النسخة الصيني للحلمية
مامدي أحقية البعض في ميراث عمل فني متكامل عاش لسنوات في وجدان الناس واستقر بعالمه الخاص الذي رسمه سيناريست ومخرج كبيران، وكونا مشاعر وأحاسيس شديدة الخصوبة للوطن صورت التاريخ المصري الحديث من عصر الملك فاروق وحتى مطلع التسعينيات على مدى 5 أجزاء، مترعة بالشوق واللهفة والشجن والحنين والألم والفرح؟
السؤال فرضه تقديم جزء سادس لمسلسل بحجم (ليالي الحلمية) الذي ظهر منذ عشرين عاما واستمر معنا 5 سنوات كاملة خلقت نوعا من المعايشة اليومية وكأن أبطال العمل جزء من الأسرة المصرية.. تماما كما كان مسلسل عادات وتقاليد في بداية التليفزيون المصري أو ثلاثية الصاوي (الضحية-الرحيل- الساقية).
لقد عايشنا أبطال الحلمية الأصلييين مثل سليم البدري وسليمان غانم ومباراة الأداء والصراع الدرامي بينهما على طريقة القط والفار بشكل مدهش، يمنح كليهما الأوسكار -لو وجد- بلا منازع، مثلما تابعنا نازج السلحدار وزهرة وعلي وناجي وزينهم طه السماحي في جانب آخر من المباراة الدرامية الممتعة، وهم جيل آخر من زمن اختلف كثيرا عن الآن، أما أن يقفز أحد ليقدم ذلك المسخ الصيني الذي يذكرنا بتقليد فانوس رمضان فإن الأمر قد ينجح من الناحية الظاهرية، أما روح ومشاعر فانوس زمان فمستحيل أن يحققها من قاموا بالتقليد مهما كانوا محترفين.
كان لإسماعيل عبد الحافظ مخرج النسخة الأصلية خصوصية قطعاته السريعة وممارساته المميزة التي تخدم القالب الفني وتضفي تشويقا وإمتاعا على سيناريو يجنح حواره للتأمل ونبش الأوجاع والبناء المتوازي.. وهو يختلف تماما عن أسلوب مجدي أبو عميرة الأكثر هدوءا رغم أنه يحدثنا عن عملية إرهابية في أولى حلقاته ليسقط الإيقاع بالكامل منذ الوهلة الأولى، ويجعلنا نترحم بالفعل على زمن الليالي الأصلية المشغولة بصدف عبد الحافظ وجمل عكاشة التلغرافية التي تقترب من الحكم المؤثرة.
حتى أداء الممثلين بما فيهم من قدموا الأجزاء السابقة كإلهام شاهين وصفية العمري وهشام سليم يبدو بدوره مفتقرا للحماس وروح الأجزاء الأولى، لتبقي المعضلة في مدى أحقية أي فنان في استخدام حياة درامية كاملة عشناها من خلق وتصورات مبدعين آخرين، ليبني عليها متقمصا مشاعرهم وأفكارهم ورؤيتهم، وهو الأمر الذي يشبه تماما أن يفكر أديب آخر في كتابة جزء جديد لحرافيش نجيب محفوظ أو جزء رابع لثلاثيته الشهيرة، فهو ضرب من الجنون والعشوائية التي نعيشها، والتي يجب التوقف عنها فورا، ولذلك فعل كبار نجومنا أمثال السعدني والفخراني خيرا بالاعتذار عن المشاركة في هذا الفعل العشوائي.
لقد كبر جيلي مع (ليالي الحلمية) التي أعرف عنها الكثير بحكم اقترابي من سكان هذا المكان الذي يجمع بين الارستقراطية والشعبية لفترة قبل أن تفترسه العشوائية، حيث شاهدنا بأسلوب درامي مهني رائع هذه التحولات التي وقعت لمصر، وكيف تغيرت مشاعر الناس عبر نوستولوجي احترفه الراحل أسامة أنور عكاشة، وبرع في صياغته والحديث عنه، تماما كما برع في نسج أعماله الدرامية الأخري التي ناقش معظمها هذه التحولات، وهجوم العشوائية والغوغاء أمثال بهروز والمليجي على حياتنا مع فترة الانفتاح الاقتصادي...
ووصل أسامة لقمة نضوجه مع (الراية البيضاء) ليرصد هجوم طبقة (فضة المعداوي) ومجتمعها التحتي بأموالها ليكتسح ثقافة وحضارة الطبقة المتوسطة والمثقفة، ويستولي على آخر حصون المقاومة الفكرية، لكن تظل ليالي الحلمية هي الجانب الملحمي الأصيل والمتكامل لعوالم وأجيال وطبقات في سوسولوجيا اجتماعية، ندر أن تجدها في الدراما المصرية التي تشبه علب التيك أواي التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
لقد عايشنا أبطال الحلمية الأصلييين مثل سليم البدري وسليمان غانم ومباراة الأداء والصراع الدرامي بينهما على طريقة القط والفار بشكل مدهش، يمنح كليهما الأوسكار -لو وجد- بلا منازع، مثلما تابعنا نازج السلحدار وزهرة وعلي وناجي وزينهم طه السماحي في جانب آخر من المباراة الدرامية الممتعة، وهم جيل آخر من زمن اختلف كثيرا عن الآن، أما أن يقفز أحد ليقدم ذلك المسخ الصيني الذي يذكرنا بتقليد فانوس رمضان فإن الأمر قد ينجح من الناحية الظاهرية، أما روح ومشاعر فانوس زمان فمستحيل أن يحققها من قاموا بالتقليد مهما كانوا محترفين.
كان لإسماعيل عبد الحافظ مخرج النسخة الأصلية خصوصية قطعاته السريعة وممارساته المميزة التي تخدم القالب الفني وتضفي تشويقا وإمتاعا على سيناريو يجنح حواره للتأمل ونبش الأوجاع والبناء المتوازي.. وهو يختلف تماما عن أسلوب مجدي أبو عميرة الأكثر هدوءا رغم أنه يحدثنا عن عملية إرهابية في أولى حلقاته ليسقط الإيقاع بالكامل منذ الوهلة الأولى، ويجعلنا نترحم بالفعل على زمن الليالي الأصلية المشغولة بصدف عبد الحافظ وجمل عكاشة التلغرافية التي تقترب من الحكم المؤثرة.
حتى أداء الممثلين بما فيهم من قدموا الأجزاء السابقة كإلهام شاهين وصفية العمري وهشام سليم يبدو بدوره مفتقرا للحماس وروح الأجزاء الأولى، لتبقي المعضلة في مدى أحقية أي فنان في استخدام حياة درامية كاملة عشناها من خلق وتصورات مبدعين آخرين، ليبني عليها متقمصا مشاعرهم وأفكارهم ورؤيتهم، وهو الأمر الذي يشبه تماما أن يفكر أديب آخر في كتابة جزء جديد لحرافيش نجيب محفوظ أو جزء رابع لثلاثيته الشهيرة، فهو ضرب من الجنون والعشوائية التي نعيشها، والتي يجب التوقف عنها فورا، ولذلك فعل كبار نجومنا أمثال السعدني والفخراني خيرا بالاعتذار عن المشاركة في هذا الفعل العشوائي.
لقد كبر جيلي مع (ليالي الحلمية) التي أعرف عنها الكثير بحكم اقترابي من سكان هذا المكان الذي يجمع بين الارستقراطية والشعبية لفترة قبل أن تفترسه العشوائية، حيث شاهدنا بأسلوب درامي مهني رائع هذه التحولات التي وقعت لمصر، وكيف تغيرت مشاعر الناس عبر نوستولوجي احترفه الراحل أسامة أنور عكاشة، وبرع في صياغته والحديث عنه، تماما كما برع في نسج أعماله الدرامية الأخري التي ناقش معظمها هذه التحولات، وهجوم العشوائية والغوغاء أمثال بهروز والمليجي على حياتنا مع فترة الانفتاح الاقتصادي...
ووصل أسامة لقمة نضوجه مع (الراية البيضاء) ليرصد هجوم طبقة (فضة المعداوي) ومجتمعها التحتي بأموالها ليكتسح ثقافة وحضارة الطبقة المتوسطة والمثقفة، ويستولي على آخر حصون المقاومة الفكرية، لكن تظل ليالي الحلمية هي الجانب الملحمي الأصيل والمتكامل لعوالم وأجيال وطبقات في سوسولوجيا اجتماعية، ندر أن تجدها في الدراما المصرية التي تشبه علب التيك أواي التي لا تسمن ولا تغني من جوع.