مخالفة الدستور بين الثانوية العامة والشهادات المعادلة
التعليم والتعلم والبحث العلمى أدوات تُمكن أية دولة من التقدم والازدهار؛ لاسيما وأن الإنسان هو العنصر الفاعل في عملية التنمية، وقد تحدثتُ كثيرًا من قبل في ملف التعليم، ولكن مع ما أُثيرَ مؤخرًا حول تسريبات بعض امتحانات الثانوية العامة، وبعد ما أُثيرَ وما نشر عن الغش الجماعى والغش الإلكتروني، انتقل ذهنى إلى قضية هامة ألا وهى قضية أو مسألة العدالة والمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.
وتساءلت هل تتعامل وزارتا التعليم في مصر مع طلاب الثانوية العامة بشكل عادل ومتساو؟ أي في ظل وجود طلاب مُلتزمين ولجان مُنضبطة وأيضًا وجود طُلاب آخرين يُبدعون في وسائل وأساليب الغش ولجان أخرى غير منضبطة؟ الحقيقة لا؛ فالطالب المُجتهد يتساوى معه طالب آخر غشاش في نفس المجموع داخل النظام الواحد ألا وهو الثانوية العامة.
وبحكم اهتمامى بمنظومة التعليم بصورة كلية أتحدث عن الشهادات الأجنبية المعادلة للثانوية العامة مثل الدبلومة الأمريكية والإنجليزية والكندية وغيرها ونكتشف أن الأمر سيكون أكثر سوءًا، فقد وافقت وزارة التعليم على وجود المدارس الدولية في مصر وتشرف عليها وتراقبها، كما أن طلاب هذه المدارس يعانون من صعوبة الامتحانات التي تأتى من الخارج وتُصحح في الخارج، كما يُنفق أولياء أمورهم النفيس والغالي ليحصل أبناؤهم على تعليم متطور ومنضبط، وعلى الرغم من ذلك تتعامل وزارتا التعليم مع طلاب المدارس الدولية على أنهم طلاب درجة ثانية، وتُلزمهم بحد أدنى (ظالم) للالتحاق بالجامعات الحكومية، وتخصص لهم 5% فقط من الأماكن بالجامعات الحكومية.
كل هذا يُمثل ببساطة تمييزا واضحا بين طلاب الوطن الواحد في مرحلة الثانوية، وعدم المساواة ويحُض على الكراهية ويُضعف الانتماء، وهذا بعكس ما نص عليه الدستور المصرى حيث ورد في المادة 53 "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متسـاوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الأنتماء السياسي أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض" فهل يعد ذلك مخالفة للدستور ؟
ومن ثم يجب على وزير التربية والتعليم أن يضع الآليات التي تضمن انضباط لجان الثانوية العامة، وأن يبتكر هو وخبراؤه من الوسائل ما يساعدهم على ذلك حتى نضمن المساواة بين كل طلاب الثانوية العامة، كما يجب على وزير التعليم العالي أن يعيد عرض الأمر الخاص بالطلاب المصريين الحاصلين على الشهادات الأجنبية على المجلس الأعلى للجامعات، وأن يتخذ قرارات تُزيل هذا التشوه والتمييز ضد هؤلاء الطلاب الذين يشعرون بالظلم وبالحرمان من دخول جامعات وطنهم الحكومية، ويظن بعضهم أن الغرض من هذه القرارات توفير زبائن للجامعات الخاصة.
كل هذه أمور تضر بالتعليم وبمُنتجه وبالشباب المصري وتضعف انتماءه، وأخيرًا اقول لوزارة التعليم: مصر تربتها مليئة بالخبرات الحديثة والمتطورة في العملية التعليمية، ومن ثم يجب الاستعانة بتلك الخبرات وبالأبحاث الموجودة على أرفف مكتبات بعض الكليات في الجامعات بل وتطبيق نماذج طورت التعليم في بلادها في فترة وجيزة؛ ومن ثم ارتقت بمستواها الاقتصادى والثقافى والسياسي، وأصبحت من كبرى الدول الاقتصادية فلا عيب أن نعترف بأخطائنا ولكن العيب أن نستمر فيها.