رئيس التحرير
عصام كامل

لبنان دولة معطوبة


طوال الفترة الماضية بدت لبنان وكأنها دولة معطوبة، وتحولت الدولة اللبنانية إلى ما يشبه ليموزين فاخرة بعجلات مربعة، بالتالى فإنها لن تتقدم إلى الأمام فى ظل اتفاق الطائفية فى لبنان الذى يعرقل الحياة السياسية ويقود لبنان من أزمة إلى أخرى خصوصا فى ظل سياقه الإقليمى المترنح، حيث برهنت استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتى على فشل ما يسمى بسياسة "النأى بالنفس".


وأصبحت مدينة طرابلس عرضة لمزيد من معارك الشوارع، وتصاعدت حدة التهديدات بالخطف، كما لو كانت الحرب الأهلى اللبنانية تعود إلى وضعها القديم من جديد، وبات لبنان يعيش أزمة طائفية كبيرة، فيما تصاعدت حدة المظاهرات والتى راحت تضرب كل مظاهر الحياة فى لبنان، ومما ساعد على ذلك الحياة إلى جوار دولة تعانى هى الأخرى من حرب أهلية، كما هو الحال فى سوريا المجاورة، خاصة بعدما انتقل الصراع "السنى - العلوى" من سوريا إلى لبنان، ما أدى لوفاة ستة أشخاص بينهم جندى لبنانى، وهو أمر مرشح للتصاعد فى ظال تنوع التركيبة العرقية فى لبنان، وهى التركيبة التى تلقى بظلالها حتى على نظام الحكم وتوزيع المناصب القيادية ما بين المسلمين والمسيحيين من جانب، وبين المسلمين والمسلمين ثم المسيحيين والمسيحيين من جانب آخر، فرئيس الدولة يجب أن يكون مسيحيا مارونيا، ورئيس الوزراء يجب أن يكون مسلما سنيا، فيما يجب أن يكون رئيس البرلمان مسلما شيعيا، حيث يبدو المشهد الطائفى فى لبنان وكأنه جزء من الهوية اللبنانية.

ويبدو أن استقالة ميقاتى جاءت فى الأساس لتخويف الأحزاب السياسية فى لبنان، وخصوصا حزب الله الشيعى، وكذلك المسلمين السنة من خلال سعد الحريرى والغائب فى الوقت الحالى عن المشهد اللبنانى، حيث يختبئ فى المملكة العربية السعودية منذ عامين بسبب ادعائه بأن هناك مؤامرة لقتله، ويبقى وسط كل هذه المشاهد أن الجيش اللبنانى، لن يقبل أن يفعل أكثر من السيطرة على الشوارع على غرار ما حدث فى مصر، فيما يبقى السيناريو الأسوأ، وهو تحل لبنان إلى دولة معطوبة، فى ظل تصاعد حدة الحرب السورية يوما بعد يوم، ووقتها سيقول كثيرون إن لبنان تستحق الأفضل، لكن الأمر سيتوقف فى النهاية على قدرة المهيمنين على المشهد اللبنانى فى السيطرة سيارة الليموزين الفاخرة بعجلاتها العاجزة عن التقدم إلى الأمام فى ظل الطائفية التى تعرقل الحياة السياسية وتقود لبنان من أزمة إلى أخرى.
 نقلا عن الإندبندنت
الجريدة الرسمية