ويصرفه عن الشر، ومن هنا كان الحياء كله خيرًا وبركة ونفعًا لصاحبه، كما قال الرسول صلى الله عليه، وآله، وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخير"، وقال: "الحياء كله خير".